الدكتور علاء رزق يكتب : المستقبل الإقتصادي للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (١٠- ١٠)

تناولنا فى المقالات السابقة أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الإقتصاد العالمي خاصة فى الدول العربية،بسبب السياسات الخاصة المرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية.والتى إنخرطت في صراعات مدتها 231 عاما من أصل 248 عاما من وجودها، وإستناداً على شعار ترامب”أمريكا أولاً”،فإن توجهاته تعكس هذا الشعار،وإبتزازه لكثير من الدول العربية وعلى رأسها السعودية التى طلب أن تستثمر حالياً بتريليون دولار ،
وفى هذه السلسلة من المقالات تناولنا تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، والآن سوف نتناول الأثر
الإقتصادى على الدائرة العربية فى مجملها،والتى تشير إلى إحتمالات تغيير جوهري في طبيعة العلاقات الاقتصادية
الأمريكية-العربية، مع توقعات بفرض شروط جديدة للتعاون،وتغيير في أنماط المساعدات والدعم.
لذا فمن المتوقع أن تنحصر خسائر الأمة العربية فى تقليل الصادرات وزيادة تكاليف الواردات عبر زيادة إنتاج الولايات
المتحدة من 12 مليون برميل/يوم حاليا إلى 15 مليون برميل/يوم عام 2025، مع إنخفاض الواردات الأمريكية من دول
الخليج العربية بنسبة 15%.
أما الصادرات غير النفطية، فمن المتوقع فرض قيود جمركية أعلى على البضائع العربية،مما يصعب دخول المنتجات
العربية للسوق الأمريكي، ومن خلال قراءة تحليلية فى تصريحات الرئيس الامريكي ترامب الآنية، فإننا أمام تأكيدات
بإرتفاع تكاليف الحماية العسكرية وفق سياسة “أمريكا أولا”، وزيادة نفقات التسلح والمعدات العسكرية، وتكاليف
إضافية للتجارة والشحن نتيجة التوترات الدولية، مع إمكانية خضوع المساعدات والمنح الأمريكية للدول العربية لشروط
سياسية أكثر صرامة،
وهذا قد يؤثر على برامج التنمية في هذه الدول.وقد سبق لترامب في فترة رئاسته الأولى أن خفض المساعدات
لمصر في 2017 (130 مليون دولار)، مع تغيير شروط المساعدات العسكرية للعراق، وربط المساعدات بصفقات
السلاح في الخليج،وإلغاء برامج مساعدات للأردن وتحويلها لقروض، وتقليص برامج USAID في عدة دول عربية،
وخفض ميزانيات الإغاثة في اليمن وسوريا.
أما عن المساعدات العسكرية فسيتم ربطها بصفقات شراء الأسلحة الأمريكية وفرض شروط أصعب للحصول
عليها،وتحويلها لقروض بدل المنح المباشرة.وبالتالى فإننا نرى أن التكامل الاقتصادي العربي سوف يواجه مزيدا من
التحديات،فى ظل التوترات السياسية. ويتوقع تعقيد التكامل الاقتصادي العربي من خلال تفتيت التحالفات
العربية،وتشجيع الصفقات الثنائية المنفردة على حساب العمل العربي المشترك، وخلق منافسة غير صحية بين
الدول العربية للحصول على المزايا الأمريكية، وإضعاف المؤسسات الاقتصادية العربية المشتركة، وتقييد حرية العمل
الاقتصادي العربي المشترك مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات الاقتصادية العربية.مع إمكانية أن تواجه الدول العربية
ضغوطا أكبر من الولايات المتحدة للحد من علاقاتها الإقتصادية مع الصين وتركيا وإيران،
وبشكل عام، فإن إستمرار سياسات ترامب العدائية تجاه بعض الجهات الفاعلة الإقليمية قد يعرقل الجهود العربية
الرامية إلى تعزيز التكامل والتعاون الإقتصادي،وقد تخضع المساعدات والمنح الأمريكية للدول العربية لشروط أكثر
صرامة،
وهذا قد يؤثر على برامج التنمية،وهنا تصبح الدول العربية أقل جاذبية كوجهة للإستثمار الأجنبي المباشر، بسبب
إرتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية،مما ينتج عنه تأجيل المشاريع الإستثمارية الكبرى.وما نود أن نشير إليه أن
العالم اليوم مختلف عن العالم الذي تركه ترامب في يناير عام 2021.
وأن ترامب قد يكون قادراً على فرض إرادته بالقوة على بعض الدول العربية، لكن على المدى الطويل، سيجد أن
محاولة الهيمنة ليست استراتيجية مستدامة، بل إستعمارية مهانة.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام