عبد الناصر البنا يكتب : قمة فلسطين .. وغياب السبعة !!

عبد الناصر البنا
سؤال دايما يلح علىً أنا شخصيا : هى قضية فلسطين قضية العرب كلهم أم أنها قضية مصر وحدها ؟
الاجابة على هذا السؤال قد تبين بعض المواقف العربية ” المتخاذلة ” على الأقل فى الوقت الحالى لبعض الحكام العرب ، بالنظر إلى كم التضحيات التى قدمتها مصر من أجل هذه القضية منذ عام 1948 وحتى اليوم ، وكيف تعامل حكام مصر مع القضية كل حسب رؤيته وقناعاته .. بدءا من الزعيم جمال عبدالناصر مرورا بفترة الرئيس السادات ومن بعده الرئيس مبارك إنتهاءا بالرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أعتقد أنه إنتهج نهجا مغايرا واضعا قضية فلسطين على أولويات السياسة الخارجية للدولة المصرية .
فى العام 2021 إعتمدت مصر المثقلة بالديون مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الاعمار في قطاع غزة ، نتيجة للأحداث هناك ، وبالفعل قامت شركة ” المقاولون العرب ” بعملية إعادة الإعمار ، مصر التى تركت الأنفاق لكسر حصار غزة وماتلاها من تداعيات على الاقتصاد المصرى نتيجه تهريب السلع الغذائية والمواد البترولية .. إلخ . بل تعدى الأمر إلى تهديدها لـ أمن مصر القومى وماحدث فى يناير 2011 ماثل أمام أذهاننا من قتل جنودنا على الحدود فى رمضان وفتح السجون وإشاعة الفوضى وتهريب السيارات .. إلخ .
التفاصيل كثيرة ومؤلمه ولاتخفى على كل لبيب ، لكن ماحدث بعد مغامرة ” طوفان الأقصى ” أن قام الكيان الصهيونى المدعوم من أمريكا والغرب بإرتكاب كل أنواع الجرائم التى نصت عليها المواثيق والأعراف والقوانين الدولية بدءا من جرائم الحرب ، وجرائم ضد الانسانية ، وإبادة جماعية لسكان غزة والقطاع ، وتدمير كامل للبنية التحتية ، وقتل وتشريد عشرات الآلاف من سكان غزة والقطاع ، وخلال تلك الفترة بذلت مصر العربية جهودا غير عادية من أجل إحتواء الأزمة .. ولا داعى للإطالة .
إلى أن وصلنا إلى المرحلة الأولى من إتفاق وقف إطلاق النار وعملية تبادل الأسرى ، وبدء ومفاوضات المرحلة الثانية
من وقف إطلاق النار ، مع ملاحظة أن الأمور لم تسير بالهدوء الذى أكتب به ، وقد بذلت مصر جهودا مضنية لتقريب
وجهات النظر إلى جانب قطر وأمريكا على الرغم من أن الاعلام القطرى المتمثل فى ” قناة الجزيزة ” والاعلام
السعودى ” قناة العربية ” تعمدتا التقليل من دور مصر ، وإبراز الموقف القطرى ، لكن مصر ” الكبيرة ” لاتبالى ،
وإعلامها المفتون بمسلسلات رمضان وبالعرى والفضائح وأخبار الفنانين .. لايبالى !! .
إلى جانب هذه الجهود لاننسى أن مصر وقفت أمام مخطط التهجير الذى تبناه الرئيس ” دونالد ترامب ” وأجهضته
وماتلاه من مقترح مصر ” خطة إعادة الإعمار فى قطاع غزة ” والدعوة إلى عقد قمة عربية طارئة لتدارك الوضع ،
سبقها إجتماع تشاورى فى الرياض حضرة قادة دول مجلس التعاون الخليجى والأردن ومصر يمهد لموقف عربى موحد
لدعم القضية الفلسطنية ، ولطرح المبادرة المصرية والتوافق عليها قبل إنعقاد القمة ، إنتهاءا بقمة القاهرة الطارئه
الخاصة بخطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة ، ربك والحق أنا لم أكن أعول كثيرا على القادة العرب فى حضور هذه القمة
ولدى قناعاتى .
أولا : لأننا كلنا عارفين أن اغلب العرب هرولوا إلى التطبيع مع الكيان الصهيونى بضغط من USA من أجل البقاء فى
أماكنهم ، وفى المقابل يستحيل أن تتخذ الدول التى طبعت رأيا مخالفا لرأى أمريكا ” الشيطان الأكبر ” كما ذكرت
حرصا على بقاءهم على كراسيهم .
وثانيا : سعيا وراء مصالحهم وكما يقول المثل العامى ” المصالح .. تتصالح ” ولعلنا لاحظنا فى السياسة الدولية كم
من ” عدو ” كان بالأمس هو ” صديق” اليوم .
أمريكا كان ولازال لها رأى مختلف وهو ” تهجير الفلسطينيين ” مشروع الريفيرا إياه . والسؤال هنا : هل كان يتحتم
على العرب الوقوف إلى جانب مصر التى تتعرض لضغوط لايتخيلها عقل بشر ؟ أبدا والله .. كانت مواقف العرب مخزية
من وجهة نظرى ، غاب عن القمة أغلب القادة العرب ، ولم أر فيها سوى ” مصر والأردن وقطر ” غاب السبعة الكبار
المفترض أن وجودهم كان يدعم الموقف العربى . لأن فى الإتحاد قوة ، أو كما قال ” إقبال ” وفي التوحيد للهمم اتحاد
ولن تبنوا العلا متفرقينا ؛ واللى انا مستغرب له اكتر موقف المحمدين ” بن زايد _ وبن سلمان ” !! .
أما موقف أمريكا من القمة يمكن تلخيصه فى التصريحات المستفزة لرئيسها ” الموتور ” دونالد ترامب الذى أعتقد أنه
لايرى أحد أمامه ، يعنى بالبلدى كده مش عامل إعتبار لأي حد . وآخرها ضرورة إخلاء قطاع غزة والإفراج الفورى عن
باقى الرهائن ، وذلك عقب إنعقاد القمة العربية الطارئة مباشرة . ما الذى يجب على مصر أن تفعله أكثر من ذلك بعد
أن تحملت بمفردها أكثر من 80 % من إجمالى المساعدات المقدمة لقطاع غزة ؛ ورغم كل هذه المواقف وغيرها ترى
الفلسطينيين فى جانب والعرب فى جانب آخر ، لدرجة أن موقف مصر أصبح يجسد المثل الصعيدى ” أمه ساكته ،
ومرات أبوه متطينه ” وأرجع تانى واقول ــ أمننا القومى ياجماعة ــ
دونالد ترامب شايف حكام الخليج معاهم فلوس ومش عارفين يصرفوها فين ؟
ولذلك هو يرفع شعار ” إدفع .. لتبقى ” ودائما يقول : إحنا أولى بهذه الأموال ، وحال باله يقول : إحنا أولى بالمليارات
التى تنفق فى الهواء وربنا هيحاسبنا لو ما اخدنهاش منهم !!
بقى أن اشير إلى عدد من التخوفات وأولها : عدم التوافق بين الفرقاء الفلسطينيين ” السلطة الفلسطينية ـ حركتى
فتح وحماس ـ وبقية الفصائل ” حول أولويات المرحلة القادمة ، وهذه هى العقبة الأكبر فى عملية إعادة الإعمار ،
وأعتقد أن كلمة الرئيس الفلسطينى محمود عباس ” المنتهية ولايته ” فى هذه القمة أشارت ” عدم التوافق ” حتى
الآن وتلك معضلة ،
أما الثانية : هى إصرار USA وإسرائيل على نزع سلاح حماس ، وإبعادها عن السلطة وعن القطاع ، ومن يملك أو
يضمن تنفيذ هذا الإقتراح الذى تؤيده كل دول الحليج ” المطبعة ” ،
أما الأخيرة : وهى من يضمن أن لاتقوم حماس مستقبلا بالإقدام على عمل من شأنه نسف كل ماتم وتقوم إسرائيل
” تجيب عاليها واطيها ” كما حدث بعد عملية طوفان الأقصى .. حقيقى الوضع حرج  لأقصى درجة .
على الهامش المتابع للقمة الأوربية فى بروكسل لمناقشة خطط دعم أوكرانيا ومبادرات وقف الحرب يدرك أنه يجب
حتما ” الإعلان عن وفاة ” العرب .. خلص الكلام !! .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.