محمد نبيل محمد يكتب : قناة السويس العبور الدائم والتدخل المستحيل (٤)

حفل افتتاح قناة السويس
بعد الانتهاء من أعمال الحفر بدأ الخديوي إسماعيل يستعد لحفل افتتاح قناة السويس، وكانت هذه الاحتفالات أشبه بليالي ألف ليلة وليلة، فقد سافر الخديوي إسماعيل إلى أوروبا لدعوة ضيوف حفل الافتتاح، وتولى بنفسه توجيه الدعوة لهم.
كانت صيغة الدعوة التي وجهها الخديوي إسماعيل إلى ملكة إنجلترا – الملكة فيكتوريا – تقول: “أنه يسره أن تلبي هي ومن ترى دعوتهم من الأسرة المالكة حفل الافتتاح، وستلمسون في مصر التي هي في الطريق إلى أملاككم في الهند والشرق مدى ما أحرزته مصر من تقدم مادي ومعنوي”.
أرسلت الحكومة المصرية الدعوات إلى 6000 مدعو, وعلى رأسهم أوجيني إمبراطورة فرنسا، وهنري أمير هولندا وفرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا، وفردريك ولي عهد روسيا وقرينته ابنة الملكة فيكتوريا وغيرهم, بالإضافة إلى عدد كبير من رجال الدولة.
كما أرسل الخديوي بعثة خاصة إلى جنوة ومارسيليا وليفربول للتعاقد على 500 طاهٍ، وألف خادم ليقوموا بخدمة ضيوفه، وكان أول الضيوف الذين وصلوا إلى مصر تلبية لدعوة الخديوي إسماعيل الإمبراطورة أوجيني.على ضفاف القناة أقيمت ثلاثة سرادقات مكسوة بالحرير؛ سرادق على اليمين ويضم رجال وعلماء الدين الإسلامي
وفى مقدمتهم العلامة الشيخ مصطفى العروسي شيخ الجامع الأزهر، والشيخ محمد المهدي العباسي مفتي الديار
المصرية في ذلك الوقت, وسرادق على اليسار يضم رجال الدين المسيحي, وفي الوسط السرادق الذي يضم الملوك
والأمراء وحاشيتهم، وقبل الليلة التي سبقت الاحتفال أجريت تجربة لمرور البواخر في قناة السويس، وأثناء التجربة
وقعت كارثة فقد جنحت السفينة المصرية في وسط القناة، وكادت تسد القناة على بعد 30 كيلو مترًا من الجنوب من
بورسعيد ، وأسرع الخديوي إسماعيل إلى مكان جنوح السفينة، ولم تنجح عملية تعويم السفينة فأمر الخديوي
إسماعيل بنسف السفينة وطبقًا لتعليمات الخديوي قام العمال بإشعال النيران في السفينة.
فى صباح يوم 17 نوفمبر سنة 1869م بدأت الاحتفالات بافتتاح القناة، وتحرك الموكب تتقدمه السفينة ” الإيجل ”
وعليها الإمبراطورة “أوجيني ” زوجة نابليون الثالث ثم السفينة المحروسة، وكان هذا اليوم بداية الملاحة في قناة
السويس.
عندما مرت الباخرة الإيجل بالسفينة الجانحة تصورت الإمبراطورة أوجيني أن الخديوي إسماعيل قام بإشعال النيران
فيها تحية لها، وأعجبت الإمبراطورة بهذه الفكرة الجميلة، ومكثت أوجيني في ضيافة إسماعيل فترة من الوقت، وقد
بنى لها إسماعيل استراحة على بحيرة التمساح.
فى المساء أضيئت الأنوار والزينات، وأعد الخديوي إسماعيل لضيوفه وليمة عشاء في قصره بمدينة الإسماعيلية،
وضم هذا العشاء آلاف المدعوين – في مقدمتهم الإمبراطورة أوجيني – وعددًا كبيرًا من ضيوف الخديوي.
يذكرالمؤرخون أن نفقات الأسابيع الستة التي أنفقت ما بين وصول الإمبراطورة أوجيني إلى القاهرة ويوم الثلاثين من
نوفمبر قد تراوحت ما بين 1.3 مليون جنيه إلى أربعة ملايين جنيه من الذهب.
ونستكمل فى القادم ان شاء الله ارهاصات الاحتلال البريطانى .