كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء الجمهورية اليونانية

نص كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي فى المؤتمر الصحفى المشترك مع رئيس وزراء الجمهورية اليونانية:

بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي دولة السيد “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، رئيس وزراء الجمهورية اليونانية الصديقة،

السيدات والسادة،

في بداية كلمتي، اسمحوا لي أن أعرب عن خالص تقديري وامتناني، لحفاوة استقبالكم وكرم الضيافة، الذين حظيت بهما والوفد المرافق لي،

منذ وصولنا إلى بلدكم الصديق، يسعدني أيضًا أن أشيد بالمشاورات الناجحة والبناءة، التي جمعتني بفخامة الرئيس اليوناني،

والتي عكست عمق العلاقات بين بلدينا.

تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع اليونان

ويهمني وأنا أقوم اليوم، بزيارتي الخامسة إلى بلدكم الصديق، أن أجدد التأكيد على اهتمام مصر الراسخ، بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع اليونان،

تلك الشراكة التي تعد نموذجًا يحتذى به في منطقتنا، إذ تستند إلى روابط تاريخية وطيدة بين الشعبين الصديقين،

وتقوم على الاحترام المتبادل، والرغبة المشتركة في تطوير التعاون في مختلف المجالات.

وأود هنا أن أشير إلى أن اليونان كانت متفهمة وقامت بدور كبير في المحفل الأوروبي لشرح وجهة نظر مصر لدى الاتحاد الأوروبي،

وأن تلك الفترة كانت فعلًا صعبة، وأن مصر لن تنسى هذا الموقف اليوناني الذي يؤكد قوة العلاقات التاريخية بين البلدين.

‏‎وأود أن أشير كذلك إلى أمر أخر مرتبط بدير سانت كاترين، وأوضح هنا أننا في مصر خلال العشر سنوات الماضية كنا نؤكد على احترام شديد جدًا

ليس فقط للآخرين وإنما للتعدد والتنوع الموجود في النسيج الإنساني، وقمنا بممارسات تؤكد ذلك وتسعى إلى ترسيخه بين المواطنين،

لذا فإنني أنزعج بشدة عندما أسمع ما يتردد بأن مصر يمكن أن تقوم بإجراء سلبي تجاه دير سانت كاترين، لأن هذا يتعارض مع ثوابت مصر

وتسامحها،

نقوم ببناء كنائس في كل حي

وأشير على سبيل المثال إلى أنه عندما قام المتطرفون بحرق ٦٥ كنيسة، قامت الدولة بإعادة بنائهم، كما نقوم ببناء كنائس في كل حي،

ولو كان يوجد بمصر مواطنون يهود فإن الدولة كانت سوف تبني معابدَ لهم، وأؤكد أنني لا أريد ولن نسمح بالعبث في العلاقات مع اليونان

بسبب ما يتردد بشكل مغرض عن دير سانت كاترين، وأؤكد التزام الدولة المصرية بالتعاقد ما بين الدير والدولة وهو تعاقد أبدي لن يمس،

خاصة وأن الدير يحتضن رفات قديسة عظيمة، وأشدد أنني قد حرصت علي توضيح ذلك الأمر بنفسي وأذكره بشكل مباشر لدحض الأقاويل المغرضة.

السادة الحضور،

لقد سعدت اليوم، بالتوقيع مع دولة رئيس الوزراء، على “الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية بين مصر واليونان”،

والذي يرسخ العلاقات العميقة والمتميزة بين بلدينا الصديقين، ويؤسس لمرحلة جديدة، من التعاون الوثيق على كافة الأصعدة.

كما يمثل انعقاد الاجتماع الأول، لمجلس التعاون رفيع المستوى بين بلدينا الصديقين، محطة فارقة ونقلة نوعية، في مسار العلاقات المصرية اليونانية،

ويجسد الإرادة السياسية المشتركة، للارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون الثنائي.

ولقد سررت بما أسفر عنه اجتماع المجلس من نتائج ملموسة، لاسيما التوافق على توسيع نطاق التعاون، ليشمل مجالات الاقتصاد،

والتجارة، والاستثمار، والسياحة، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال، فضلًا عن قضايا الطاقة والأمن والهجرة.

مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان

وفى هذا السياق، أؤكد على الأهمية البالغة، التي نوليها لمشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان “جريجى”، فهو ليس مجرد مشروع ثنائي،

وإنما خطوة استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية، باعتباره أول ربط مباشر، للطاقة النظيفة القادمة من مصر إلى أوروبا عبر اليونان،

ونتطلع لاستمرار دعم الاتحاد الأوروبي لهذا المشروع الطموح، وتسريع خطوات تنفيذه.

كما نهتم أيضًا، بمواصلة التعاون مع اليونان في مجال الغاز الطبيعي، وبتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق استقدام العمالة الموسمية المصرية،

للعمل في القطاع الزراعي باليونان، وتوسيع نطاق الاتفاق ليشمل قطاعات أخرى، فضلًا عن تكثيف التعاون المشترك بين البلدين،

في مجالي مكافحة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب، استنادًا إلى التجربة المصرية الناجحة في هذين المجالين.

السيدات والسادة،

لقد تبادلت اليوم الرؤى، مع صديقي دولة رئيس الوزراء “كيرياكوس”، حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها التطورات الخطيرة

في الشرق الأوسط، الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة، والكارثة الإنسانية المستمرة في القطاع، منذ ثمانية عشر شهرًا

نعمل على إنشاء الدولة الفلسطينية

وأكدت موقف مصر الثابت، بضرورة استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية

بكميات كافية، ورفض استخدام التجويع والحرمان من الخدمات الطبية، كسلاح ضد المدنيين.

‏‎هذا الموضوع الإنساني مستمر منذ ١٨ شهرًا، حيث تم تدمير قطاع غزة وبنيته الأساسية. وهذا التدمير يحفزنا على وقف إطلاق النار

وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين والأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية، ونرى أن ما قاله رئيس الوزراء اليوناني حول ضرورة تطبيق حل الدولتين

هو الذي سوف يؤدي إلى السلام، ونحتاج أن نعمل على إنشاء الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧.

كما شددت على رفض وإدانة أي محاولات، لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه تحت أي ذريعة، وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة

للقضية الفلسطينية، تضمن استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧،

وعاصمتها القدس الشرقية، ووفقًا لقرارات الشرعية الدولية، تلك الحقوق التي لن تسقط بالتقادم، أو بمحاولات تجزئة الأرض الفلسطينية،

أو ضمها، أو تغيير الواقع الديموجرافي بها.

السادة الحضور،

لقد تطرقنا كذلك، إلى الأوضاع في منطقة شرق المتوسط، وأود هنا الترحيب مجددًا، بجهود التهدئة الحالية في منطقة شرق المتوسط، ونأمل في استثمار هذه الأجواء الإيجابية، لحل الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة، بما يتيح لنا جميعًا، تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية لصالح شعوب المنطقة.

ناقشنا أيضًا، تطورات الأوضاع في سوريا، ولبنان، وليبيا، والسودان، وأمن الملاحة في البحر الأحمر، فضلًا عن الأزمة الروسية الأوكرانية، وكانت رؤانا متطابقة، حول ضرورة تسوية النزاعات بالوسائل السلمية، بما يحفظ وحدة الدول وسيادتها، ويصون حقوق شعوبها، وأكدنا في هذا الإطار، على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور، بين مصر واليونان على مختلف المستويات، بالنسبة لهذه الملفات.
ختامًا، أؤكد التزام مصر الراسخ، بتعزيز التعاون مع اليونان، وثقتنا في أن مجلس التعاون رفيع المستوى، سيكون منصة فاعلة لترسيخ شراكتنا الاستراتيجية، بما يعود بالنفع على شعبينا، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
شكرًا جزيلًا لكم،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.