لايمكن لأحد أن يزايد على مهنية وإحترافية د. نوال الدجوى ، كونها واحدة من رواد التعليم الخاص فى مصر والمنطقة العربية ، وقد حفرت لنفسها إسم له تاريخ عريق فى هذا المجال . تردد إسم نوال الدجوى كثيرا خلال الأيام القليلة الماضية ولاكتها الألسن على وسائل التواصل الاجتماعى على خلفية الاتهامات والبلاغات التى تقدمت بها لـ سرقه مبالغ مالية ضخمة وعملات مختلفة وكمية من الذهب .. إلخ
دعونا فى البداية نعرف من هى نوال الدجوى .. هى إبنه عثمان صالح الدجوى الذى تدرج فى الوظائف من أستاذ للفلسفة وعلم النفس إلى مدير لمدرسة فؤاد الأول ، ثم وكيل أول لوزارة المعارف ، وكان لهذه الشخصية عظيم الأثر فى حياتها ، وهى زوجة اللواء وجيه الدجوى رئيس هيئة الرقابة الادارية سابقا ، وأم للدكتور شريف الدجوى أستاذ أمراض القلب بالقصر العينى الذى وافته المنية فى عام 2015 مخلفا وراءه ثلاثة أبناء ” أحمد وعمرو ومحمد ” ، وهى أيضا أم للدكتورة منى الدجوى التى توفيت هذا العام ، وكانت تشغل منصب نائب رئيس مجلس أمناء جامعة MSA ولها بنتين .
نوال الدجوى سيدة مصرية أصيلة لديها طموح كبير وإصرار غير عادى على النجاح والتميز ، ولذلك كانت مصدر إلهام لكل من تعامل معها ، وهى بشهادة المقربين منها رائدة تربوية ومربية فاضلة . أسست نوال الدجوى أو “ماما نوال” كما تحب أن يطلق عليها فى عام 1958 مدارس دار التربية ، وكانت أول مدرسة لغات فى القاهرة تكسر هيمنة المدارس الأجنبية على التعليم الخاص فى مصر ، وقد وجدت نجاحا منقطع النظير .
وفى عام 1996 حققت إنجازا كبيرا بتأسيس جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب MSA وكانت باكورة الجامعات الخاصة فى مصر التى تقوم بعمل تؤأمة مع عدد من الجامعات البريطانية المرموقة ” جامعة جرينتش ـ وبيدفورد شير ” ؛ هذه الشراكة أعطت ميزة الحصول على شهادة معتمدة دوليا لدارسيها دون الحاجة إلى سفرهم للخارج .
أما المعايير التى تطبقها الجامعة ومن خلال تجربتى الشخصية مع أولادى الذين درسوا فيها ، يمكن أن تقول أنها معايير دولية على أرض مصرية ، وقد حرصت ماما نوال على تقديم نموذج متكامل للتعليم الجامعى لدرجة أن تجربتها فى عمل تؤأمة مع جامعات أجنبية أصبحت شرطا أساسيا للحصول على ترخيص بإقامة جامعة خاصة أو أهلية .
الجوانب الإنسانية فى حياة نوال الدجوى متعددة وبإمكانك لو قمت بزيارة خاطفة إلى المعهد القومى للأورام التابع لجامعة القاهرة ، تجد وحدة متكاملة باسمها تبرعت بها لتخفيف الألم عن هؤلاء المرضى . يمكنك أن تعرف الجوانب الخيرية والإجتماعية فى حياتها من خلال تبرعاتها النقدية لفك اسر سجينات الفقر والغارمات ولأطفال السجون والملاجىء ، وعلمت منها أنها رصدت مبلغ 10 ملايين جنية ، وخصصت العائد منها لخدمة الفئات الأكثر فقرا فى المجتمع المصرى من خلال جمعية ” لبلدنا ” إحدى مؤسسات المجتمع المدنى .
نوال الدجوى تتبنى أيضا المواهب الشابة من أبناءها الدارسين وتكرم المتفوقين منهم ، وتقدم لهم حافز مادى عبارة عن خصم يزيد عن 20 % من المصروفات الدراسية ، إلى جانب رعايتها للطلبة المغتربين وأبناء فلسطين الذين يتم إعفاؤهم من المصروفات والرسوم الدراسية ، والحقيقة أنها تستحق ماوصلت إليه من مكانة مرموقة فى المجتمع المصرى ، وماحصلت عليه من تكريمات داخل مصر وخارجها ، وتوجت بتكريم رئيس الجمهورية لها كونها إحدى النماذج النسائية المشرقة فى مصر . هذا إلى جانب حصولها على أكثر من دكتوراة فخرية من جامعات ميسورى بأمريكا ، وجرينتش البريطانية ، لدورها فى تطوير التعليم فى مصر .
لعنه المال التى أصابت العائلة المرموقة بدأت خيوطها تتكشف منذ وفاة إبنها الدكتور شريف الدجوى الذى توفى فى
حياة والده وإستحق ” وصية واجبة ” من التركة ، ويبدو أنها لم تنفذ ، وقد تردد أن الدكتورة نوال قامت فى الفترة
الاخيرة بتحرير عدد من الشيكات بمبالغ مالية ضخمة ، إضافة إلى بيع أسهم وسندات فى البورصة تخص دار التربية لـ
إبنتها الدكتورة منى ، ومنها ماتم قبل وفاتها بأيام قليلة ، وفى تطور مفاجىء تلقت قوات الأمن بلاغا من نوال الدجوى
بسرقة مبالغ مالية كبيرة عبارة 50 مليون جنيه مصري ـ 5 ملايين دولار أمريكى ـ 350 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة
إلى 15 كيلو جرام من الذهب ، وأشارت أصابع الاتهام إلى حفيدها الدكتور أحمد الدجوى . وفى مفاجأة من العيار
الثقيل ، تناقلت وسائل الاعلام خبر العثور على جثة حفيد نوال الجوى مصابا بطلق نارى داخل مسكنه فى مدينة 6
أكتوبر !!
توطدت معرفتى بالدكتورة نوال الدجوى فى نهاية التسعينات ، ودفعنى الفضول فى عام 2005 لـ إعداد حلقة من
برنامج” إبداع إمرأة ” الذى يذاع وقتها على شاشة القناة الفضائية المصرية ، وبقيت بعدها متابعا لنشاطها ونجاحها
وأهتم بحضور الندوات التى تقام فى جامعتها ، وعندما حصل إبنى الأكبر على الثانوية العامة لم أتردد لحظة واحدة
فى إختيار جامعتها لإستكمال دراسته فيها ، لانى كنت على يقين تام أنها تقدم تعليم بجودة عالية ، تعليم يؤهل
الدارس لمتطلبات سوق العمل ، بل وتتهافت الشركات الكبرى على خريجيها من خلال ملتقى التوظيف السنوى
الذى تحرص الجامعة على إقامته كل عام .
وبعد أن إجتاز إبنى الأكبر إختبارت القبول الصارمة ، خاصة إجادة اللغة الإنجليزية إجادة تامة ، كان يجب على أن أعرفها
بنفسى ، والحقيقة أنى وجدتها فرصة لكى أعرض عليها الحلقة التى تم إذاعتها منذ 15 عام تقريبا ، أتذكر يومها أنها
شاهدت جزء من الحلقة ، وعلى مايبدو أنها تذكرت زوجها الراحل وإبنها ، وقد إمتلأت عينيها بالدموع ، وإستدعت كل
المقربين إليها فى الجامعة فى مايشبة المنتدى ليشاهدوا الحلقة كاملة معها ؛ وقالت لى وقتها : إن سعادتى اليوم
لاتوصف ، أنت أعدت إلىً ذكريات 15 عاما مرت من عمرى .
إن فضل نوال الدجوى لايمكن أن ينكره غير جاحد أو حاقد ، أتذكر إحدى المقابلات التليفزيونية مع سفير المملكة
العربية السعودية لدى مصر السفير أحمد قطان ، أنه ذكر بالحرف الواحد فضل الدكتورة نوال الدجوى عليه ، بعد أن
أصر والده على دراسة الطب ، وفشل فيه لسنوات ، وإستطاعت الدكتورة نوال أن تقنع والده بضرورة أن يتركه لـ يختار
الدراسة التى يحبها ويجد نفسه فيها ، القطان أرجع الفضل فى ماهو عليه لتلك النصيحة .
الحديث عن مامام نوال ومواقفها المشرفة قد يطول ، ولكن ادعوا الله لها بالصحة والعافية وطول العمر ، وأن تمر هذه