مشاهد مروعة وصادمه ومقاطع فيديو في حسابات وصفحات عبر فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعى منسوبه للاشتباكات التى وقعت الأيام القليلة الماضية تظهر تعامل جهاز الشرطة مع بعض عناصر من الخارجين على القانون والبؤر الاجرامية ، فى محافظة أسيوط ، إستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة ” الخفيفة والمتوسطة والثقيلة ” وجعلت البعض يتساءل : عما يحدث فى أسيوط ؟
ويبدو أن أسيوط كانت على موعد مع القدر من جديد ، فما أن أنهت قوات الشرطة إمبراطورية ” عزت حنفى ” فى قرية النخيلة بأبوتيج ، لتعود أسيوط مجددا إلى الأضواء ، بإمبراطورية محمد محسوب أو ” الخط الجديد ” فى ساحل سليم ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، من أجل أن تظل أسيوط حاملة لقب ” الخط ” التى خرج منها الخط الأصلى ” محمد منصور ” لأول مرة عام 1942 فى قرية درنكه .
وكان الكاتب الكبير صلاح عيسى ” رحمه الله ” قد رصد أسطورة ” الخط ” الذى دوخ الداخلية وشيب الحكومة فى محافظة أسيوط فى أربعينيات القرن الماضى فى كتابه ” أفيون وبنات ” وهو الكتاب الذى حوى العديد من الأسرار عن أسطورة محمد منصور الخط إبن الـ 28 عام الذى أصبح خطرا على أمن مصر القومى ، بالقدر الذى جعل لقب ” الخط ” يطلق على كل خارج عن القانون تيمنا بخط الصعيد الأول ، تماما كما إعتدنا أن نطلق لقب ” مستريح ” على كل محتال يسلب المال من الناس بحجة توظيفه !!
أرجو أن لايظن احدنا أن المعركة التى دارت رحاها مؤخرا فى أسيوط مع محسوب ورجالته كانت هينة ، مشاهد النيران الكثيفة التى تناقلتها الـ Social Media كانت تدعو إلى الخوف والقلق ، وذكرتنا بمشاهد القبض على ” عزت حنفى ” فى فيلم الجزيزة ، محسوب ورجالته المتحصنين بترسانة من الأسلحة من مختلف الأنواع قاوموا بشراسة ، وحاولوا تفجير أسطوانات غاز ليمنعوا تقدم القوات ، دا غير القناببل اليدوية ” FI ” ونيران البنادق الآلية والجرينوف الكثيفة حتى الـ ” آر .بى .جى ” إستخدم وبدى المشهد للوهلة الأولى وكأن الحرب العالمية الثالثه قد قامت .
الحقيقة أن رجال قوات قطاع الأمن المركزى فى أسيوط ، أبلوا بلاءا حسنا ، وأظهروا كفاءة غير عادية وبراعة فى المواجهة ، وفى التعامل مع هؤلاء الخارجين على القانون ، من أجل أن يرسلوا رسالة مفادها ” أن الدولة لم ولن تتهاون ابدا أو تترك المجرمين يعبثون بالأمن الداخلى فى هذا البلد ” ، وقد إنتهت المواجهات بقتل المجرمين الـ ” ثمانية ” جميعا ، وأصيب ضابط من قوة قطاع الأمن المركزى ندعوا الله له بالشفاء العاجل ، وضبطت كميات هائلة من الأسلحة والذخائر والمخدرات ، مابين ” آر.بى.جى ” وجرينوف و قنابل وبنادق آليه وخرطوش وأسلحة محلية ـ وطلقات نارية مختلفة الأعيرة .
ولو تحدثنا عن ” الخط ” كظاهرة فى المجتمع المصرى نجد أنها ظاهرة تستحق الدراسة ، وان عدنا إلى الوراء قليلا وتحديدا الى حقبة الثمانينات ونهاية التسعينات ” وهى الفترة التى عانت فيها مصر ويلات الإرهاب ” وتم خلالها إغتيال الرئيس السادات فى إحتفالات أكتوبر 1981 ، وإغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجليس الشعب فى عام 1991 ، وحادث الدير البحرى فى الأقصر عام 1997 ، وسرقة محلات الدهب فى نجع حمادى ؛ والسطو المسلح على البنك الاهلى فى المراغة بسوهاج ، والحوادث المتفرقه فى أسيوط والنشاط الغير عادى للجماعات الاسلامية والجهادية .. وغيرها
ونظرا للطبيعة الجغرافية الوعرة فى محافظات الصعيد ، والخسائر الكبيرة فى أفراد الشرطة ، إستعانت الأجهزة
الأمنية ببعض العناصر من الخارجين على القانون كون ” أهل مكة آدرى بشعابها ” وتم تسليحهم لمساندة رجال
الأمن ومساعدتهم فى الوصول إلى هذه العناصر الاجرامية والتعامل معها ، وبالفعل بذلت هذه العناصر جهودا غير
عادية أسفرت عن تصفية الخمسة مرتكبى حادث السطو المسلح على بنك المراغة بسوهاج فى احدى المغارات
بالجبل الغربى بسوهاج ؛ وتصفية منفذى حادث الدير البحرى فى الأقصر الذى أسفر عن مصرع 58 سائح .. إلخ .
ولكن بعد أن بسطت الدولة نفوذها ، طفت على السطح مشكلة هؤلاء البلطجية ، وقد منحتهم الدولة صفة شرعية
لحمل السلاح ، وأصبح ظهورهم إلى جانب القيادات الأمنية يمثل قوة ونفوذ ، وفرض أتاوات .. إلخ ، وأصبح وجودهم
يشكل صداعا مزمنا فى رأس الدولة المصرية ، وتنامى خطرهم بالقدر الذى جعلهم خطرا على الأمن العام نفسه ،
وأصبحت هناك قرى بعينها فى محافظات أسيوط وقنا وسوهاج فيها من يحمل لقب خط الصعيد أمثال : عزت حنفى
فى النخيلة بأبوتيج ــ نوفل سعد ربيع و نشأت عيضة فى حمرا دوم نجع حمادي ــ وأولاد غدار ــ فى الرزقة بأبوتشت
.ـ ياسر الحمبولى الشهير ” روبن هود ” فى الأقصر ــ شعيب السيد علم الدين فى القرامطة بسوهاج ــ علي
حسين الشهير ” هولاكو ” فى نزلة البدرمان بالمنيا ــ وسيد بعجر فى الجبل الشرقي بالمنيا .. وغيرهم وكان لابد
من تصفيتهم . وهو ماحدث بالفعل !!
واعود مرة اخرى إلى محمد محسوب إبراهيم أحمد الذى أطلق علية ” خط الصعيد الجديد ” بدأ محسوب نشاطه
الاجرامى فى عام 2011 فى تجارة السلاح والمخدرات ، وهو متهم فى جرائم تعدت الـ 44 جريمة مابين ” قتل
ومخدرات وسلاح وسرقة بالإكراه وحريق عمدى وإتلاق ، ومحكوم عله بالسجن والسجن المؤبد بمدد بلغت الـ 191
سنة ، وبعد أن تنامى خطرة ، وفرض سطوته على أماكن بعينها ، فرض الأمن سيطرته ، وأعاد البسمة إلى أهالى
قرية العفادرة المنكوبة ، وبعد ثلاثة أيام من القتال العنيف والاشتباكات المتواصلة ، بعد أن تم إستهدافهم بمشاركة
قوات من قطاع الأمن المركزى قَضى على محمد محسوب وأعوانه .. حفظ الله مصر !!