” فى الطابق الستين ” .. قصة قصيرة للإعلامي محمود عبد السلام

يدخل الى حجرته ، يغلق النافذة والشرفة وباب الحجرة باحكام ، يضع قطعة قماش مبللة على الخُلل الموجود تحت عقب الباب وحول اطار النافذة والشرفة ،
يحبس الضوء عن الحجرة ، ويعتقل الصوت ثم يتخلص من ملابسه تماماً ، يتعرى كالبدايات ، يتغطى بالأوشحة البيضاء
، يعود جنيناً ملتوياً على نفسه ، فاقداً للنطق ويتخلص من رأسه ،
بعد أنتهاء صعودهما الى أخر نقطة تطل على المدينة ، يحكى لها عن الطائرة الورقية التى كادت أن تطيح به من فوق
سطوح البيت ، تقتله كما قتلت باسم زميل الدراسة ، ،،،
تتناول الفرشاة والألوان وتفرد اللوحة فى المدى ، بعرض اتساع الرؤية حيث تستطيع ، ترسم ملامحه ، ما تبقى فى
وجهه من علامات زمنية ، وما تبقى من مسحة جمال ، تغنى وهى ترسم لوحتها الأخيرة وهى تسكن شرفتها فى
الطابق الستين ،
أغنية زرقاء ، تحكى عن غيمة قذفت بها الأقدار فوق قرية صفراء ، أعوادها جافة .. محطمة .. ذؤبتها منكسرة بفعل
الرياح .. لم تمطر الغيمة إلا على حقل فتى يردد الاشعار ، تسقط بين الوان اللوحة التى تستدرجها نحو القاتم ، وبين
لحنها الحزين ،
(يوسف اعرض عن هذا ) .. وكيف لى وأنا الذى لم أرَّ حتى الآن البرهان ، أنا الضعيف ، الواهن الإرادة ، السكين بيدها
يذبحنى وبالأخرى ترسم لوحتها ، وتكتب ( هذا الذى لمتنني فيه ) .
تخلق حضوراً من الغياب ، ووجوداً من اللاوجود
هل نحن هنا فعلاً ، ؟ الأشباح تلهو فى حجرتنا المستعارة ، وفراشنا الزائف لا يحتمل ثقل جسدينا الليلة ،
افتحى طاقة لنا فى سقف هذه الحجرة شديدة الضيق ، نرصد من خلالها شهاباً ضل طريقة فأحرق الماضى ونسف
الحاضر ،
عزيزتى : رقصتنا الأخيرة فى الفراغ .. لن يتحقق الحلم .. رغم أنه متاح !!