مسرحية (( السلطان عبد الحميد )) د. صلاح عدس

بقلم :  باحث دكتوراة / عثمان فاروق - جامعة العلامة إقبال - باكستان

تتناول مسرحية “السلطان عبد الحميد” فترة  مفصلية من تاريخ الدولة العثمانية، مسلطةً  الضوء على شخصية السلطان عبد الحميد الثاني (1842-1918م)، الذي أثارت سيرته جدلا بين من يعتبره مستبدا ومن يراه قائدًا حكيمًا حاول إنقاذ أمته  من  التفكك. يقدّم  صلاح عدس السلطان عبد الحميد في صورة الحاكم البصير، الذي واجه المؤامرات الداخلية والخارجية، ورفض إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين رغم الضغوط والإغراءات.

تتمحور المسرحية حول الصراع بين السلطان والقوى الغربية، التي سعت إلى تفكيك الدولة العثمانية، بدءًا من اتفاقية سايكس بيكو (1916م) التي قسمت أراضي المسلمين، وصولا إلى وعد بلفور (1917م) الذي مكن  الحركة الصهيونية من فلسطين.

كما تكشف المسرحية عن الخيانة الداخلية، حيث تآمرت  القوى العلمانية والماسونية على السلطان مما أدى إلى سقوط الخلافة العثمانية على يد كمال أتاتورك ، وانسياق العالم الإسلامي خلف شعارات زائفة مثل “الحرية” و”التمدن”. يسلط الكاتب الضوء على الصراع الداخلي  الذي عاشه السلطان، إذ كان يسير على خيط رفيع بين ضرورة الإصلاح والحفاظ على الهوية الإسلامية في مواجهة خصومه الذين رأوا في تبني الأنظمة الغربية السبيل الوحيد للتقدم.

كما تسلط المسرحية الضوء على المؤامرات السياسية التي دبرت ضده، بدءًا من شخصيات مثل صباح الدين ومحمود باشا، وصولًا إلى التدخلات الأجنبية (بريطانيا، فرنسا، وروسيا)، التي دعمت الحركات الانفصالية لزعزعة أركان الدولة. وتبلغ الحبكة ذروتها عندما يرفض السلطان بيع فلسطين رغم العروض المغرية التي قدمها  له تيودور هرتزل، ليؤكد موقفه الراسخ في الدفاع عن الأمة.

وفي النهاية، تُبرز المسرحية النتائج الكارثية لسقوط السلطان عبد الحميد إذ لم يكن سقوطه مجرد نهاية حاكم، بل

كان بداية انهيار الخلافة الإسلامية وسيطرة القوى الاستعمارية على العالم الإسلامي.

تطرح المسرحية رؤية نقدية للتاريخ الحديث، مؤكدة أن الهوية الإسلامية هي الحصن الأخير في مواجهة مخططات

التفكيك والتغريب، وأن المؤامرات التي أطاحت بالسلطان عبد الحميد لا تزال تتكرر بأشكال مختلفة حتى اليوم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.