عبد الناصر البنا يكتب : تورتة الاعلانات .. فى رمضان !!

عبد الناصر البنا
كل عام وأنتم بخير ، وإنقضى الشهر الفضيل !!
خُسْران مَنْ أدرك رمضانَ ولمْ يُغْفَر له ، روى عن النبى ﷺ أنه صعد المنبر ، فقال : آمين آمين آمين . قيل : يا رسول الله ، إنك حين صعدت المنبر قلت : آمين آمين آمين . قال : إن جبريل أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين .. إلخ الحديث . أدغو الله أن نكون من المغفور لهم فى هذا الشهر الكريم .
لعلنا تابعنا “الضجة ” التى أثيرت مؤخرا حول دراما رمضان هذا العام ، عقب إستجابة الرئيس للرأى العام المصرى الغاضب من المستوى المتدنى لدراما رمضان هذا العام وماسبقة من أعوام ، بالقدر الذى يعطى صورة غير حقيقية عن المجتمع المصرى ، وتحرك الجهات المعنية لوضع معايير للإنتاج الدرامى فى مصر ، وذكرت آنفا أنها ربما تكون فرصة لعودة قطاع الانتاج فى التليفزيون المصرى للإنتاج الدرامى من جديد ، والله المستعان .
وماقيل عن دراما رمضان هذا العام يقال أيضا عن ” الاعلانات ” وإحنا ناس بتعشق القديم وتتغنى به ، مش علشان إحنا دقة قديمة ولا حاجة . لا .. يمكن علشان مش لاقيين فى الجديد مايسد رمقنا . وبمناسبة ذكر القديم مين فاكر إعلانات زمان ، الاعلانات إللى كلنا كنا ننتظرها بفارغ الصبر من حلاوتها ، فاكرين إعلان خضر العطار وصوت أحمد عدوية المجلجل وهو بيقول : لاتفكر ولاتحتار خضر العطار ، فاكرين محلات العبودى ” بودى ، بودى ، بودى .. فى الموسكى معروف فى ميدانه ” ، فاكرين شيكولاته كوفرتينا ” حوشت المهر .. لسه ” فاكرين محلات ” زجمار ” بصوت عدوية وهو بيغنى ” زجمار ياما عنده حاجات ، ماتنساش الموتوسيكلات وعنده الجاوا والهوندا ، وعربيات صنع بلادنا ، ولعب أطفال لجل ولادنا ، ومهاود فى الأسعار .. زجمار ، زجمار ، زجمار !!
من كام يوم عديت على شارع بولاق أبو العلا علشان اشوف محلات “زجمار” طبعا لقيتها فى خبر كان ، ” إتش .. إيه ” حسن عابدين بلاش فضايح ، يمكن كانت أكثر حملة إعلانات تعرضت للإنتقاد ، آداء حسن عابدين كان جديد وجميل ويبدو أنه رحمه الله راح وأخد معاه سر شويبس ، ولكن الجميل إن شوييس ماسك نفسه ومكمل معانا رغم رحيل حسن عابدين ، أنا كنت بأحب إعلان ” ريرى ” وبأعتبره أشهر إعلان فى التليفزيون المصرى ” الصلا ع الزين .. الصلا ع الزين .. ياورد مفتح ع الخدين .. جبتى الجمال دا ياحلوه منين .. البركه ف ريرى ياضى العين ، البركه ف ريرى ، إجرى بسرعة ياواد ياحسين تقب وتغطس ف دقيقتين شوف لنا ريرى بيتباع فين هات لنا منه باكو إتنين .. ” الله الله على جمال اللحن والرسوم المتحركة ، كان إعلان كله بهجة ولاتمل من سماعه .
وعندما تذكر الاعلانات لابد أن يذكر “البرنس” طارق نور بوصفه الرجل الأشهر فى مجال الاعلانات فى مصر والعالم
العربى ، حقيقة طارق نور أحدث ثورة فى عالم الاعلانات فى الثمانينات والتسعينات ، والحقيقة أنى أحبيت إعلانات
طارق نور لأن فيها فكرة وجدبدة وتقريبا كل إعلانات طارق نور كانت إعلانات مبهجة بداية من دولسى وجيرسى إللى
واكله الجو ، مرورا بإعلانات اللبن والزبادى والسيراميك وكل حاجه ممكن تتخيلها فى الدنيا حتى فى السياسة
والسياحة والترويج لمصر “حملة نورت مصر” ، ومحمود إيه دا يامحمود ،. وغيرها طبعا
عاوز أخدكم لأبعد من كده شويه ، ويمكن إحنا الجيل إللى تربى على أثير الإذاعة المصرية ، ويمكن حد يسأل هى
الإذاعة كان فيها إعلانات ؟ أنا مازلت أتذكر وأنا تلميذ فى المرحلة الإبتدائية كان هناك إعلان لدواء إسمه (باير) كان
الاعلان عبارة عن صوت رخيم يقول : سلمى ..ما الذى يقلقكى ؟ فترد بصوت دافىء : حرارة إبنى وليد مرتفعة .
فينصحها بأعطاءه أسبرين باير للأطفال ، وينتهى الاعلان ” أسبرين باير للاطفال .. مثل حنان الأم “
هكذا كانت إعلانات زمان بدون لامياصه ولامياعه ولا رقص ولا إبتذال . والحقيقة أنى لا أمل من الكتابة عن إعلانات
المستشفيات التى تفتقد للعقل والمنطق ، أطفال مرضى بالسرطان أو الحروق إيه لازمة الرقص والجرى والتنطيط
والبلياتشو والأغانى والأكروبات أو إطهار مناظر الأطفال اللى تقطع القلب .. حقيقى مش عارف والسؤال : شركات
المحمول التى تدفع الملايين فى الاعلانات ومثلها البنوك وغيرها مالذى يضير هذه الشركان لو وفرت هذه الملايين ،
وقامت ببناء مستشفى أو مدرسة أو حتى وحدة صحية فى قرية أو رفع كفاءه طريق والله سوف نصفق لها ، ونقول
مستشفى we فى أبو النمرس أو كفر البدماص .. ما المانع !!
يعنى حقيقة الموصوع بقى خارج السيطرة وزاد عن حده بمراحل ، 54 مليون دولار أى مايعادل مليار جنيه تنفق فى
دراما رمضان هذا العام ، ومثلهم ثلاثة أضعاف فى الاعلانات ، أى سفه هذا ، وللأسف يأتى هذا فى وقت تجد فيه
تدنى فى مستوى الخدمه المقدمه للمواطن من كل شركات المحمول بلا إستثناء ، ناهيك عن الرسوم المبالغ فيها
التى تفرضها ، والسرقة العلنية ، فى ظل غياب تام لدور الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات الذى ترك المواطن فريسة
لهذه الشركات . والكلام نفسه على البنوك التى تقرر رسوما مبالغ فيها مقابل الخدمات التى تقدمها دون حسيب أو
رقيب من الجهاز المصرفى .
وكله كوم والتناقض فى الاعلانات كوم تانى ، إعلانات للفيلل والكمباوند بأسعار تبدأ من تسعة أرقام يليها إعلانات
تستجدى الناس الغلابه للتبرع للناس الغلابه . والموضه السنه دى الفنانين بعد ماتشبع منهم فى الدراما تلاقيهم
مقررين عليك فى الاعلانات بصحبه أبناءهم ، أما صوت أحمد سعد أللهم إنى إمرؤ صائم ، والشىء الغير مفهوم أيضا
أن تستخدم ” المرأة ” كجسد أو كونها سلعة تظهر فى الاعلان بهذا المستوى الرخيص ” مياعة ورقص وعرى ولحم
رخيص ” حقيقى شىء مقزز .
إذا كانت الدولة قد إنتفضت لوضع حد لوقف تدهور الإنتاج الدرامى فى مصر ، بعد أن ظهرت بهذا المستوى ” الوضيع “
وبعد أن سحبت الدراما السورية ، والتركية البساط من تحت أقدامها ، وبدأت الدراما الخليجيه أيضا تنافس على
الساحة ، وقبل أن ينسحب البساط تماما من تحت أقدامنا ، أقول : لابد وأن يكون هناك وقفة جادة فى موضوع
الاعلانات ، ولابد من إتاحة الفرصة لكل شركات الإنتاج وأن تكون هناك منافسة شريفة بينها سواء فى الانتاج الدرامى
أو جتى فى تورتة الاعلانات ، ولاتكون هناك أسماء يعينها هى التى تحتكر ، وكمان ياريت بالمرة بلاش شغل “
الشللية ” لأنها زادت عن حدها .. وكل دا مايقللش من مصر ” أم الدنيا ” !!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.