محمد نبيل محمد يكتب : الأمن الثقافى والهوية الوطنية

ثقافة الواقع الافتراضى وغياب النخوة (٤/٢)

الكاتب محمد نبيل محمد

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا …عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ… وَما دانَ الفَتى بِحِجىً وَلَكِن… يُعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقرَبوهُ… وتلك من لزوميات شاعرنا العربى أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرى، أو رهين المحبسين كما دعاه “عميد الأدب العربى” الخالد طه حسين ثانى أثنين مع “الاستاذ” عباس محمود العقاد، فهما، وهما فقط، من تتكافىء معهمها فى المعنى والمبنى مفردة “الأديب” وتتطابق فيما دل وما صدق بقانون المنطق، وعلم الدلالة.

ونعود لما قاله أبو العلاء، إذ يتطابق مع فعل هذه السيدة الأم التى ربت وليدها أو تنازلت عن تربيته لهذا التليفون

المحمول، فلم تحكى له حكايات البطولة والفداء عن “الشاطر حسن”، فلم يدرك قيمه أن “الأرض” هى “العرض” ولم

ترب طفلتها على أخلاق “ست الحسن” وعلى أن “الحياء” هو “تاج زينتها” بل كانت فيديوهات اليوتيوب هى من تربى

وتعلم، وكذا كانت ألعاب القتل والعنف، واعلانات المثلية والإلحاد، حتى غالت الأم فى حرمان أولادها من التليفون

وبرامجه وتطبيقاته وألعابه إذ أرادت عقاب طفلها عندما يبكى رغبة منه فى عناق أمه له، والأم تنازل عن فطرتها التى

فطرها الله عليها، وترغب هى الأخرى فى نقيض ما يريده طفلها(!) وكأننا لم نسمع لشاعر النيل حافظ إبراهيم في

قصيدة “العلم والأخلاق” : :” الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتها… أعدت شعباً طيب الأعراق”.

وينمو الرضيع إلى الطفل بمراحل طفولته “الثلاثة” ثم يصير يانعا مراهقا، فشابا فتيا، كان مشروعا لرجل أو كانت

بدايات المرأة، ويتطلب الأمر الزواج وتسعد الأم كما الأب بختام ونهاية مسئوليتهما تجاه ذاك الوليد الذى لم يربياه

على الإطلاق، ويبدأ الوليد فى حياته الجديدة ليكمل التليفون معه تلك الحياة.

فتمتلىء مواقع التواصل وتطبيقاتها بفديوهات هى أدق خصوصيات الحياة لدى هذا الوليد مع زوجته طلبا فى الانتشاء

بالشهرة بين نظرائهم فى سباق محموم ناحية من يفضح خصوصياته أكثر من منافسيه، ولامانع من كسب الدولارات

من زيوع الشهرة وانتشار الصيت، بل وتهديه المؤسسات العابرة للقارات والتى تصل تصويباتها للقتل بدقة متناهية

تصل لدقائق الحياة فى الوحدة الأولى للمجتمع “الأسرة”، وتهدى وتكافىء هذه الكيانات “المعادية” هذا الوليد

شهادات تقدير على اخلاصه لها فى تطبيق ما ربته عليه صغيرا، وتتنافس التقديرات ما بين البلاتينية والذهبية

والفضية من الكيانات المربية لصغارها المتنافسين فى الخلاعة والعرى والفضائح، وهنا تقام سرادقات العزاء للنخوة

التى غادرت الرجال “أو أشباه الرجال” وكذا تتعالى صراخات النواح والوداع للحياء المفارق للبنات، التى باتت كالوردة

عديمة الأشواك مستباحة القطع والسلب(!).

وفى القادم نستكمل ان شاء الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.