محمد يوسف العزيزي يكتب : تفاهم أمريكي – حوثي .. هل يربك حسابات نتنياهو ؟

الكاتب الصحفي محمد العزيزي

منذ أيام أعلن البيت الأبيض عن وجود تفاهم أولي بين الولايات المتحدة والحوثيين يقضي بوقف العمليات العسكرية الأمريكية وضربات التحالف في اليمن مقابل التزام الحوثيين بوقف استهداف السفن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ورغم أن التفاهم لم ينضج بعد ..  إلا أن واشنطن تؤكد أن الحوثيين هم من طلبوا هذا الاتفاق بينما يشدد الحوثيون على أن تهدئة البحر مرهونة بوقف العدوان على غزة ما يعكس تعقيدا للمشهد وتشابك خطوطه بين ساحات متعددة تبدأ من اليمن ولابد أن تنتهي عند غزة والكيان الصهيوني .

وفي ظل التطورات المتسارعة في المشهد الإقليمي تأتي الزيارة المرتقبة للرئيس ترامب للسعودية وبعض دول الخليج لتضيف بعدا جديدا لهذه التطورات .. فهذا الرئيس الذي طالما تفاخر قبل إعادة انتخابه للمرة الثانية بنزع فتيل الصراعات في العالم – وخصوصا ما تتعلق بحرب غزة والحرب الأوكرانية – عبر صفقات مدروسة يطمح في استثمار لحظة إقليمية دقيقة للعودة إلى دور “صانع التوازنات” في الشرق الأوسط  !

وأظن أن هذه التفاهمات ربما تكون خطوة في خطة يجهز لها ترامب لإعادة ترميم علاقة الولايات المتحدة في المنطقة خصوصا بعد كل القرارات العشوائية والمبادرات التي طرحها بشأن الحرب علي غزة وتم رفضها ، وتراجعه عن نزع فتيل الحرب في المنطقة فور دخوله البيت الأبيض ، وكذلك إيجاد أرضية لتفاهمات تتجاوز ملف الحوثي في اليمن إلى الملف الفلسطيني والإيراني .

إلا أن اللافت في هذا السياق هو موقع إسرائيل من هذه التحركات، وتحديداً موقف رئيس الوزراء نتنياهو الذي يجد

نفسه اليوم في مأزق داخلي متصاعد بين ضغوط اليمين المتطرف في حكومته الذي يرفض أي تهدئة في غزة أو أي

تفاهمات غير مشروطة مع حماس أو الحوثي. وبين أن يؤدي التفاهم الأمريكي – الحوثي إلى الاضطرار بقبول معادلة

الردع البحري التي فرضها الحوثيون خلال الحرب على غزة .. وهو ما يعتبره الكيان سابقة خطيرة تؤكد تآكلاً في هيبته

الإقليمية المزعومة

وفي ظل هذا التوتر بين نتنياهو وترامب الذي تحدثت عنه أخبار في البيت الأبيض بالإضافة إلى الخلافات التي ظهرت

مؤخراً بشأن إدارة الحرب في غزة وتلميح البيت الأبيض إلى ضرورة إنهاء العمليات العسكرية والدخول في ترتيبات

لصفقة تبادل أسرى .. يواصل نتنياهو تبني خطاباً تصعيدياً خشية انهيار حكومته الهشة إذا ما خضع لضغوط التهدئة !

وفي هذا السياق، قد تمثل التفاهمات مع الحوثيين ورقة ضغط غير مباشرة من إدارة ترامب على نتنياهو للقبول

بخيارات التسوية، وهو ما قد يزيد من حدة التوتر بين الطرفين خصوصا إذا تزامنت هذه الضغوط مع تقارب أمريكي –

إيراني ضمن حوار غير معلن يستهدف تهدئة ساحات التوتر في المنطقة لتتفرغ أمريكا لحسم معركتها مع الصين

لا شك إن الربط الذي يحاول الحوثيون تكريسه بين تهدئة البحر ووقف الحرب على غزة يُعيد ترتيب أوراق النفوذ في

الإقليم، وقد يمنح إيران مساحة إضافية للمناورة دون الدخول في مواجهة مباشرة مع أمريكا، ويضع واشنطن أمام

معادلة جديدة – ( لا استقرار بحري دون حل سياسي في غزة ) – تفرض ترتيبات سياسية جديدة في المنطقة.

المشهد يشير إلى تقاطع مصالح مرحلي بين واشنطن وطهران عبر وكلائهما وسط ضغوط متزايدة على نتنياهو تجعله

محاصراً داخلياً وخارجياً، وتضع العلاقة بينه وبين ترامب أمام اختبار حقيقي.. أما مصير هذه التفاهمات فسيظل مرهوناً

بمدى قدرة الأطراف على ترجمة التفاهمات الأولية إلى اتفاقات أوسع تضمن الأمن وتحقق مكاسب سياسية

للطرفين دون تفجير التوازنات الهشة في المنطقة!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.