محمد نبيل محمد يكتب : الأمن الثقافى والهوية الوطنية

"الإنسان والآلة " و" المختبر الفلسطينى" يكشفان نوايا العدو

الكاتب محمد نبيل محمد
نستكمل الحديث عن الكتابين الذين كشفا نوايا العدو الصهيونى.. كتاب “المختبر الفلسطينى” وكتاب “فريق الإنسان والآلة” وكشفت الجارديان عن اسمه “يوسى سارييل”.
وأكد تقرير صحيفة الجارديان أن سارييل هو المؤلف السرى لكتاب “فريق الآلة البشرية” (The Human Machine Team) وهو كتاب يقدم فيه رؤية جذرية لكيفية قيام الذكاء الاصطناعى بتغيير العلاقة بين الأفراد العسكريين والآلات.
وتضمنت النسخة الإلكترونية من الكتاب ثغرة أمنية وهى عنوان بريد إلكترونى مجهول يمكن بتتبعه يقود إلى اسم يوسى سارييل، وحسابه على جوجل، وبالإضافة إلى بيانات شخصية له وروابط لخرائط الحساب وملفات متعلقة به.
وتم نشر الكتاب فى 2021 باستخدام اسم مستعار يتكون من الأحرف الأولى من اسمه، العميد “واي إس” (YS)، وهو يوفر مخططا للأنظمة المتقدمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعى والتى كان جيش الدفاع الإسرائيلى يعمل بها خلال حربه على غزة.
وبتحويل الإطار النظرى لكتاب “فريق الانسان والآلة” إلى الفعل التطبيقى الإجرائى طبقا لكتاب “المختبر الفلسطينى” وبالفعل تم تحييد العنصر البشرى تماما رغم أن تقرير نشر بمجلة “972+” الصادرة فى الكيان الصهيونى ويؤكد التقرير استخدام الجيش الإسرائيلى في حملات القصف الجوى على قطاع غزة قاعدة بيانات مدعومة بنظام ذكاء اصطناعى لم يكشف عنها سابقاً، حددت فى إحدى المراحل عدد 37 ألف فلسطيني كأهداف محتملة للاغتيال، … وليس للإعتقال أو حتى اغتيال القادة منهم فقط كما كان معتاد سابقا، وتم تطبيق برنامج “لافندر” رغم أن نسبة الخطأ فيه تصل إلى عشرة بالمئة من مجموع نتائجه.
ويرجع الخطأ إلى عدم مداومة عناصر المقاومة على الاحتفاظ بأرقام هواتفهم لمدة زمنية طويلة، وإعطاءها لأسرهم، وأصدقائهم، وجيرانهم، كما أيضا يأتى الخطأ المعلوماتى من تشابه الأسماء والألقاب بين عناصر المقاومة وآخرين، ربما لم تربطهم بالمقاومة ثمة صلة، ومن هنا كان الخطأ فى دقة تحديد الأهداف البشرية المحتملة، بالإضافة إلى أن المجلة ذاتها قدمت فى تقريرها رأيا لعناصر عسكرية استخباراتية هامة وقريبة من صنع القرار تدلل على ثلاثة عوامل كانت فى غاية الأهمية، حيث تم التغاضى عن العنصر البشرى فى اتخاذ القرار، وأصبح برنامج “لافندر” هو وحده المسئول عن قرار القتل، والعامل الثانى الذى يعد انحراف عن السياسة المتبعة سابقا وهو قتل جميع عناصر المقاومة دون تمييز بين رتبهم ومستويات قيادتهم، أما العنصر الأسوء على الإطلاق كان فى توازى استخدام برنامج ” أين أبى؟” الذى يحدد البنايات والمنشأت وفى هذه الحرب لم يصدر القرار بالقتل فى الأنفاق أو المعسكرات أو فى ميادين الإشتباك والقتال، بل كانت التوصيات هى : قتل العنصر الذى حدده “لافندر” ليلا أو فجرا وفى وسط بيته، وبالتالى يسقط مع العنصر الفدائى أو المقاوم أولاده وزوجته، وإخواته وأسرهم، ووالديه، لذلك كانت حصيلة الشهداء دالة على التطهير العرقى وقتل المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن وغيؤ المنتمين للحركات الفدائية أو الجهادية، وبذلك ارتفع عدد الشهداء إلى ما يناهز الخمسين ألف، والمصابين إلى المئة الف وعشرة الاف من المدنيين.
وكشفت المجلة أن الجيش الإسرائيلى حدد “عشرات الآلاف” من سكان غزة باعتبارهم “أهدافاً مشتبه بهم من أجل
اغتيالهم، واتباع “سياسات متساهلة”، فيما يتعلق بعدد الضحايا المدنيين.
تضمن تقرير المجلة ستة محاور تناولها الصحفى العبرى يوفال إبراهام، أولها شرح طريقة عمل نظام “لافندر” الذي
حدد عشرات الآلاف من الفلسطينيين باستخدام الذكاء الاصطناعى، وثانياً طريقة نظام جوسبل ” Gospel” الذى يتتبع
الأهداف البشرية، وإبلاغ الجيش عند دخولهم منازل عائلاتهم، وثالثاً كيفية اختيار ذخائر غير موجهة تعرف باسم
“القنابل الغبية” لضرب هذه المنازل، كما تضمن التقرير قتل المدنيين أثناء قصف هدف ما باعتبارهم “أضرار جانبية”،
وكذلك كيفية احتساب البرامج الآلية عدد غير المقاتلين في كل أسرة بشكل غير دقيق، وسادساً أنه فى كثير من
الأحيان لم يكن الهدف متواجد بمنزله حال القصف الجوى، الذى يحدث غالبا ليلا أو فجرا، وشارك بالمعلومات بالتقرير
عدد (6) من ضباط الاستخبارات الإسرائيليين من خلال شهاداتهم إلى الصحفى يوفال أبراهام في تقرير مجلة
“+972″، التي شاركت شهاداتهم مع صحيفة “الجارديان” البريطانية قبل النشر.
وبالإضافة إلى البرنامجين “لافندر” الذى يدعمه نظام ذكاء اصطناعى يسمى “جوسبل” “The Gospel” الذى كشفت
عنه المجلة بمعلومات دقيقة في تحقيق سابق أجرته فى نوفمبر 2023 الذى يقوم بتحديد إحداثيات كل هدف بشرى
وكان فى الغالب يتم اتخاذ القرار بالقتل والهدف فى منزله والتغاضى عن قتل مدنيين معه.
وأوضح تقرير المجلة أن البرنامج “لافندر” تم الاعتماد عليه فى القصف غير المسبوق الذى تعرض له الفلسطينيون
فى قطاع غزة، خاصةً في المراحل الأولى من الحرب، كما ان الجيش تعامل مع نتائجه كما لو كانت “نابعة عن قرارات
بشرية” كما صُمم برنامج “لافندر” لتحديد “المقاتلين” المشتبه في انتمائهم إلى الأجنحة العسكرية التابعة لحركتى
“حماس” و”الجهاد”، بما فى ذلك العناصر ذات الرتب المنخفضة، كأهداف محتملة للقتل، حتى ان البرنامج حدد خلال
الأسابيع الأولى من الحرب 37 ألف فلسطينى كمشتبه بهم، قتل منهم ما يقرب الخمسة عشر الف، وحدد منازلهم،
لشن غارات جوية محتملة، وخلال المراحل الأولى من الحرب كانت الأوامر على اعتماد قوائم القتل التي وضعها
“لافندر” دون الحاجة إلى التحقق بدقة أكبر من سبب قيام الآلة بهذه الاختيارات أو فحص بيانات استخباراتية أولية
استندت إليها.
وبعد سردية القتل المعتمدة على فكرتين كانت الأولى بكتاب “المختبر الفلسطينى” والثانية بكتاب “الانسان
والآلة”وما كشفته مجلتى الجارديان الانجليزية و”972+” العبرية نصل معا ليقين أن شركات العابرة للقارات والمنتجة
للتطبيقات المستخدمة بمواقع التواصل على اختلافها والتى يتطلب التعامل معها التنازل عن خصوصية المستخدمين
للهواتف المحمولة من أرقام هواتف ورسائل وصور وعناوين اقامة وعمل وتسوق وخريطة تحركاتهم محدثة بصورة آنية
ومتجددة، فضلا عن التعرف عن الآراء والهوايات والعواطف والأمال والتطلعات وغير ذلك من الملامح الدقيقة للشخصية
المعلن الظاهر منها والخفى الباطن، والآن كيف نعيد قراءة نصحية موشيه دايان فى حواره مع الصحفى الهندى
كارانجيا، عندما قال:” إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون” …
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.