هاتفنى صديقى الصعيدى فى وقت متأخر من الليل وكان منفعلا ، ومعروف عن الصعايدة تفاعلهم مع الأحداث التى تجرى فى المنطقة ، أما سبب إنفعاله فكان “التريليونات” التى تطير فى الهواء مخافة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ، وإن شئت قل إتقاءً لشروره ، وربما تكون مقابل حماية حكام تلك الدول وبقاءهم فى كراسيهم .
وتطرق صديقى فى حديثه إلى وقاحة دونالد ترامب ، والمهانة التى وصلت إلى حد الـ ” جليطة ” غير المقبولة فى تصريحاته ، وقد سبق له القول ” أنهم لديهم الأموال ومش عارفين يصرفوها فين ” ، وقوله ” ربنا هيحاسبنا لو ما أخدناش الأموال دى منهم ” ، وقولة إن وجودهم مرهون بوجوده على سدة الحكم .. إلخ
حاولت أن أهدىء من روع صديقى وإنفعاله ، وقد صب جام غضبه على الأخوة فى خليج النفط ، وأفرغ شحنة الغضب لديه وهو يقول : مش مصر كانت أولى بالـ “تريليونات” لو بيفكروا كانوا سددوا ولو جزء من ديون مصر وهى إللى باقية لهم وأولى أو اقرب لهم من أمريكا ، والرئيس سبق وأعلنها لهم صراحة “مسافة السكة ” وقتها مصر كانت هتبقى لهم درع الأمن والأمان إلى يحميهم ، وإستفاض ، وبالمناسبة صديقى هذا حاصل على الدكتوراة فى العلوم السياسية والقانون الدولى .
صديقى العزيز لقد حركت مكالمتك فى النفس الشجون ، ودعنى أقول لك : أن زيارة دونالد ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط وتحديدا إلى المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الامارات العربية جعلت 17.450 سؤال تدور فى رأسى ليس أقلها تجاهل ذكر مصر أو دورها تماما خلال تلك الزيارة ، وعلى مايبدو أن ذلك كان مقصودا ، لأن مصر هى”الشوكة” أو “الصخرة” التى وقفت ضد طموحات دونالد ترامب فى المنطقة ، وهى أيضا محاولة لتحجيم دور مصر كقوة إقليمية عظمى أو رمانة الميزان فى منطقة الشرق الأوسط .
ولعلنا تابعنا منذ فترة قريبة فضيحة ” قطر جيت” التى تتعلق بإتهامات تورط مستشارى بنيامين نتنياهو فى تلقى أموال من دولة قطر للترويج لها داخل إسرائيل وتهميش دور مصر فى المفاوضات ، وكما تعودنا دوما تعوى الكلاب والقافلة تسير ، لم تلق مصر الكبيرة بالا أو أهمية لهذا الموضوع ، وهكذا تسير مصر تحمل على أكتافها القضية الفلسطينية والعرب يجرجروا أطراف ثوبها .
لم تكن مصر وحدها هى الغائب الحاضر فى هذه الزيارة ، وإنما أيضا غابت القضية الفلسطينية برمتها ، فى الوقت
الذى يتعرض فيه الشعب الفلسطينى “للمجاعة” ، وأهالى مدينة غزة حرموا لأكثر من 70 يوما من المساعدات
الغذائية والطبية لدرجة أن ” الناس فى غزة .. جاعت ” ، ناهيك عن قرب العملية البرية المزمع القيام بها من الجانب
الاسرائيلى ،
وقد جاءت الفرصة على طبق من ذهب لحكام الخليج لفرض سياسة الأمر الواقع ، والمطالبة بالعودة لإتفاقات 67 وحل
الدولتين ، وأيضا بوقف كامل للعدوان والانسحاب من قطاع غزة والأراضى المحتلة ، وهو ما لم يحدث ، وقد أثار هذا
التخاذل العديد من علامات الاستفهام ؟
ولكن على مايبدو أنه كان هناك إتفاق غير معلن على عدم الخوض فى أمور بعينها ، ذكرت منها عدم الإشارة إلى
مصر وإلى القضية الفلسطينية ، أيضا إلى عدم التطرق للحديث عن “التطبيع” مع الكيان الصهيونى ، وهو أمر لايحتاج
إلى إشارة من قريب أو بعيد ، تقريبا كل دول الخليج طبعت مع الكيان الصهيونى ، وأصبح الخوض فى هذا الموضوع
من قبيل اللغو ، وقد توقفت كثيرا أمام تصريحات ترامب التى قال فيها ” المملكة ستنضم إلى ــ الاتفاقية الابراهيمية ــ
قريبا ، وهذه هى مقدمه لفكر يهدف إلى شرق أوسط جديد يتيح فتح شرايين وممرات برية وبحرية وجوية تضمن بقاء
دولة إسرائيل !!
ولايفوتنى أن أشير إلى مؤامرة كشفت عنها مذكرة التفاهم التى أعلنت خلال قمة العشرين فى نيودلهى 2023
والتى تضمنت الاعلان عن ممرات ملاحية تعتبر بديلا عن طريق الحرير الصينى ، وهى عبارة عن ممرّين ملاحيين
أحدهما شرقي ويربط الهند بدول الخليج العربي ، والممرّ الثانى يربط دول الخليج بأوروبا عبر الأردن وإسرائيل .
وهذا عود إلى العلاقة بين دونالد ترامب ونيامين نتنياهو ، وهى ليست كما يظنها البعض علاقة متوترة ، وأن شهر العسل بينهما إنقضى ، وأنهما فى مرحلة ـ التفريق الجسمانى ـ وفقا للمذهب البروتستانى .. إلخ ،
وواهم من يعتقد ذلك ، إسرائيل كانت ومازالت هى المدلله لدى أمريكا ، ولذلك كان يجب بل يتحتم على القادة العرب
إدراك اللعبة التى يلعبها ترامب ، ومطالبتهم له صراحة وبدون مواربة ، وقف التصعيد ووقف العملية البرية الشاملة
المزمع القيام بها من قبل إسرائيل ، وإيجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية بما يحقق الأمن والسلام للدولتين ،
وتوقيع إتفاقية سلام مع إسرائيل وفقا للرؤية المصرية التى توافق عليها العرب !!
عوده للزيارة ودعونى أذكر بأن الرئيس “دونالد ترامب” لهف من دول الخليج الثلاثة مجتمعه 4 تريليونات دولار أمريكى
فى مقابل ” لاشىء ” . نرامب أبرم إتفاق مع السعودية ب 600 مليار مع تعهدات بوصول المبلغ ” تريليون دولار ” ،
ومع قطر بمبلغ 1.2 تريليون ، ودولة الامارات تعتزم استثمار 1.4 تريليون دولار فى USA ،
وقد يتساءل البعض هل فًتح موضوع الصراع والقتل والتدمير فى السودان الذى يتم بوساطة إماراتية ؟ بالقطع لا . أما
الأمر الذى يحار الفهم أن يستوعبه ، ويقف العقل عاجزا أمامه ، لماذا كل هذه الترسانة من الأسلحة والطائرات ،
وصفقات البوينج التى تعدت الـ 160 طائرة ، هو رزق الهبل على المجانين كما يقول المثل العامى . والحقيقة أن
ترامب قالها صراحة لشركة بوينج ” يللا إشتغلوا وانتجوا .. دى أكبر صفقة ” .
إن وضوح شخصية الرئيس الأمريكى ” دونالد ترامب ” تريح المتعامل معها ، فالرجل واضح وضوح الشمس ، إللى فى
قلبه على لسانه ، وهذه النوعية من البشر يمكنك قرأتها بسهوله ، على الأقل هو أفضل بكثير ممن ينطبق عليهم
هذا البيت الشهير ” يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ ” .
ترامب لم يخف إنبهاره بالقاعة الجميلة التى إستقبله فيها أمير دولة قطر المكسوة كلها بالرخام ، وقالها بصراحة ” أنا
ما أقدرش أجيبه لأنه مكلف جدا ” ، ترامب كان صادقا عندما بشر الأمريكيين بعصر ذهبى بعد 100 يوم رئاسته ، ولم
يفوته أنه يعلنها لهم أنه خلال الـ 3 أشهر الأولى عمل إللى ماعملوش جو بايدن فى كل سنوات حكمه .
خلاصة الحكاية ” إللى يلاقى الدلع وما يدلعش يبقى يستاهل الله يعزكم .. ضرب البلغ ” بس خلاص !!
وحلال عليك ياعم ترامب مبلغ الـ 10 مليون دولار إللى رصدتها للقبض على ” أبو محمد الجولانى ” الداعشى سابقا ،
” أحمد الشرع ” رئيس سورية الحالى الذى وصفته بأنه جذاب وصارم ومفاوض قوى ومقاتل .. إية ياعم كفايه .. لا خد
دى كمان ” وأحببته كثيرا ” .. ماهو أصل المصالح .. تتصالح ، وتقعدوا بعافيه .