الكاتب  محمد نبيل يكتب : “السيرة السيناوية” .. الجزء الثانى (العهد)

وداد حجاب ,, وداد مقاتلة تعشق الأرض!

الكاتب محمد نبيل محمد
روايات البطولة خلف الخطوط
تجنيد المفتشة الصهيونية “حنا”
أبناء سيناء قاموا بما عليهم لصالح هذا الوطن، وكانوا أول مَن سدد فاتورة الدم دفاعًا ليس فحسب عن سيناء إنما عن الوطن.. ترابه المقدس وأهله الطيبين، وكان مقتضى الحال يستوجب حكى بطولات المصريين أبناء سيناء؛ ليس سردًا لمرثية هؤلاء الرجال والنساء والأطفال بل لرد الفضل لأصحاب الفضل على كامل الوطن، هم مَن تقدموا طواعية عقب النكسة لمساعدة قواتنا المسلحة فى استعادة الأرض والكرامة ولو كلّفهم هذا السبيل الروح والدم، ولم يعلموا أن أحدًا سيذكرهم، ولم يقدموا على التضحية لمجد يسعون إليه بل لمجد الوطن وأهله… وهم الذين منحتهم أرض سيناء المقدسة نوعًا من قداسة البطولة، وكرم التضحية، وعفوية الفداء.

مع تفانى “وداد” فى عملها الوطنى زاد تقدير مشايخ ورجال منظمة سيناء لها ويحكى “خالد” عن صعادة والدته عندما علمت

بانضمامها إلى منظمة مجاهدى سيناء:” ذات يوم وكان عليها السفر إلى غزة لتدبير شراء كمية من الورق كلفها بها الشيخ، وكانت قد
اعتادت السفر الى غزة مع صديقتيها “ايفون” و”يهوديت” ولصغر سنها لم يكن الحجاب ذا اهمية أو يشكل عائق فى حياتها، فكانت
تذهب لتصفيف شعرها مع صديقاتها فى غزة وتشترى الورق المطلوب، لكن السفر هذه المرة كان مع صديقة من بنات سيناء تشاركها
العمل الوطنى، وتفاجئت بالمفتشة على المعبر تسألها باللغة العربية ـ الركيكة ـ عن سبب وجود هذه الكمية الكبيرة من الورق
الابيض، فبسرعة بديهة ردت “وداد” بالعبرية التى اصبحت تجيدها بطلاقة: انا مهتمة بكتابة الشعر والقصص ولا يوجد فى العريش مكان
يبيع الورق الابيض، وبثقة تامة زادت عليها: انا بكتب الشعر والقصص بالغبرية أيضا لة تحبى تقرأى لى ّ أكن ممتنة وسعيدة وصديقاتى
يزدن واحدة مهمة بالنسبة لىّ، .. ودون ان تشعر المفتشة وجدت نفسها تقع فى مصيدة التعارف مع “وداد” وبادلتها الاهتمام بالقرأة
لما تكتبه “وداد” وشدت على يديها وهى تقول:انا سعيدة جدا ان العرب بيكتبوا شعر وقصة بالغبرية لازم نبقى اصدقاء.
ومر اليوم لصالح “وداد” ولم تكن تخطط لذلك انما سرعة البديهة التى تتميز بها ساقتها لهذا النجاح، وتحقيق تجنيد
سلبى لهذه المفتشة من جيش الصهاينة على معبر غزة، ولم تنتظر عندما دخلت سيناء ان تعود لبيتها ثم تقابل
الشيخ لتحكى له عن نجاحها فى تجنيد هذه المفتشة وانها اقنعتها بحبها للكتابة بالعبرية، وعلى الفور طلب منها
الشيخ ان تكتب قصائد وقصص بالعربية والعبرية وان تلك فكرة جيدة يجب حسن استغلالها، وبالطبع تسلم جزءا يسيرا
من رزم الورق على ان يتم تسليمه الباقى على دفعات حتى تطمأن “وداد” ان لا احد سيهجم على منزلها ويبحث
عن رزم الورق الابيض حال إذا كان هناك من يراقبها، واستحسن الشيخ بدوره هذا الاجراء الآمن.
وبعد ان تركت “وداد” الشيخ توجهت لاحدى صديقاتها ممن قد لاحظت فى بيتها وجود روايات لاحسان عبد القدوس
وقصص ليوسف ادريس، واستعارتها منها متظاهرة بوجود حب جديد فى حياتها وانها ترغب فى القراءة عن
الرومانسية، وبشىء من اظهار علامات الوجد اقنعت صديقتها ونالت مرادها، وعادت البطلة الى بيتها، تحكى لوالديها
واخوتها عن هؤلاء الجرحى والأسرى التى تعالجهم فى المستشفى وكيف انها تتألم عندما تقارن ما قاموا به وبين ما
تقوم هى به، إذ تتصاعر أمامها أية تضحيات من الوقت والجهد أمام ما يقوم به هؤلاء الجنود، وتعلن متظاهره بإخفاء اية
شكوك قد ترد على خاطر واحد من اسرتها: كم كنت اتمنى ان اكن ولدا لفعلت الكثير لبلدى…
وهى لا تدرى وقع تلك الجملة على اخيها وابيها (!).
وتبيت البنت فى غرفتها تنقل قصصا مقلدة من حكايات يوسف ادريس وتترجمها للعبرية فهى لابد وان تستنر فى
استثمار هذه الفرصة ولن تتوانى عن مصادقة المفتشة العبرية التى كانت فى الأراضى المحتلة.
ومر اسبوع وتذرعت برغبتها بمزاملة “ايفون” فى سفرها لغزة لتصفف شعرها، وعند عودتهما حرصت على الا تشترى
رزم من الورق بل قصائد ودوواوين كما حملت معها احدى القصص التى تصنعت كتابتها وترجمتها الى العبرية لتهديها
الى المفتشة “حنا” التى لم تكن قد علرفت اسمها بعد، وكانت تظن انها ستقابلها عند خروجها من غزة لكن كانت
واحدة اخرى وأيضا لم تفتشها لوجود “ايفزن” معها، فتوجهت “وداد” ناحيتها وسألتها بالعبرية حتى تطمأن لها عن
زميلتها التى لا تعرف اسمها واخذت فى وصفها ، فأبلغتها المفتشة الجديد بان اسم من تسألها عنها “حنا” وهى
الان فى وقت الراحة، فتركت “وداد” معها مظؤوف فيه القصة الرومانسية بالعبرية ومزيلة باهداء لصديقتها الجديدة
“حنا”.
ثم عادت لصديقتها “ايفون” ودون ان تسبقها بالسؤال بادرتها وقصت عليها ما حدث، فقالت لها” ايفون” لذلك انا حبيتك
يا “وداد” انت طيبة ومحبة للناس كلهم مهما اختلفوا فى ظروفهم.
وعادت “وداد” لسيناء وقد انهت نسبة كبيرة من تجنيدها لـ “حنا” التى تتوقع منها مقابلة حسنة وجيدة فى المرات
القادمة لتسهل لها فرص الانتقال داخل الاراضى الفلسطينية المحتلة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.