الكاتب الصحفي محمد يوسف العزيزي يكتب : رؤساء أحياء بلا شوارع.. وتجاوزات تتوحش!

الكاتب الصحفي محمد العزيزي

في جولة مفاجئة – حسب المتحدث الرسمي – أجرتها وزيرة التنمية المحلية بحي مصر الجديدة – أحد الأحياء الراقية – كشفت الواقع الميداني المؤسف الذي تعانيه شوارع العاصمة من تجاوزات صارخة واشغالات وتشوهات امتدت إلى الأرصفة واغتصبت حرم الطريق هذه الجولة التي غاب عنها رئيس الحي سلطت الضوء على تقاعس واضح واستهانة بالمسئولية من بعض قيادات الإدارة المحلية الذين اختاروا الجلوس في مكاتبهم بدلاً من التواجد بين الناس ومتابعة الأوضاع بأنفسهم

الوزيرة أصدرت توجيهات فورية بإزالة المخالفات ومعاقبة من يخالف القانون، وهذا أداء جيد بحكم مسئوليتها.. لكن كان عليها حتى تكتمل المهمة ألا تنهي الجولة قبل أن تستدعي رئيس الحي من بيته أو من أي مكان، وتوجه له اللوم وتعاقبه في الشارع كما عاقبت المخالف حتى تصل الرسالة لكل قيادات الإدارة المحلية!

عقب الجولة تطايرت أخبارها إلى وسائل الإعلام وقال المتحدث الرسمي باسمها أن التعليمات والتوجيهات صدرت كذلك في أحياء أخرى مثل حي شرق مدينة نصر.. لكن الأهم من ذلك هو التأكيد أن التوجيهات وحدها لا تكفي ما لم تتحول إلى متابعة يومية ميدانية حقيقية من رؤساء الأحياء أنفسهم وهذا ما لم يحدث، وظني أنه لن يحدث طالما غاب حساب المقصر منهم!

في حي شرق مدينة نصر تحولت الأرصفة في معظم الشوارع إلى مساحات احتلال يومي من قبل الكافيهات والمحال حتى تغيرت معالم الشوارع، وتعدى الأمر إلى تجاوزات مرورية خطيرة من سرعة زائدة في الشوارع إلى إشارات مرور معطلة منذ شهور في مناطق حيوية مثل شارع مكرم عبيد مع تقاطع مصطفي النحاس حيث لا تتوقف السيارات في هذا المحور من الأوتوستراد حتى الوفاء والأمل مما يعرض حياة المواطنين للخطر بشكل يومي ويكفي فقط تحرك واحد من رئيس الحي الذي لا يرد علي تليفونه ليري بنفسه ما أشرنا إليه !

وبينما المواطن يُطالب بالانضباط والالتزام يظل بعض المسئولين في مواقعهم دون محاسبة رغم تقصيرهم الواضح

وبينما الدولة صرفت مليارات على البنية التحتية ووسعت الشوارع لتحقيق السيولة تلتهم هذه التجاوزات نصف

مساحات الشوارع ويعود الشارع كما كان من قبل ضيقا خانقا مزعجا

الانضباط لا يتحقق بمجرد توجيهات من المكاتب ولا تصريحات إعلامية، ولا حتى بالتحذير والوعيد.. انضباط الشارع

المنفلت لن يتحقق إلا بوجود المسئول ورؤية الواقع عن قرب ومواجهة الفوضى بحسم أمام الجميع بلا خوف فليس

من المقبول أن يتحمّل المواطن وحده مسئولية ما آلت إليه الأمورمن إهمال وفوضي ..  في حين أن بعض المسئولين

اختاروا الابتعاد عن الميدان والاكتفاء بالمتابعة من خلف المكاتب المكيفة

إذا أردنا إعادة الانضباط لشوارعنا، فيجب أن تكون البداية من الأعلى، بمحاسبة كل مسئول قصّر أو تغافل عن أداء

دوره، لأن بقاء الأمور على هذا النحو لا يعني سوى مزيد من الفوضى، ومزيد من الأعباء على المواطن الذي يدفع

الثمن في النهاية

جولة الوزيرة جاءت لتدق ناقوس الخطر، وتؤكد أن هناك من الوزراء من يدرك قيمة المسئولية الملقاة على عاتقه في

أن يراقب ويتابع..  لكن التغيير الحقيقي يبدأ حين ينزل كل مسئول من مكتبه إلى موقعه ويواجه الواقع بلا تردد لأن

الشارع لا ينتظر التوجيهات.. الشارع يحتاج قرارات تضبطه وحساب للمسئولين ليعرفوا أن القيادة تبدأ من الشارع لا

من وراء المكاتب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.