ناصر النوبي يكتب : فلسفة النضال .. وأنواع المناضلين 1

قال الإمام علي رضي الله عنه : “لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه”
دعونا نغوص قليلا فى النفس البشرية ونتعرف على أنواع المناضلين ، وأداءهم المتباين.. النوع الأول هو النوع الحقيقى المخلص الذى يعمل من قلبه ويؤكد فعله ذلك ، فهو لا يمكن ان يشتريه أحد ، ويضحى من أجل ما يناضل به بالفكر والمال وربما يعرضه ذلك الى عداء الخصوم وانتقامهم .. لان طريق الحق ليس سهلا ولأن كل الطاقات السلبية تقف ضده ، ولأن فعل الخير لا ترضى عنه القوى الشريرة ، فهو يقف ضد مصالحهم التى اتفقوا عليها فى الظلام لذا قال الامام على رضى الله عنه “لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ” فهو طريق وعر وليس سهلا ، لأن فعل الشر أكثر سهولة من الخير ، لأنك عندما تقرر فعل الخير ومناصرة الحق ، تجد كل الشياطين تقف ضدك ، الإنس والجن معا متحدون فى فعل الشر
أما اذا قررت أن تنتمى لمعسكر أحفاد “ست” فإن حياتك تبدو سهلة ، وأمورك أكثر سلاسة ،وتستطيع تحقيق المصالح والثراء بشكل سريع لأن قوى الشر تقف معك ،ضعف الطالب والمطلوب !
وهناك نوع من المناضلين يضع خطوط حمراء عندما يناضل، تظن أنه معك يقف معك أو يقف فى ظهرك ، وفجأة عندما تحتدم الأمور ويجد نفسه فى المواجهة يختبئ ويخنس مثل الوسواس الخناس ويتركك،وحيدا تصارع طواحين الهواء !
هؤلاء ليس لهم عهد ولا يمكن الاعتماد عليهم رغم أنهم يدعون أنهم مع الحق والمصلحة العامة والوطن .. مثل هؤلاء
يعبدون الله على حرف اذا احسوا بالخطر، اختبؤا فى اقرب الجحور، مثلهم مثل الثعالب والطيور بلا أجنحة ..
تبدو جميع الطيور التى لديها جناحات أنها تستطيع الطيران بحرية لكن لا يجب ان ننسى ان هناك طيور لديها أجنحة ولكنها مثل البط يمكن أن تطير اذا اضطرتها الظروف .. ولكنها تطير على ارتفاع منخفض حتى تبتعد عن الخطر ..لذا فان حورس عندما كان فى مواجهة مع “ست” كان صقرا، ولم يكن بطة ! وما اكثر البط مقارنة بالصقور !
وهناك نوع آخر يتسم بالجراءة فى المشهد الأول والثانى والثالث ، حتى تقتنع أنه من الأحرار .. لكن يكشفه أنه لا
يفعل ذلك لوجه الله .. دائما غروره يخدعه ويزين له أنه الزعيم ، مع أن النضال لا يحتاج الى زعماء ، بل يحتاج إلى
مخلصين ..
هكذا كان الحواريون سندا ونصيرا للسيد المسيح ، وبالمثل كان الأنصار طوق النجاة للرسالة المحمدية وبعد أن اتحدوا
مع النبى ، انتشرت الرسالة فى أرجاء العالم !
يجب ألا يكون المناضل جريئا فقط ..بل يجب ان يتخلى عن طموحاته الذاتية ، وان تكون نيته خالصة لوجة الله والحق ،
لا يشوبه أى أنانية ،او طموح شخصى ، وبالمناسبة جولات النضال تكشفه ويصبح بطلا من ورق ، بطلا مثل تمثالا
“ممنون ” بالبر الغربى حيث حاول الإغريق أن يقنعونا أن البطل “ممنون ” الذي حلت روحه بتمثالا الملك العظيم
امنحوتب الثالث ، يبكى صباحا ومساءً ، ويصدر أصواتا.. لكن هذا البطل الإغريقى استولى على ما لا يملك
فالتمثالين، يخصا الملك العظيم امنحوتب الثالث ابو اخناتون، وعندما تم ترميم التمثالين،توقف البطل عن الصياح ،لأنه
كانت هناك بعض الفتحات والخروم التى اذا دخل فيها الهواء اصدرت أصوات ونحيبا، ونداءا !
وهكذا بعض المناضلين، يحتاجون الى الترميم،وغلق فتحات واخرام ( الأنانية ) التى اذا لم يتم علاجها
هناك اختبارات يمكن القيام بها لمعرفة الصادقين من الكاذبين ..هكذا شهدت الأرواح فى الأزل انها تؤمن بالله ، وهى
مازالت فى الأزل، قال لهم الله : هيا بنا للتجربة .. هيا بنا إلى الحقيقة ، وبعد قليل كفرت الأغلبية بأن الله خالق
السموات والأرض ، وانك الآن لو سألت الملايين هل تعتقد أن هناك إله؟ الاجابة ..ربما ، او اظن ، أو لا أعتقد !
هكذا الأرواح كانت تحتاج الى التجربة ،وإلى الاحتكاك بعالم الشياطين حتى تكفر،بينما ظل المخلصون على عهدهم
وايمانهم!
طبيعة النضال تحتاج الى ايمان حقيقى ،ولا تقبل بأنصاف المناضلين ، او هولاء الذين يعبدون الله على حرف ،وقد
امتلكت الدنيا قلوبهم ، فينكشفون فى الميدان ومع ذلك اذا اتيحت لهم الفرصة وكتب لهم النصر فإنهم يسرقون
البطولة قبل الانتصار ومعهم من يطبلون لهم ، مع انهم اذا نظروا، إلى المرآة يعرفون انهم لصوص بطولة !
لذا قال لى ابى يرحمه الله : لا تناضل وحدك ، وأضاف ان كثير من المناضلين فى المراحل الأولى يقفون معك ، وبعد
ان يشتد الوطيس يختفون تحت طاقية الإخفاء .. هولاء هم المنافقون او الجبناء ،
(قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ*) الآية ٢٣ سورة المائدة
وقد كان مصير الخيانة والجبن انهم تاهوا ٤٠ عاما فى الصحراء !!