عبد الناصر البنا يكتب : الملك عبدالله وغزة .. ومصر !!

عبد الناصر البنا

يبدو أن هناك من يحاول أن يصطاد فى الماء العكر أو يعكر صفو العلاقات ” المصرية ــ العربية ” وتحديدا بين مصر والمملكة الأردنية الهاشمية بعد زيارة ملك الأردن عبدالله بن الحسين الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تلبية لدعوة رئيسها الموتور ” دونالد ترامب ” .
تصريحات الملك عبدالله جاءت موافقة لموقف مصر والموقف العربى الرافض لتهديدات رئيس أمريكا وتصريحاته المستفزة بحتمية تهجير الفلسطينيين وأهالى غزة إلى مصر والأردن ، ولكن يبدو أن هناك من يحاول”شيطنه ” ملك الأردن ” شغل الذباب الألكتروني والقنوات إياها ” التى أوحت للرأى العام المصرى والعربى أن الملك قد تراجع فى تصريحاته أمام دونالد ترامب عن موقف المملكة الأردنية الرافض للتهجير والمتوافق مع الموقف المصرى ، وأن الملك عبدالله قدم تنازلات للرئيس الأمريكى .. إلخ .

الحقيقة أن كل من تابع هذا اللقاء المرتقب بين الملك وترامب وأنا أولهم وقع فى هذا الفخ ، ولعلنا تابعنا ردود أفعال الشارع المصرى المتباينة على وسائل التواصل الاجتماعى والـ Social Media والناس التى رددت أكاذيب قناة الجزيرة المسمومة والاعلام المعادى ، وسارعوا يكيلوا الإتهامات للملك عبدالله وأبوه الراحل الملك حسين وإتهامهم بالعمالة والخيانة وإحياء خلاف قديم له مع الرئيس جمال عبدالناصر الذى نعته ” بداعر” الأردن على حد قوله ، رغم موقف الملك عبدالله الشجاع الرافض للتهجير والدعم للموقف المصرى بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية .
الأمر الذى إستدعى إعادة سماع وترجمة تصريحات الملك عبدالله من جديد ، على سبيل المثال جاء رد الملك عبدالله على كلام ترامب على تهجير شعب غزة ” من الصعب تنفيذ ذلك بصورة ترضى الجميع ” بينما جاء فى الترجمة ” سوف نرى كيف يمكن تحقيق ذلك لمصلحة الجميع ” ، ولعلنا تابعنا لغة الجسد فى حديث الملك عبدالله مع ترامب وتعبيرات وجهه التى جاءت رافضة تماما لما يقوله ترامب ، وقد وصفت إجابات ملك الأردن بأنها كانت دبلوماسية للغاية كونه يشترى المزيد من الوقت بالمجاملة ، وأنه عارض بطريقة غير مباشرة إقتراح ترامب عندما قال : أنه ينتظر موقف مصر والتنسيق مع المملكة العربية السعودية .
إذن هناك من يحاول شق وحدة الصف العربى ويعكر العلاقات ويحدث الشقاق بين الدول العربية فى إتخاذ موقف عربى موحد يؤيد الموقف المصرى الأردنى الرافض للتهجير والتمسك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ، وأعتقد أن هذا التوقيت تحديدا هو الفرصة الذهبية لـ إفشال مخطط ” ترامب ــ نتنياهو ” فى تهجير سكان غزة ، خاصة بعد تصريحات ترامب المستفزة التى طالت العديد من دول العالم ، والتى طالت حركة التجارة العالمية والتهديد بفرض رسوم جمركية ، ومطالبتة أوكرانيا بدفع 300 مليار دولار قدمتها أمريكا لـ أوكرانيا فى حربها مع روسيا بالقدر الذى جعل دولا عديدة منها الدانمارك وكندا تشن حملة ضد ترامب ، ومطالبة 145 عضوا من الكونجرس بسجب تصريحاته ضد غزة كونها تحمل إستفزاز للعرب .
ولعلنا تابعنا موقف مصر منذ بداية الأزمة مع طوفان الأقصى ، وإن شئت قل منذ أعوام 1948 / 1956 / 1967 / 1973 الداعم للقضية الفلسطينية ، والجهد الذى بذلته القيادة المصرية بعد تصاعد الأحداث الأخيرة والتأكيد على حل الدولتين ورفض مخطط التهجير ، وهو الموقف الذى تبناه الشعب المصرى وقد عبر عن رفضه بالحشد أمام معبر رفح ، وتيقنه أن ” أمريكا ” لم تعد قوة إعتدال وإستقرار فى الشرق الأوسط ، وأنها لم تعد ” محايدة ” وتأكيد القيادة السياسية على أننا لسنا دعاة حرب وأن كل ” الخيارات ” مطروحة تصديقا لقوله تعالى ” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ” .
ويبقى السؤال : هل سوف تقف مصر بمفردها فى مواجهه الصلف والتعنت ” الصهيو ـ أمريكى ” ؟
الإجابة بكل تأكيد هناك فرصة ذهبية لفرض الإرادة العربية وكسر هيمنة الإدارة الأمريكية وعربدة رئيسها بالخروج بنتائج مرضية على الأقل للشارع العربى وإتخاذ موقف عربى موحد فى القمة العربية الطارئة المرتقبة بنهاية شهر فبراير الجارى ، موقف يمثل قوة ضغط على الإدارة الأمريكية وبالتبعية على إسرائيل بما يضمن حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية  .
ولكى يتحقق ذلك لابد وأن يكون هناك إجماع عربى على الأقل على الخطوط العريضة لمشروع عمل مشترك يتم التحضير له من الآن تأسيسا لمرحلة جديدة من العمل العربى المشترك يمكن أن يكون مدعوما من بعض دول أوربا الرافضة للتصريحات المستفزة للرئيس دونالد ترامب . ورغم ذلك تيقى الكرة فى ملعب السلطة الفلسطينية وقيادات حماس . هل سوف يكون هناك وفاق بينهم والوقوف إلى جانب الصف العربى وأن ينحوا خلافاتهم جانبا .. أم سوف تُصر حماس بمواقفها المتعنتة على نسف كل هذه الجهود وتفويت الفرصة التى يمكن أن يترتب عليها ضياع القضية برمتها ، تماما كما فعل ياسر عرفات من قبل مع الرئيس السادات فى مباحثات فندق” ميناهاوس ” بالقاهرة وضياعه فرصة ذهبية لم تستطع فلسطين الحصول عليها حتى اليوم !!
حماس التى ترتمى فى أحضان الإخوان والمدعومة من إيران سوف تكون حجر عثرة فى هذا الاتفاق ، وأدعوا الله أن يخيب ظنى قبل أن تصل القضية إلى نقطة ” اللاعودة “ووقتها لاينفع الندم وعض الأنامل .
مصر القوية تقبل كل السيناريوهات وعلى لسان وزير خارجيتها صرحت : بأن أى خطة لحل القضية الفلسطينية يجب أن لا تعرض مكتسبات السلام للخطر ، فى إشارة واضحة مفادها أن ” خطة التهجير ” التى يتبناها رئيس وزراء إسرائيل والرئيس الأمريكى تتعارض مع ” معاهدة السلام ” الموقعة بين مصر وإسرائيل وتضمنها USA وتعرضها للخطر ، أى أن تهجير 2 مليون فلسطينى إلى مصر والأردن يمثل تهديدا لـ إستقرار مصر وأمنها ، وهو يتعارض مع نص م/3 من المعاهدة الذى ” يمنع على كل دولة التهديد المباشر لاستقلال الدولة وسلامة أراضيها ” وبذلك يعتبر خرق للمعاهدة يوجب إلغاؤها .
بقى أن أشير إلى موقف مصر الرافض لتصريحات رئيس وزراء إسرائيل ضد المملكة العربية السعودية ، وأيضا إلى تهديدات USA وإسرائيل بالجحيم لأهالى غزة فى حال عدم تنفيذ حماس إتمام صفقة الرهائن حتى ظهر يوم السبت ، وإلى ملامح الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة التى تتضمن نقل المدنيين إلى مناطق آمنه فى غزة فى السته أشهر الأولى التى سوف يتم خلالها رفع الركام من بعض المناطق ، ومرحلة البناء التى تستغرق الـ 18 شهرا ، وتقترح مصر البدء فى أول مراحل إعمار غزة عقب القمة العربية الطارئة المنتظرة .. حفظ الله مصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.