افتتحت قناة السويس في ١٨٦٩م، مع امتلاك الحكومة المصرية ٤٤% من أسهمها، وأدت القناة إلى تغيير الأهمية الإستراتيجية لمصر، خاصة بالنسبة للإنجليز التي توفر لها طريقًا أقصر إلى مستعمراتها الكبرى بالهند، وعندما تراكمت الديون على الخديوي إسماعيل قام ببيع حصة مصر من القناة في عام ١٨٧٥م.
منذ ذلك الحين صار الاستيلاء على هذه الطريق المائي الجديد من أغراض السياسة الإنجليزية، خاصة بعد تحقيق ألمانيا وإيطاليا لوحدتهما السياسية ودخولهما ميدان المنافسة الاستعمارية، وما يترتب على ذلك من تأثير على مركز بريطانيا في حوض البحر المتوسط، وكان ذلك كفيلًا بأن تتحول أطماع بريطانيا نحو مصر والقناة باعتبارهما مفتاح السيطرة في البحر المتوسط والمدخل للتوسع الاستعماري في إفريقيا، فضلًا عن أن بقاء القناة تحت السيطرة الفرنسية أمر لم يكن يطمئن إنجلترا في حركتها التجارية أو في الوصول إلى مستعمراتها في الهند.
في البداية لم تقبل إنجلترا على استخدام القناة في طريقها إلى الهند إلا في سنة (1306هـ – 1888م) بعد أن فرضت سيطرتها التامة على القناة ومصر، وقبل هذا التاريخ اكتفت بسفينتين كل شهر، وكانت تهدف من وراء ذلك إلى إظهار مشروع القناة في صورة خاسرة، ومضاعفة متاعب الشركة، بل أرادت أن تشتري القناة بأبخس سعر ممكن، وتمكنت من شراء أسهم مصر في القناة في (ذي القعدة 1292هـ – نوفمبر 1875م) واعتبر هذا البيع ضربة موجعة شديدة للمصالح الفرنسية، أما بريطانيا فطالبت بحقها في إدارة القناة.
أخذت إنجلترا وفرنسا من ذلك الوقت تستبق كلتاهما الأخرى إلى الإكثار من مصالحها الاقتصادية والسياسية في مصر، وكانت القناة رأس هذه المصالح، تمهيدًا للتدخل في شؤونها والاستيلاء عليها،
كانت قناة السويس 1859-1869 من أهم طرق النقل والمواصلات بين الشرق والغرب، ويعد هذا باعثًا على إيقاظ المطامع الاستعمارية نحو مصر، وكان في إنجلترا في منتصف القرن التاسع عشر حزب حر يخشى على الإمبراطورية البريطانية من تفككها، ويحارب فكرة الاستعمارية.
عندما تكونت في أوروبا الجمعيات الجغرافية، وكثرت الاكتشافات في القاهرة الإفريقية، وربطت قناة السويس أجزاء الإمبراطورية بعضها ببعض، عدل الحزب الحر عن آرائه، وظهرت أهمية قناة السويس الحربية والسياسية بالنسبة للهند، وأهميتها الاستعمارية والتجارية بالنسبة لإفريقيا.
لم يمضِ وقت طويل حتى رأت بريطانيا أن مصالحها التجارية والسياسية مرتبطة بالقناة، لذلك استغلت الأزمة المالية الخانقة التي تعرضت لها مصر في أواخر عهد إسماعيل، وتدخلت في الشؤون السياسية والمالية في البلاد، وهو الأمر الذي انتهى بالاحتلال البريطاني لمصر في (1300هـ – 1882م).
سنكمل ان شاء الله فى القادم كيف أدار الخديوية قناة السويس؟!.