الكاتب الصحفي محمد يوسف العزيزي يكتب : ” سطو بصري “على الأهرامات .. الكيان يحاول تزييف التاريخ!

في واقعة غريبة ومثيرة تحمل دلالات خطيرة قام القمر الصناعي العبري بتغيير “لوجو ” شعار بعض القنوات الفضائية الرياضية وأزال علم الكيان الصهيوني ووضع مكانه صورة للأهرامات المصرية كشعار جديد لها يظهرعلى الشاشة طوال فترات البث
هذه الخطوة التي قد يراها البعض شكلية أو رمزية تحمل في طياتها رسالة بالغة الخطورة ودلالات عميقة تمس جوهر الهوية المصرية وتاريخها الحضاري، وتعيد إلى الواجهة قضية قديمة متجددة وهي محاولات الكيان والدوائر الصهيونية الادعاء زورًا بأن من بنى الأهرامات هم اليهود!
هذا التغيير في شعار القناة العبرية ليس مجرد صدفة أو تعديل عابر في الشكل البصري – رغم خطورته – خصوصا علي القنوات الرياضية التي يشاهدها الملايين حول العالم بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية والقضايا العالقة مع الكيان الصهيوني وصراع الوجود في المنطقة.. لكن التغيير إشارة رمزية لا يمكن فصلها عن محاولات متكررة وممنهجة لإعادة كتابة التاريخ وتغيير هوية الآثار المصرية عبر مزاعم تفتقر إلى الدقة والأمانة العلمية !
هذه الواقعة تأتي ضمن سياق تاريخي معروف.. فخلال عقود ماضية وخصوصًا منذ عهد رئيس وزراء الكيان الأسبق “مناحم بيجن ” ظهرت مزاعم متكررة حول وجود ” آثار يهودية ” في مصر.. بل وصل الأمر إلى مطالبة رسمية بإثبات “ملكية” تلك الآثار.. وهو ما قوبل دائمًا بالرفض القاطع والعنيف من الجانب المصري.
ومع ذلك قال بعض المفكرين اليهود، بل وبعض المسؤولين في الكيان في مناسبات مختلفة – وما زالوا يقولون – أن بني إسرائيل هم من شيّدوا الأهرامات، متجاهلين كل الحقائق الأثرية والعلمية التي أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن الأهرامات بُنيت في عهد الفراعنة قبل آلاف السنين من خروج بني إسرائيل من مصر وفقًا للنصوص الدينية نفسها. وقد تكررت هذه المزاعم في كتابات ووسائل إعلام الكيان الصهيونية، وتم توظيفها لخدمة أجندات ثقافية وسياسية توسعية تقوم على نفي الآخر والاستيلاء على إرثه التاريخي!
الأهم والأخطر من هذه المزاعم هو محاولة ترسيخ صورة زائفة من خلال الإعلام، وهو ما ظهر بوضوح في استخدام
الأهرامات كعنصر بصري في شعار قناة رياضية عبرية فضائية في خطوة قد تمرر إلى ذهن المشاهد الدولي قناعة
تؤكد أن هناك ارتباطًا بين الهوية اليهودية والميراث الحضاري المصري ، وبخاصة معجزة العالم المعمارية الخالدة
الأهرامات
هذا الشكل من السطو الناعم على التاريخ لا يمكن مواجهته بالصمت أو التجاهل، بل يتطلب تحركًا رسميًا عاجلًا
على عدة مستويات
أولًا – يجب على وزارتي السياحة والآثار والخارجية المصرية إصدار بيان واضح يدين هذا الاستخدام المسيء، ويوضح
الحقيقة التاريخية للرأي العام المحلي والدولي.
ثانيًا – لا بد من مخاطبة منظمة اليونسكو بصفتها المسؤولة عن حماية التراث الإنساني، ومطالبتها برصد هذه
الانتهاكات ومساءلة الجهات التي تحاول تزييف هوية آثار مصنفة كممتلكات تراثية عالمية
ثالثا – يجب أن تتحرك كل من الهيئة العامة للاستعلامات، والهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
لمواجهة هذه الواقعة وتصحيح الصورة حفاظا على مكانة مصر التاريخية ودورها في حماية تراثها من محاولات السطو
أو التحريف
الأهرامات ليست مجرد بناء عبقري من أحجار ضخمة أو عجيبة من عجائب الدنيا.. بل هي سجل ناطق بعبقرية
المصري القديم، وجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية والإرث الحضاري المصري، والمساس بها – حتى ولو في صورة شعار
– يجب ألا يمر مرور الكرام لأن المعركة مع الكيان الصهيوني في الماضي والحاضر والمستقبل ليست فقط على
الأرض.. بل على الوعي والهوية والتاريخ الذي بدونهم.. لا حياة ولا وجود!