عبد الناصر البنا يكتب: مدفع رمضان .. بوووم !!

عبد الناصر البنا
هذا العام تعمدت أن لا أكتب عن دراما رمضان كونها نوعا من السفه غير المبرر فى بلد ( يئن) من وطأه الديون ، والسؤال الذى يلح على دوما هل هناك فى العالم العربى دولة واحدة يمكن أن تنتج هذا الكم من الأعمال الدرامية التى تزاحم بها الناس فى هذا الشهر الفضيل ؟ !!
والأمر لايقتصر على هذا الكم فقط ، ولكن يمكن أن تسأل نفسك أيضا ماهى القيمة المضافة التى تقدمها هذه الأعمال ؟ فى الحقيقة أن المحصلة النهائية لاشىء ، بإستثناء بعض الأعمال التى يمكن حصرها على أصابع اليد الواحدة ويمكنك القول أنها تقدم فنا أو دراما هادفه !!
وهذا يدعونا أن نترحم على أعمال قدمها ” قطاع الإنتاج فى التليفزيون المصرى ” تظل خالدة فى وجدان المشاهد المصرى والعربى ، والعجيب أننا لانمل من مشاهدتها حتى اليوم عندما تعرض على قناة ” ماسبيرو زمان ” وكلها أعمال صدرت القوة الناعمة لمصر إلى العالم .
ولك أن تتخيل أن هناك أكثر من 32 عملا دراميا تتنافس على تورتة رمضان هذا العام مقابل 26 عملاً قٌدّم العام الماضي . وقد تجاوزت المبالغ التى أنفقت علي أعمال هذا العام وفقا لـ تقديرات “مليار جنيه أى مايعادل 54 مليون دولار ” فى الوقت الذى لم تفصح فيه شركات الإنتاج عن ميزانية أعمالها أو حتى أجور فنانيها لأسباب غير مفهومه ، ويبدو أن شيطان الكتابة يحاول أن يجرنى طوعا أو كرها للخوض فى هذا الموضوع ، لكن ما قصدت أن أنتهى إليه أن ربنا لزما وحتما سوف يحاسبنا حسابا شديدا على هذا السفه ، وأختتم بقول الله تعالى : وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ . وقوله : { أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } صدق الله العظيم
دفعنى الفضول هذا العام ، وأنا أحرص دوما على عدم الانخراط فى متابعة الأعمال التى تقدم خلال شهر رمضان بإستثناء مايقدم أثناء فترة الأفطار وهو فى الغالب برنامج المقالب السخيف المتفق عليه مسبقا الذى يقدمه رامز جلال ، من إنتاج إحدى شركات الإنتاج بالمملكة العربية السعودية والذى أعتقد أنه يأتى تطبيقا للمثل العامى ” إللى معاه قرش محيره .. ” وهذا البرنامج أتفه من أن أكتب عنه . ولكن لعبت الصدفة هذا العام دورها فى متابعة برنامج ” مدفع رمضان .. بوووم ” الذى تنتجه الشركة المتحدة ، ويذاع على قناة DMC
فى البداية محمد رمضان فنان أعطى له الله موهبة أن يقنعك بالدور الذى يؤديه أيا ماكان نوع الدور ، وهو قريب الشبه من الفنان أحمد زكى ” رحمه الله ” وهذه وجهة نظر ، أما على المستوى الشخصى محمد رمضان يأتى بتصرفات دخيلة على المجتمع المصرى تبين أنه محدث نعمه ، مسأله أن الله قد من عليك بنعمه يجب أن تحافظ عليها على الأقل حتى لاتزول ، نعم هناك حديث عن رسول الله ﷺ يقول فيه : إن الله يحب أن يُرَى أثرُ نعمته على عبده ، ولكن ليس بالطريقة التى يظهر بها محمد رمضان .
أنا قناعاتى الشخصية أن هناك أناسا حرمت بعض النعم ، ولما ربنا عوضها هذا الحرمان أسرفت فى التباهى بما
تملك ، وأعتقد أن رمضان واحد منهم ، وبالمناسبة رمضان من أكثر الفنانين إثارة للجدل سواء من خلال أعماله أو
تواجده على مواقع التواصل الاجتماعى ؛ ومظهره وبتصرفاته الغريبه ، والتباهى بامواله والذهب والسيارات الفارهه ..
إلخ ، وهو بالمناسبة لايجيد الحديث فى وسائل الاعلام ، وهذا ينم عن مستوى محدود من الثقافة ، أما الأعمال التى
قدمها والتى أعتقد أن المجتمع المصرى سوف يعانى منها كثيرا لسنوات عديدة قادمة .
حاصل القول أن رمضان أيضا أصبح أكثر إثارة للجدل بهذا البرنامج الذى أعتقد أنه جاء فى مقتل لبرنامج ” رامز إيلون
مصر ” فكرة برنامج ” مدفع رمضان ” جاءت تعويضا عن عدم تقديم رمضان أعمال هذا العام ، ويبدو أن الفكرة جاءت
متاخرة ، والفكرة نفسها قائمة على إنتزاع الشفقة والتعاطف مع الناس الغلابه ، وما أكثرهم فى بلدنا ، محمد رمضان
يزور أماكن بطريقة عشوائية ويقابل وأحد من الناس الغلابه المطحونين من الطبقات الكادحة ، ويكسبه 100 ألف جنية
، ويحقق حلما لأحدهم أيا ماكان هذا الحلم ، ويختار رقم تليفون بطريقة عشوائية ليفوز بمبلغ 200 ألف جنيه .. إلخ
البرنامج وجد مشاهدة غير عادية ، ولك أن تتخيل مبلغ 100 ألف جنيه ماذا تفعل فى شخص بالكاد يجد قوت يومه ،
فكرة اللعب على هذه التيمه فكرة عبقرية ، لكنها فى ذات الوقت ” تعرى ” المجتمع المصرى ، ولك أن تتخيل الناس
التى تهرول وراء محمد رمضان أثناء تصوير الحلقات ، وهذا الكم من الدعاء له وكأنما هو الذى يرزق العباد ، والعياذ بالله
. شىء مخجل ، مع أن رمضان ولا الشركة المنتجة هتدفع حاجه من جيبها ، وإنما كله من حصيلة الاعلانات ، ولو
إفترضنا أن رمضان قام بتوزيع 15 مليون جنيه أو حتى 20 مليون على الناس الغلابه وأصحاب الحظ ، فإنه سوف يعود
عليه أضعاف هذا المبلغ من حصيلة الإعلانات
من زاوية أخرى يرى البعض أن برنامج ” مدفع رمضان ” هو محاولة لتحسين صورة محمد رمضان التى إهتزت كثيرا
للأعمال التى قدمها والتى ترسخ لثقافة العنف فى المجتمع المصرى ، ولذلك هو يحاول أن يرسيخ فكرة لقب ” نمبر
وان ” الذى من المفترض أن يكون نابعا من الناس وليس من محمد رمضان نفسه .
وبمناسبة الاعلانات الشىء الغير مفهوم أيضا إيه لازمة الجرى والتنطيط وبلياتشو وأكروبات وبهلونات وأغانى وإسعاد
يونس تجرى ووراها يسرا حوالين أطقال ” مرضى ” فى مستشفى ؟ وأنا علشان أدعو الناس للتبرع لازم اعمل كل
الزيطه والزمبليطه دى ؟ حقيقى شىء مش مفهوم
لسنوات طوال كانت تنهال علينا إعلانات الفيلل الفاخرة والكمباوند ومن بعدها تاتى إعلانات تدعو الناس الغلابه للتبرع
للناس الغلابه أى إنفصام هذا ، اما الطريف هذا العام أنك عندما تشاهد برنامج ” مدفع رمضان ” وتشوف كم الناس
الغلابه وهى تجرى وراء محمد رمضان ، وتشوف من بعده إعلانات الكمباوند إلتى ترد الروح مع اناقه حسين فهمى
وميرفت امين وكريم عبدالعزيز وبنات قمرات زى الشربات ويحصل عندك نوع من الإنفصام فى الشخصية ، وتبقى
حيران وأنت تسأل نفسك : مين إللى يقدر يشترى هذه الفيلل التى تبدا أسعارها بتسعه أرقام ؟ هل هم الذين
يلهثون خلف محمد رمضان أملا فى الحصول على الـ 100 ألف أم الموظف الذى يدعو الله أن يجملها معاه بالستر ..
حقيقى انا مش عارف !!
وتبقى الشلليه وشغل العائلات هى الغالبة حتى فى إعلانات رمضان هذا العام ، وعلى فكره كل ماسبق لايقلل من
كون مصر أم الدنيا ، وسمعنى ” تحيا مصر ” وإستشرافا للمستقبل لا أستبعد أن ينافس رئيس هيئة الترفيه فى
المملكة على فكرة برنامج ” مدفع رمضان ” فى قناة Mbc مصر العام القادم .. دمتم فى أمان الله ورمضان كريم
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.