الكاتب محمد نبيل محمد يكتب : قناة السويس : العبور الدائم والتدخل المستحيل( ٣ )

الكاتب محمد نبيل محمد

بدايات الفكرة…

الوالى والمهندس .. صداقة أعادت الفكرة للحياة من جديد

بعد أن تولى محمد سعيد باشا – الأبن والوريث الثانى لحكم محمد على – حكم مصر في 14 يوليو 1854م، وكان دي لسبس يرعى الأمير محمد سعيد وهو غلام في السادسة عشر من عمره ليعالج بدانته ويدربه على الرياضة بعد أن عهد إليه والده محمد على باشا برعايته، وكان دى لسبس يعمل بالسلك الدبلوماسى، ثم عاد دي لسبس إلى مصر مرة أخرى وعُيَّن قنصلًا عامًا لفرنسا، وتمكن المهندس الفرنسى“مسيو فرديناند دي لسبس” – صديق محمد سعيد باشا وزميل دراسته في باريس، والذي كان مُقرّبًا منه بدرجة كبيرة – من الحصول على فرمان عقد امتياز قناة السويس الأول لمدة 99 عامًا من تاريخ فتح القناة، تضمن 12 بندًا شملهم الاتفاق والفرمان الموقع من سعيد باشا.

البداية

بادر دي لسبس بالاتصال بجمعية الدراسات الخاصة بقناة السويس في باريس وحصل منها على توكيل ليعمل بإسمها في الحصول على امتياز قناة السويس، ولما نجحت خطته حصل على الامتياز لنفسه وفى إحدى جلساته مع سعيد باشا فى15 نوفمبر 1854م عرض دي لسبس على الوالي مشروعه ودراساته عن القناة التي تصل بين البحرين مع عرض أهم النقاط والأسانيد، واقتنع سعيد باشا بالمشروع.

قام “مسيو دي لسبس برفقة المهندسين (لينان دي بلفون بك وموجل بك) كبيري مهندسي الحكومة المصرية، بزيارة منطقة برزخ السويس في 10 يناير 1855م، وقد صدر تقريرها في ديسمبر 1855م، والذي أكد على إمكانية شق القناة وأنه لا خوف من منسوب المياه لأن البحرين متساويان في المنسوب، وأنه لا خوف من طمي النيل لأن شاطئ بور سعيد شاطئ رملي.

في 5 يناير 1856م صدرت وثيقتان هما: (عقد الامتياز الثاني) و(قانون الشركة الأساسى)، وكان من أهم بنود هذا القانون:

قيام الشركة بكل أعمال الحفر وإنشاء ترعة للمياه العذبة تتفرع عند وصولها إلى بحيرة التمساح، شمالًا إلى بور سعيد وجنوبًا إلى السويس، مع مراعاة أن يكون حجم العمالة المصرية أربعة أخماس العمالة الكلية المستخدمة في الحفر.

كان الدبلوماسي الفرنسي فرديناند دي لسيبس رجلًا استعماريًّا أراد أن يجعل من مشروع قناة السويس أداة لتمكين فرنسا من احتلال مصر، والسيطرة على الشرق، واستطاع أن يحصل من خديوي مصر سعيد باشا على امتياز شق قناة مباشرة تربط البحرين في (8 ربيع الأول 1271هـ – 30 نوفمبر 1854م)، وتضمن هذا الفرمان اثني عشر بندًا كلها من الأعاجيب، منها:

▪ الحصول على ماء النيل بدون مقابل.

▪ والحق في استغلال الشركة صاحبة الامتياز جميع المواد اللازمة لأعمال القناة، مع تعهد الحكومة المصرية بتقديم كل معونة في سبيل تنفيذ المشروع.

وتوالت الإجراءات السياسية والقانونية والتنفيذية لإنجاز قناة السويس، والتي استغرق حفرها 10 سنوات ( منذ عام 1859 وحتى عام 1869 ) وتم افتتاحها في عهد الخديوى إسماعيل ، وتحديدًا في 16 نوفمبر 1869م، في حفل أسطورى حضره كثيرون من ملوك ورؤساء أوروبا.

امتيازات سعيد لـ “دي لسبس”

الامتياز الأول

في 30 نوفمبر 1854م صدر الامتياز الأول بشق قناة السويس, وأصدره سعيد باشا مؤلفًا من اثني عشر بندًا .

نص البند الأول على أن يقوم دي لسبس بانشاء الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، وأن يتولى رئاستها, و حدد هذا البند مهمة الشركة في حفر برزخ السويس، واستغلال طرق الملاحة الكبرى, وانشاء مدخلين أحدهما على البحر المتوسط، والآخر على البحر الأحمر, وكذلك انشاء ميناء أومينائين.

كما نص البند الثالث على أن مدة الامتياز هي 99 عام من يوم افتتاح القناة، وترك الامتياز تحديد مساحة الأراضي الممنوحة للشركة للمهندس الفرنسي ” لينان ” وقام لينان وموجل بإعداد مشروع تمهيدي للقناة مرفق برسوم تفصيلية بعد أن عهد دي لسبس إلى المهندسين لينان وموجال بهذه المهمة.

الامتياز الثاني

قامت وزارة الخارجية الفرنسية بصياغة الامتياز ووقعه محمد سعيد باشا في 5 يناير سنة 1856م وفي هذا الامتياز منح سعيد باشا للشركة امتيازات جديدة في مسائل عدة كاستغلالها الأراضى، وأن تُمنح الشركة مجانًا الأراضى اللازمة للمشروع والتي لا يملكها الأفراد، ونزع ملكية الأراضى المملوكة للأفراد إذا لزم الأمر.

تضمن الامتياز أيضًا استغلال مناجم الدولة بالمجان، والاعفاء من الرسوم الجمركية، وكان أهم ما في الامتياز إخراج الشركة من ولاية القضاء المصري، وتعهد الحكومة المصرية بتقديم نسبة كبيرة من العمال للمشروع بطريقة السخرة، وكذلك تعهد الحكومة المصرية بأن تشتري الأسهم التي يعجز دي لسبس عن بيعها في الأسواق العالمية.

ونستكمل فى القادم ان شاء الله بداية أعمال الحفر والظهور الحقيقى للقناة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.