الكاتب محمد نبيل محمد يكتب : قناة السويس العبور الدائم والتدخل المستحيل ( 1 )

أهدى هذا الكتاب لمن علمانى كيف أحب الوطن .. “والداى”..رب أرحمهما كما ربيانى صغيرا” ..،ولشهداء حفر قناة السويس ،ولشهداء عبور قناة السويس .. أمس واليوم وغذا .. العبور بدلالته اللفظية يعني: الانتقال من حالة لأخرى.
أو العبور بالمعنى الإجرائى، فيعني: المرور من الشمال للجنوب والعكس أو من الشرق للغرب وهكذا.
أو حالة العبور ذاتها وهي العبور من حالة الوهن للقوة والانتقال من خطوة متأخرة لأخرى متقدمة، وهي تصف بوجه خاص التطور الطبيعي للقناة من خلال إضافة قنوات وتفريعات أخرى وجديدة.
وعلى وجه العموم إسقاط لحالة الوطن والتي تعنى: الإنتقال من الساكن للمتحرك، أومن حالة الثبات لحالات التغير والتطور والارتقاء.
كما أن العبور – تاريخيًّا – يعود بنا للعبور من النكسة للانتصار بدءًا من معارك الاستنزاف نهاية بحرب أكتوبر.
أما التدخل المستحيل فيعنى – سياسيًّا -: توافر حالات المنع لأي تدخل أجنبى، وتوقف أطماع الغير عربًا كانوا أم عجمًا في حق طبيعي من إرث الأجداد المستمر والمتنامي للأجيال المتعاقبة.
كما أن التدخل قد يعود بنا لامتيازات الشركة الأجنبية العابرة للقارات التي كانت مدعاة للتدخل السياسي والاقتصادي في إدارة ليس فقط القناة إنما أيضًا للوطن أجمع، كما أن التدخل لا يعني قط التوغل في إرادة المصريين من الناحيتين السياسية والاقتصادية إنما أيضًا العسكرية كما كان باحتلال الضفة الشرقية للقناة، والتحكم في شريان الإرادة المصرية
لذا كان العبور قديمًا أزليًّا قدم التاريخ الإنساني منذ عهد الأسرات، ودائمًا أبديًا ما دام للمصريين إرادة حرة في تقرير
مصيرهم، كما أن التدخل مستحيل وممنوع لغير المصريين والفترة الأخيرة أثبتت أن التدخل لم يأتِ – كما كان عهده
قديمًا – من الغرب فقط إنما زاد عليه من ناحية الشرق والأسوء أنه الشرق القريب.
يتعرض الكتاب لبدايات فكرة حفر القناة منذ عهد الفراعنة، ثم الفرس والرومان مرورًا بالفتح الإسلامى لمصر، ثم
البداية الحقيقة مع حملة نابليون والعقبات التي حالت دون تحقيق الفكرة نتيجة أخطاء علمية، وما تلى تلك المحاولات
التى باءت بالرفض بسبب خشية محمد علي من أطماع الأستانة والغرب،
ثم عادت الحياة للفكرة على يد دي لسبس وتوفيق ، ثم البدء الفعلي في التنفيذ، وما تبع ذلك لبداية
صياغة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي نظمت العمل بالقناة والافتتاح الأسطورى، وما أحاط الحفل من أساطير
وحكايات وطرائف، بل التجليات الحضارية التي أحاطت القناة بمدن وقرى جديدة تبعث في التغير المتطور لديموجرافيا
القناة،
وذلك فضلًا عن التطرق لحالات التعذيب والقهر والسخرة لحفدة بناة الأهرامات ليتواصل العطاء للإنسانية كما يتعرض
الكتاب لأول المعارك التي دارت رحاها على ضفتى قناة السويس مع بدايات الحرب العالمية، ثم الحرب العالمية
الثانية،
ثم بداية السيطرة الكاملة للغرب على القناة، وعودة الأمل مع ثورة 52 لاستعادة المصريين لإرثهم وتتالى خطابات
الزعماء التي كان يعقبها غالبًا عدوان ثلاثي، أو نكسة على القناة والمصريين كما اقترنت القناة بالرغبة في عبور
المصريين أنفسهم من الهزيمة للانتصار كما في معارك الاستنزاف وحرب 73،
وما بين خطابات إعادة الافتتاح عام 1975 والتوسعة والتطوير عام 2015 وما بينهما من عقود عدة ، لم تحظَ القناة
بالقدر الكافى لمكانتها الحقيقية خلال تلك المساحة الزمنية الطويلة، وصولًا إلى الخطاب التاريخي الذي رفع شعار
“تحدي التحدى” وصاغ ملامح المرحلة التى نعيشها.
هكذا كانت القناة قدر المصريين ، تقوى عندما يقوى رجال الوطن ، وهنا تزيد هى نفسها من قوة رجالها صلابة
وعزيمة ، ولكن فى علاقة طردية كلما زادت قوتى القناة والوطن زادت الأطماع ، وكأن التاريخ يتجدد بتكرار عناصره ،
فهل يحفظ جميع الأطراف درس التاريخ ؟
ونستكمل فى القادم ان شاء الله بدايات قناة السويس منذ سيزوستريس إلى قناة امير المؤمنين، ومعارك المصريين
لحفر القناة وعبروها وتطويرها والحفاظ عليها.