الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : رسائل ” الخان ” .. الزمان والمكان !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
لاشك أن زيارة الرئيس الفرنسى ماكرون لمصر تمثل فى حد ذاتها حدثا مهما على كافة المستويات
، خاصة أنها تأتى في توقيت مهم للغاية ، ولكن تبقى الجولة التاريخية التى قام بها الرئيسان
السيسي وماكرون لمنطقة خان الخليلي والحسين وقبلهما المتحف المصري الكبير في مقدمة
الفعاليات الهامة التى تضمنتها زيارة الرئيس الفرنسى لمصر لما بعثت به تلك الجولة من رسائل
مهمة على مختلف المستويات سواء من حيث مكان الجولة بقلب القاهرة عاصمة التاريخ والإبداع أو
التوقيت المهم للزيارة كما ذكرت في البداية.
فلك أن تتخيل وقع وتأثير  اصطحاب الرئيس السيسي  لنظيره الفرنسى فى جولات شملت أماكن تاريخية  شعبيه
مهمة ، ثم يتناولان العشاء في مطعم يحمل اسم نجيب محفوظ  ” صاحب نوبل  ” وتدخين الشيشة الشهيرة بمقهى
الفيشاوي الأشهر بمنطقة الحسين وفى خان الخليلي وسط أجواء يحكي فيها التاريخ عن مصر وعن وجودها وكم
حضارة مرت علي مصر وشعبها ، الأمر الذى يدعونا لتقديم التحية لصاحب فكرة التجول في أحد أهم الأحياء المصرية
التاريخية وسط البائعين ، المحلات ، الشعب المصري ، ليري ماكرون ، بل و العالم أجمع الارتباط بين الشعب وقائده
وبلده واستقرار مصر وأمنها رغم الظروف الصعبة رسالة هامة وفى توقيت أهم .
وجمال الفكرة وقوتها أن هذه الجولات كانت فى أماكن لا تقل روعة  أو جمالا ،   بل تزيد عن أحياء قديمة وتاريخية في
باريس .
والأجمل أنها تؤكد أن مصر ليست تاريخا فقط بل هي قوة في وجودها  وايضا في ثباتها السياسي وفي تمسكها
بالقضيه الفلسطينية ، وهو ما أكده الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع ماكرون ، فهى بحق جولة
استثنائية في توقيت دقيق وإقليم مضطرب وتحمل بلا شك رسائل هامة وعميقة بعلم الوصول لمن يهمه الأمر  في
الداخل والخارج !! .
وعلى نفس المنوال كانت زيارة ” ماكرون ” للمتحف المصري الكبير ففى صورة واحدة جمعت بين الحاضر العريق
والماضي العظيم ، وقف الرئيس الفرنسي  بجوار تمثال الملك رمسيس  وهو  جالس وباسط يديه في مشهد يبدو
بسيطًا ظاهريًا، لكنه محمّل برسائل تاريخية وسياسية عميقة لكل من يملك عينًا للتأمل وفكرًا للربط ، فاللقطة التى
اختيرت بعناية ليست مجرد تمثال لملك مصري قديم ، بل من الواضح أنه تم  اختياره بعناية ليكون خلفية لهذه الصورة
التي صدرت  إلى العالم بأسره. ففي علم الرمزية المصرية القديمة ، تمثال الملك الجالس وباسط اليدين يُشير إلى
عصر من السلام والاستقرار والرخاء، وهذه الوضعية لم تكن شائعة بين ملوك الحروب أو النزاعات، بل كانت تعبيرًا عن
اطمئنان الملك إلى الداخل واستقراره في الخارج.
وتُعد هذه الجلسة تحديدًا رمزًا على السلام والرخاء والاستقرار الداخلي والخارجي، وهو ما يعكس الرسالة المراد
إيصالها من خلال هذه الصورة.
والمعروف أن الملك رمسيس الثاني كان أول من وقع معاهدة سلام موثّقة في التاريخ، مع الحيثيين، مما يعزز الرمزية
التاريخية العميقة التي تحملها الصورة “مصر بلد سلام، وصاحبة أولى تجارب الدبلوماسية في التاريخ ” .
وكذلك فهى رسالة سياسية في غلاف أثري ففى ظل الظروف الإقليمية التي تشتعل من حول مصر، خصوصًا في
حدودها الشرقية ، والتهديدات التي تحيط بالمنطقة من كل صوب، جاءت الصورة لتؤكد أن مصر ليست فقط صامدة، بل
آمنة ومستقرة، وتتمتع بقيادة واثقة وجيش مستعد وشعب ملتف حول قيادته وداعما له فى أى قرار أو موقف يتخذه
من أجل الحفاظ على  وطنه .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.