
ضرب البرق سماء المدينة ، أضاء أركانها من جميع الجهات ، لون ضوء البرق مختلط بياضه بالأزرق الشاحب ، قوى تجفل العيون فى النظر اليه ، رغم سواد الليل وظلامه الدامس ، لكن لحظة الأضاءة الخاطفة ك فلاش كاميرا خرافية الحجم ، ثبت الكادر على تفاصيل كان يخفيها الظلام ،
فى أعلى الصورة ، أسطح المنازل تحوى عشش الفراخ ، وبقايا اخشاب نخرها السوس ، وقطاً يطارد فأراً ، وابن عرس يقضم رقبة دجاجة ، وعلى اليسار فتح تيار الهواء العاصف نافذة مطبخ السيد حنفى ، كشفت عن ( بوتجاز ) مسطح ثلاث عيون ، وضعت ( حلة ) كبيرة بها بقايا طعام الغداء ، يحاول فأر ان يحرك غطاها ليصل الى الداخل ، وثلاجة (٨ قدم ) ، فوقها مروحة قديمة ( ٤ ريشة ) فقدت احداهن ، تحاول ان تخفى عرجها عندما تدور ،
تحرك السيد حنفى صاحب الكرش المدلى نحو المطبخ ، هرب الفأر عند سماع وقع اقدامه ، رفع السيد حنفى غطاء الحلة والتهم من بقايا الطعام ، وتجرع الماء ثم اختفى عندما حل الظلام ،
على اليمين وضع شاب عشريني بطانية ثقيلة حول جسده وجزءاً منها فوق رأسه ، ممسك بمصباح يضئ ويطفئ ،
وامامه فتاة فى البيت المقابل ممسكة بنفس المصباح ، تضيئ وتطفأ ، تضع تقريبا نفس البطانية ، تحتمى من البرد
والمطر ، ويرتفع صوتها بالغناء ،
وفى نافذة أخرى الشيخ حسان يرتدى الجبة والقفطان ، استعداداً للنزول لصلاة الفجر ، تتبعه زوجته وهي تتثاءب فى
رداء منزلى ثقيل ، تضع شالاً حول رقبتها ، وتعد له كوباً من الشاى بالحليب ،
وفى الشقة المجاورة مجموعة من الأصدقاء ، أمامهم بعض الكتب المدرسية ، مغلقة ، يدخنون ويتناقشون بصوتٍ
مرتفع ،
وفى الأسفل سيارة الشرطة يجلس داخلها شرطى نائم وبجواره فى المقعد الأمامى آخر علاَ صوته بالشخير ،
ينتفض جسده كلما انقطع نفسه عن الشهيق ، وزجاج السيارة به غبش ثقيل لسخونة الأنفاس بالداخل وانخفاض
الحرارة بالخارج ،
عدد كبير من الكلاب تسير فى جماعات ، تنقب فى القمامة عن بقايا عظام فلا تجد ، ينسحب ضوء البرق فى هدوء
ويعود الظلام يعم المدينة