مصر- المغرب.. أخوَّة دائمة عَبْرَ التاريخ والعصور
علاقات سياسية.. خَلَقَتْها "المَحَبَّة الأخويّة"
تقرير يكتبه : مصطفى ياسين:
تعيش العلاقات المصرية- المغربية حالة من التفاهم والتعاون، “المُغَلَّف” بالأخوة والمحبَّة المتبادلة التى تنعكس على مظاهر التواصل، سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى الجماهيرى، وتزداد ترسُّخًا وتعمُّقًا، بالعلاقة الأخوية التى تربط الزعيمين فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجلالة الملك محمد السادس، حفظهما الله.
ومن هذا المنطلق تأتى الزيارة الأخوية التى يقوم بها د. بدر عبدالعاطي- وزير الخارجية والهجرة- منذ أمس الأربعاء ٢٨ مايو إلى المملكة المغربية، في زيارة ثنائية تستهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
وتشهد الزيارة حاليا عدة لقاءات لوزير الخارجية مع كبار المسئولين المغاربة لبحث سبل دفع التعاون الثنائي في المجالات المختلفة، فضلًا عن تبادل الرؤى إزاء التحديات الإقليمية ودعم الأمن والاستقرار بالمنطقة.
رسالة خطِّيَّة
ففي مُسْتَهَلِّ زيارته إلى الرباط، عقد د. بدر عبدالعاطي جلسة مباحثات أمس الأربعاء مع شقيقه السيد ناصر بوريطة، وزير الشئون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وصرح السفير تميم خلاف- المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية- أن الوزير عبدالعاطي سلَّم رسالة خطِّيّة موجّهة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أخيه جلالة الملك محمد السادس.
تعزيز العلاقات
وأكد د. عبدالعاطي اهتمام مصر بتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، معربًا عن التطلّع لدفع مسار العلاقات الثنائية من خلال عقد اللجنة العليا المشتركة بالقاهرة، واجتماع “آلية التنسيق والتشاور” على مستوى وزيري خارجية البلدين.
وأبرز الاهتمام بالارتقاء بمسار التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وهو ما عكسته زيارة السيد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية إلى الرباط في فبراير ٢٠٢٥.
منتدى الأعمال
وأشاد وزير الخارجية بنجاح عقد منتدى الأعمال المصري- المغربي في ٤ مايو بالقاهرة بمشاركة ١٤٨ شركة من الجانبين (٧٤ شركة مصرية، و٣١ شركة مغربية)، مبديًا حرص مصر على متابعة نتائجه في الفترة المقبلة، تمهيدًا لعقد اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين في أكتوبر المقبل بالقاهرة. كما تم الاتفاق بين الجانبين على تشكيل لجنة للتنسيق والمتابعة تحت رئاسة رئيسي الوزراء وبمشاركة الجهات الحكومية المختلفة وتعقد قبل نهاية العام الجاري.
تبادل الرؤى
وقد تبادل الوزيران الرؤى إزاء عدد من القضايا الإقليمية، وفي مقدّمتها الأوضاع في قطاع غزَّة، حيث استعرض الوزير عبدالعاطي الجهود التي تبذلها مصر لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستئناف اتفاق وقف إطلاق النار، والنفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية، متناولًا الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، والمؤتمر الذي تعتزم مصر استضافته لإعادة إعمار القطاع فور وقف إطلاق النار، مشيدًا في هذا الإطار برئاسة جلالة ملك المغرب للجنة القدس، وإسهامات اللجنة في دعم القضية الفلسطينية.
كما تناول اللقاء بحث آخر المستجدات في سوريا ولبنان وليبيا ومنطقة القرن الأفريقي والساحل، بجانب مسألة أمن الملاحة في البحر الأحمر، فضلًا عن موضوع الأمن المائي المصري، حيث ثمّن الوزير عبدالعاطي موقف المغرب الداعم للأمن المائي المصري.
لجنة مشتركة
وتم الاتفاق على تدشين لجنة مصرية- مغربية مشتركة للتنسيق والمتابعة برئاسة رئيسي وزراء البلدين، تضم وزراء المجموعة الاقتصادية وكبار المسئولين المعنيين من الجانبين.
ومن المقرر أن تعمل اللجنة تحت مظلَّة اللجنة العليا المشتركة برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وجلالة ملك المغرب، على أن تنعقد بشكل دوري وبالتناوب بين البلدين. ومن المنتظر أن تعقد دورتها الأولى قبل نهاية العام الجاري، حيث سيكون لها مردود إيجابي على تعزيز التبادل التجاري وضخِّ الاستثمارات المتبادَلة وتعزيز الشراكة التجارية على المستوى الإقليمي، أخذًا في الاعتبار وجود العديد من الأُطُر المؤسَّسية التي تجمع بين مصر والمغرب، وعلى رأسها اتفاقية أغادير واتفاقية التجارة القارّيّة الأفريقية.
الإرادة السياسية
ويعكس الاتفاق على تدشين اللجنة الجديدة الإرادة السياسية للدولتين الشقيقتين لتعزيز أوجه التعاون الثنائي، والسعي المشترك لتنفيذ توجيهات قيادتي البلدين بتكثيف الجهود من أجل الارتقاء بمستوى التعاون الإقتصادي والتجاري والاستثماري، وكذلك عبْر تفعيل الأطر المؤسسية الإقليمية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها.
دعم مغربي
من جانبه، أكد وزير الخارجية المغربي، السيد ناصر بوريطة، دعم بلاده الكامل والثابت للحقوق المشروعة لمصر في قضية أمنها المائي، مشدِّدا على أن أمن مصر المائي يعدُّ جزءا لا يتجزَّأ من الأمن القومي العربي، مشدِّداً على ضرورة حلِّ النزاع من خلال الحوار السياسي بما يضمن الحقوق التاريخية لكل الأطراف، وأن التفاوض هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن المائي والاستقرار الإقليمي.
الخارجية والنواب
واجتمع د. بدر عبدالعاطي، اليوم الخميس، مع السيد راشيد الطالبي العَلَمِي- رئيس مجلس النواب المغربي- وأكد د. بدر اعتزاز مصر بالعلاقات مع المغرب الشقيق، معربًا عن التقدير للدور المغربي إقليميًا ودوليًا، مبديًا الحرص على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات. وثمّن التنسيق والتشاور القائم بين البلدين، والتطلّع لعقد الدورة الرابعة من آلية التنسيق السياسي والحوار الاستراتيجي برئاسة وزيري خارجية البلدين.
وأشار إلى الأهمية التي توليها مصر لتعزيز العلاقات التجارية والصناعية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين، والرغبة في البناء على النتائج الهامة لزيارة كل من السيد المهندس/ حسن الخطيب- وزير الاستثمار والتجارة الخارجية- للمغرب في فبراير ٢٠٢٥، وكذلك زيارة السيد/ عمر حجيرة- كاتب الدولة المغربي المكلَّف بالتجارة الخارجية بوزارة الصناعة والتجارة- في مايو الجاري إلى القاهرة، وذلك لدفع حركة التجارة بين البلدين وتدشين شراكات ناجحة بين القطاع الخاص في مصر والمغرب.
وتناول الرؤية المصرية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، وفق منظور يحقق تكامل اقتصادي يخدم مصلحة الطرفين ويعمل على زيادة الاستثمارات والتعاون في مجال الصناعة كإطار أشمل للتعاون الاقتصادي والتجاري، معربًا عن استعداد الشركات المصرية للمشاركة في مشروعات البنية التحتية الجاري إقامتها بالمغرب في إطار الاستعدادات لكأس العالم ٢٠٣٠.
عراقة برلمانية
من جهة أخرى، أشاد د. بدر، بالتاريخ العريق لمجلس النواب المغربي وإسهاماته الهامة في الحياة النيابية المغربية، مثمِّنًا الدور النشط للدبلوماسية البرلمانية المغربية، والتي يضطلع مجلس النواب المغربي بدور رئيسي فيها على الصعيد العربي والأفريقي والمتوسّطي واللاتيني، مؤكّدًا في هذا السياق على دور الدبلوماسية البرلمانية في دعم القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية في المحافل البرلمانية.
كما أشاد بالعلاقات المتميزة بين مجلسي النواب في مصر والمغرب، مشيرًا إلى تطلّع الجانب المصري لمزيد من التعاون والتنسيق بما يشمل تبادل الخبرات البرلمانية بين البلدين، خاصة فيما يتعلّق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك. وأكد حرص مصر على تعزيز الزيارات المتبادَلة بين رؤساء المجالس النيابية في البلدين، مبرزًا زيارة السيد المستشار/ عبدالوهاب عبدالرازق- رئيس مجلس الشيوخ المصري- في أبريل ٢٠٢٥، ولقاءه بالسيد رئيس مجلس المستشارين المغربي/ محمد ولد الرشيد.
الخارجية والصناعة
كما التقى د. بدر عبدالعاطي، اليوم الخميس ٢٩ مايو مع السيد رياض مزور- وزير الصناعة والتجارة المغربي في الرباط- وأبدى د. بدر، الحرص على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات، مبرزًا الفرص المتاحة لتدشين شراكات ناجحة بين البلدين والجهود القائمة لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية على ضوء الزيارات المتبادلة بين مسئولي الدولتين، مبديًا التطلع لتحقيق تكامل اقتصادي وتجاري وصناعي بما يخدم مصالح البلدين، مشيرًا إلى الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه بين مصر والمغرب خلال زيارة السيد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية للمغرب بهدف تيسير التبادل التجاري ونفاذ الاستثمارات.
واستعرض تطوّر أداء الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى الفرص العديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والمغرب وزيادة حجم التجارة البينية وإزالة أية عوائق للتجارة بين البلدين، ودعم الاستثمارات المغربية في مصر وكذا الاستثمارات المصرية في السوق المغربي.
وتناول وزير الخارجية الأطر والاتفاقات التجارية بين البلدين، والفرص الواعدة لاستهداف الأسواق الأفريقية المجاورة لكلا البلدين.
وأشار إلى ضرورة البناء على نتائج ملتقى الأعمال المصري/ المغربي الذي انعقد بالقاهرة مايو ٢٠٢٥، مؤكدًا رغبة مصر في تعزيز مبدأ الشراكة الاقتصادية مع المغرب والاستفادة من الفرص القائمة في السوقين وأسواق الدول المجاورة، مشدِّدًا على أهمية عقد اللجنة التجارية المشتركة في عام ٢٠٢٥ بالقاهرة لبحث الموضوعات التجارية بين البلدين.
وأعرب عن التطلّع لمشاركة الشركات المصرية في مشروعات البنية التحتية الجاري إقامتها بالمغرب في إطار الاستعدادات لكأس العالم ٢٠٣٠، مبرزًا كذلك الاهتمام بتعزيز المشاركة المصرية في المعارض/ المنتديات الدولية التي تُعقد في المغرب سنويًا للترويج للفرص الاستثمارية والصفقات التي يمكن إبرامها بين البلدين في مختلف المجالات.
وأكد على الاهتمام ببحث التعاون بين الموانئ المصرية والمغربية في مجال النقل اللوجيستي بما يسهم في دفع حركة التجارة بين البلدين.
لقاء الأعمال
وعقد د. بدر أمس الأربعاء، مع مجموعة من كبار رجال الأعمال ورؤساء البنوك المغربية في الرباط، بمشاركة د. شريف الجبلي عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الشئون الأفريقية بالمجلس، أحمد نهاد عبداللطيف، السفير المصري بالمغرب، ورئيس مكتب التمثيل التجاري في الرباط. واستعرض الوزير أداء الاقتصاد المصري وجهود الدولة المصرية لتعزيز مناخ الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال عدد من التدابير لتيسير الإجراءات الجمركية والتجارية والتسهيلات الضريبية، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية التي دللت على نجاحها النتائج المالية والاقتصادية التي شهدها الاقتصاد المصري مؤخرًا.
وأبدى حرص مصر على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات، أخذًا في الاعتبار الفرص الواعدة المتوفِّرة لتدشين شراكات ناجحة وواعدة بين البلدين.
واستعرض الرؤية المصرية الشاملة لتعزيز العلاقات بين البلدين، بما يسهم في تحقيق تكامل اقتصادي وتجاري وصناعي بما يخدم مصالح الطرفين، منوِّهًا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مصر والمغرب خلال زيارة السيد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية للمغرب في فبراير ٢٠٢٥ بهدف تيسير التبادل التجاري ونفاذ الاستثمارات.
وأشار وزير الخارجية إلى الزيارات والتنسيق القائم بين وزيري التجارة في البلدين، ونتائج ملتقى الأعمال المصري/ المغربي في ٤ مايو الجاري بمشاركة ١٤٨ شركة من الجانبين في القاهرة، مبديًا التطلع لأن تسهم الإتفاقيات التجارية بين البلدين في فتح أسواق جديدة لمنتجات البلدين، خاصة في الأسواق الأفريقية وتدشين شراكات تجارية واستثمارية ومشروعات مشتركة في المجالات الاقتصادية المختلفة، مؤكدًا أهمية عقد اللقاءات والمنتديات الإقتصادية بين البلدين بصورة دورية لتعزيز التكامل بين البلدين.
نقاش تفاعلي
ودار نقاش تفاعلي مع رجال الأعمال المغاربة، حيث تم استعراض العديد من الاستثمارات المصرية في المغرب، والاستثمارات المغربية في مصر وسبل تعزيز تلك الاستثمارات، بما في ذلك الاتفاق على ترتيب زيارات مستقبلية متبادلة لرجال الأعمال من الجانبين خلال الفترة المقبلة.
وقد أثنى الحضور على الإجراءات المُتَّخَذَة من الحكومة المصرية لتعزيز مناخ الاستثمار وتيسير النفاذ إلى السوق المصري، وأكّدوا على الفرص الواعدة لتعزيز فرص استهداف الأسواق الأفريقية المجاورة لكلا البلدين، من خلال الأطر والاتفاقات التجارية القائمة بين مصر والمغرب.
المركز الثقافى المصري
وقد قام د. بدر عبدالعاطي بزيارة المركز الثقافي المصري بالرباط، وبحضور السفير/ أحمد نهاد عبداللطيف- السفير المصري في المغرب- حيث تفقَّد مكتبة المركز وقاعة المحاضرات والندوات والمتحف. كما استمع لعرض قدَّمته الملحق الثقافي ومدير المركز عن أنشطة المركز التعليمية والفعاليات الثقافية التي ينظّمها.
وأكد د. بدر، الأهمية التي توليها مصر لتعزيز العلاقات الثقافية بين مصر والمغرب على ضوء الرصيد التاريخي المتميز لتلك العلاقات الممتدة عبر العصور، والاهتمام بالنهوض بالعمل الثقافي في البلدين، وأشار في هذا الصدد إلى الدور الهام للمركز في التواصل الثقافي بين مصر والمغرب الشقيق، والعمل على تعزيز التعاون الأكاديمي بين البلدين.
ضريح الراحِلَيْن
كما قام د. بدر عبدالعاطي، بزيارة ضريح ملكيّ المملكة المغربية الراحلين الملك “محمد الخامس” والملك “الحسن الثاني” رحمهما الله وطيّب ثراهما، وسَجَّل في دفتر الزيارات.
مقر السفارة المصرية
كما تفقَّد وزير الخارجية والهجرة، مقر السفارة المصرية في الرباط ومكتب ملحقية الدفاع، والتقي بالعاملين بالبعثة والمكاتب الفنية، وتفقَّد سير العمل بالقسم القنصلي بالسفارة.