جهاد شوقى السيد تكتب: الرؤية الجبرية.. نظرة في قانون الأحوال الشخصية

ونحن بصدد تغيرات جزئية وأخرى جذرية في قانون الأحوال الشخصية المصري والذي شابه الكثير من التساؤلات
وأيضا الاعتراض على بعض النصوص والتي ستكون محل نزاع قوي في الأيام القادمة.
ومن أبرز هذه التغيرات، هو “الطلاق الشفوي” والذي تم تناوله علي صعيد واسع من رجال الدولة وعلماء الدين،
وأيضا شيخنا الكبير شيخ الأزهر الشريف كان له رأي سديد في هذه القضية،
فنجد مشروع القانون الجديد يلزم المطلق توثيق الطلاق في خلال ١٥ يوما وإلا يعاقب جنائيا بالحبس في حالة عدم التوثيق،
وفي هذه الحالة تعتبر الزوجة قانونا علي ذمته تتمتع بكافة الحقوق من نفقات وفي حاله موته ترثه،
ولها أيضا حق الرجوع علي الزوج قضائيا لعدم التوثيق.
قانون الرؤية
وقد استحدثت بنود جديدة في “قانون الرؤية”، فنجد أنه في حاله عدم إنفاق الأب علي الأبناء يسقط عنه حق الرؤية،
و يحدث هذا عند تقديم الأم بطلب لإسقاطها، وهو ما لم يكن يسري في القانون الحالي، و ينطبق هذا
علي ما نص في الشريعة الإسلامية، فلقد خص الله عز وجل الرجل بالإنفاق سواء زوج او أب، فالأساس في العلاقة بين الرجل والمرأة
هي الإنفاق، فنجد عندما يستطيع الرجل “الباءة” أي تكاليف الزواج عليه بالزواج وقد وضحه رسولنا الكريم في حديثه الشريف:
“من استطاع منكم الباءة فليتزوج “، وقول الله عز وجل:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” و في حاله الطلاق أيضا قال المولي عز وجل:
” لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا”
أي لينفق علي زوجته المطلقة وأولاده حسب سعته المادية، وعندما لا ينفق يسقط عنه حقه وتسقط قوامته،
فكيف بأب لا ينفق علي أولاده أن يراهم وهو أمامهم لا يقوم بواجبه تجاههم بل أمام الخالق الذي رزقة؟،
فهيبة هذا الأب تهتز أمام أبنائه وهم يعلمون أنه يرفض الصرف عليهم،
فيعتبر هذا التغير في صالح الأبناء حتى يتحمل الآباء المسؤوليات المادية، والتي كان يتعمد بعض هؤلاء عدم القيام بواجباته
حتى يتعب كاهل الأم بها ويتم صرفها علي هيئة متجمدات في حاله تعرضه للحبس إذ لم يتم السداد لينقذ نفسه فقط،
استحداث الرؤية الإلكترونية
وأيضا استحداث الرؤية الإلكترونية للموجودين بالخارج وفي حاله رفض الحاضن الرؤية تسقط عنها الحضانة وهو ما يعد أيضا في صالح الأبناء،
فإن كان الأب يقوم بواجباته المادية تجاه أبنائه فله حق رؤية الأبناء، وتفعلها لكل من الجد والجدة ومن يصعب عليه الحضور بشخصه للرؤية،
وعلي نفس المنوال تم تفعيل الاستضافة أو حق الزيارة لغير الحاضن سواء الأم أو الأب ويكون بنحو ١٠ ساعات شهريا،
وفي حاله امتناع أي طرف عن إرجاع الأبناء يسقط عنه حق الاستضافة إلي الأبد.
ترتيب حضانة الأطفال
وتغير ترتيب حضانة الأطفال فنجد الأب في المرتبة الثانية بعد الأم، وسيكون هذا التغير محل نقاش قوي، فالبعض يري هذا جيد
من حيث أن يتحمل كل من الأم والأب أعباء أبنائهم وأيضا أن يتحمل الأب مشقة صغاره ويوفر لهم المسكن والمأكل والبيئة المناسبة لتربيتهم
وإن كان هذا بمثابه مشقة عليه، لأنه عليه أن يعمل ويوفر المال و يجد من يهتم بأطفاله حتى يعود، وسيكون هنالك زيارات
من الخدمة الاجتماعية لضمان توفر بيئة آمنه للصغار وفي حين عدم توفرها تسقط عنه الحضانة فورا.
ونجد تغير ترتيب الوصاية في حاله وفاة الأب لتصبح الأم في المركز الأول بدل الجد، لتكون وصية على المال والتعليم وكل ما يخص الأبناء
ويعد هذا أيضا تغيير للأفضل، فبعد أن عانى الكثير من الأبناء والأمهات من عقوق الأقارب وتصرفهم في مال اليتم -بغير حق-
وتضييق الخناق على الأم حتى تتنازل عن حقها وحق أبنائها.
وشمل التغيير أيضا، سن الحضانة للإناث ليصبح حتى الزواج، فهي ملزمة من الأب حتى تتزوج بعد أن كان سن الحضانة ١٥ سنة
لكل من الذكر والأنثى.
وتعد هذه نظره ورؤية سريعة للتغييرات التي ستكون محل النقاش والجدل، فالبعض يتحفظ علي الكثير من القوانين، والبعض الآخر
يرحب بهذه التغيرات ولكن يبقي السؤال: متى يتم تطبيق هذه القوانين الجديدة؟ وما هي الثغرات التي سيتم اكتشافها واللعب عليها
من قبل المتحايلين علي القانون؟.