محمد نبيل محمد يكتب : ثقافة الادارة وادارة الثقافة

الكاتب محمد نبيل محمد

إعلان المليون كتاب يستحق التقدير والملاحظة!
نستكمل الحديث بعد ثقافة الادارة يأتى الدور على إدارة الثقافة وهنا ما أجمل أن تتفق الثقافة مع الاحتياجات المعرفية للمواطنين وأيضا أن تتسق مع الاستراتيجية الوطنية للدولة وفى سياق الحلم الذى ننشده جميعا بالجمهورية الجديدة التى ثبت دعائم بنيانها الرئيس عبد الفتاح السيسى هذا الزعيم الذى تجمع حوله المصريون بأحلامهم وآمالهم فى مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة .
ولأن المبادرات الجيدة يجب أن تستمر بل ويجب أن نقدم الشكر والتقدير للقائمين عليها. وأيضا انطلاقا من المسؤلية الجمعية فى بناء الوعى العام كان مقتضى الحال يستوجب تقديم ملاحظات نحو مبادرة (المليون كتاب).
من خلال أحد برامج الفضائيات بادر المذيع بسؤال الوزير عن خبر حصرى عنوانه (اهداء الوزارة مليون كتاب للدولة المصرية).
وقد استوجب هذا المشروع الفذ تقديرا وأيضاً ملاحظات نقف أمامها أحاول فيها جاهدا أن أكون فى جانب الموضوعية والحق الذى ننشده جميعا.
أولا: كانت الإجابة من جانب الوزير على السؤال تعنى أن الوزارة ستهدى قطاعات الدولة المصرية مليون كتاب واضاف: “لأننا من نبت هذه الأرض” وأن هذا العمل العظيم يستحق مؤتمراً صحافيا.
واتفق تماما معه فى ذلك!.
ثانيا: فى ذات اللقاء التليفزيونى أكد الوزير أن من صعوبات صناعة الكتاب هى أسعار الورق والأحبار والمواد المكونة للعملية الإنتاجية فى صناعة النشر وجاء هذا ردا على سؤال المذيع: أين الكتاب الآن؟
ثالثا: فى نفس اللقاء صرح الوزير أيضا بأنه ونظرا لتلافى معوقات إنتاج الكتاب سيتم إطلاق مشروع (إى بوك) أو رقمنة صناعة الكتاب لتوفير نفقات إنتاجه وتحقيق أقصى مستويات الإتاحة للجميع.
وهنا بدأت برقية التقدير وأيضا مسودة الملاحظات كالتالى :
يأتى التقدير لهذا المشروع والقائمين عليه من خلال الرد على باقة أسئلة تطرح نفسها مباشرة على أذهاننا جميعا وأقصد جميعا هنا الجمهور المتلقى لهذا الخبر الحصرى أياً كان نوع هذا الجمهور وأسئلة التقدير هى:
1- هل هذا الامر كان مخططا ضمن استراتيجية الوزارة ام طارىء
2- هل هناك لجنة عليا ستقوم بتكليف الكتاب والمفكرين والعلماء على اختلافهم بموضوعات تحقق اهداف الدولة حاليا من مواجهة التحديات الراهنة بتوعاتها، كما تحقق انتشار مبادىء الولاء والانتماء ووحدة الصف وتدعيم الوعى العام على سبيل المثال لا الحصر.
3- هل ستكون هذه الهدية خلال خطة مرحلية زمنية أم ستتحقق جملة واحدة بمعنى هل هناك مخطط لإطار زمنى لتنفيذ هذا الوعد.
4- هل سيتعارض تقديم هذه الهدية مع قيام القطاعات المعنية بالنشر داخل الوزارة الاستعداد لمعرض القاهرة الدولي للكتاب .
5- هل تم قياس رأى أو تحديد نتائج استطلاعات للعناوين التى سيحتاجها كل قطاع فى الدولة سيوجه له إهداء الكتب وطبقا لسياساته وبرامجه .
6- من أين سيأتى تمويل هذا الرقم (مليون كتاب).
7- هل تم توفير الورق والزنكات والأحبار والماكينات والأيدى العاملة واستقطاع الوقت من خطط القطاعات المعنية بالنشر بمعنى هل ستجنب الخطط الاعتيادية للنشر لتحقيق إنتاج (مليون كتاب).
8- هل متوافر اسطول نقل سيقوم بتوزيع هذه الهدايا وأيضا هل تم إبلاغ الجهات المهدى إليها الكتب عن طرق عرضها وإتاحتها للجمهور المستهدف لكل قطاع وبالتالى هل لديهم خطط بتنسيق العرض والإتاحة حتى تتحقق الفائدة المرجوة.
9- مع افتراض أن كل ما سبق سيتم بشكل مخطط لعناوين موضوعات جديدة أو لعناوين قديمة سيتم إعادة تقديمها بالشكل اللائق وفى الحالتين تم التنسيق المسبق مع القطاعات المختلفة للدولة التى سوف تتسلم هدايا تحقق سياساتها، فمن الواجب هنا تقديم الشكر والتقدير لجميع القائمين على هذا المشروع الحقيقى.
10- لكن حال تحقق هذل الاحتمال الأول بأن المليون كتاب جديد ومخطط علميا بدقة متسقة سلفا لصالح أهداف الدولة فإنه رغم ذلك يتعارض مع خطة إطلاق الوزارة لمنصات رقمية (إى بوك) يتم عرض الكتب والدوريات من خلالها تحقيقا للإتاحة والعدالة الثقافية (كما أعلن الوزير نفسه) إلى غير ذلك من الأهداف المعلنة فى هذا السياق فضلا عن توفير النفقات الذى ظهر جليا فى تخفيض طباعة نسخ الكتب إلى (٥٠٠) نسخة من كل عنوان.

أما الملاحظات فكانت كالفرضية التى تستحق الملاحظة وتتنافى مع هذا الحلم الجميل وهى الكابوس الذى لا نرجوه على الإطلاق وهو أن تكون هذه المليون كتاب كالتالى:
1- هى الكتب الراكدة منذ سنوات فى مخازن فيصل والسادس من أكتوبر والأوبرا وغيرها .
2- وهى الكتب التى تذكرنى بواقعة اهداء قصور الثقافة لجهة ما كنت أعمل من خلالها لهدية عشرة الاف كتاب سنة ٢٠١٦ وتبين أن العشرة آلاف كتاب هم نسخ مكررة لعشرة عناوين فقط وبالتالى تم إعادة السيارة النقل التى كانت تحملهم دون إفراغها إلى مخازن قصر ثقافة الجيزة من حيث أتت.
3- أتحرج جدا من أن تتسلم قطاعات الدولة رواكد مخازن قطاعات الثقافة وبالطبع التى لم تلق رواجا وإقبالا من الجمهور فى معارض الكتاب المتتالية وبالتالى تتحول الهدية إلى مخازن تلك القطاعات وتشكل عبء إدارى فى التصرف معها.
4- افترض أنه إذا كان الكابوس المحتمل حقيقيا فمن الأفضل أن يتم تحويل الأمر لجهات التحقيق عن أسباب إهدار المال العام بتكدس الملايين من نسخ الكتب والمجلات والدوريات التى لم تلبى الاحتياجات المعرفية لجمهور القراء على مدار سنوات الأمر الذى أدى لتراكمها حتى بلغت الملايين (وهو مالم يفعله الوزير) .
5- بافتراض أن هذا الكابوس حقيقى هل ستكون سنة النشر وأعرافه تقليدا سنويا أو كل دورة زمنية لا نعلمها سيخرج علينا الوزير باهداء الكتب الراكدة لتكون مخازن القطاعات المختلفة في الدولة بدائل لمخازن الوزارة.
6- حال كان هذا الكابوس حقيقيا ما هو دور اللجنة العليا للنشر بالوزارة فى وضع سياسات لصناعة الكتاب لا تتناسب والاحتياجات المعرفية والثقافية لدى الجمهور أم هناك انفصال بين سياسات الوزارة والحاجات المعرفية للجمهور.
7- مازال الافتراض الكابوسي قائما وبالتالى ما هو دور إدارات الأمن والمخازن والتفتيش والمالية والتسويق والمعارض والمطابع لدى القطاعات المعنية بالنشر فى وزارة الثقافة بمعنى هل تفاجئنا جميعا بمخزون بالملايين من الكتب ولم يحرك أحدا منهم ساكنا.
8- ما هى تقارير لجان الجرد السنوى لدى هذه القطاعات المعنية بالنشر عندما تتراكم لديهم عناوين كتب تصل إلى الملايين.
رابعا: هل هناك ازدواج فى خطط النشر بين قطاعات الوزارة نتج عنه تكدس وتراكم نسخ بالآلاف من ذات العناوين.
خامسا: هل ستقدم الكتب بأخطائها (الإملائية والإخراجية) وعيوبها الطباعية (شكلا وموضوعا) –كالتى كان بعضها فى معرض الكتاب السابق– والتى على أساسها تم تخزين هذه النسخ من عناوين الكتب المكدسة.
سادسا: هل سيتواكب مشروع المليون كتاب المهدى إلى قطاعات الدولة مع الاجراء النمطي والاعتيادي –رغم ندرة حدوثه– فى تزويد مكتبات قصور الثقافة وإحلال كتب جديدة فى شكلها وموضوعها بدلا من تلك التى يغطيها التراب بمكتبات الطفل والمكتبات العامة وتشهد دفاتر وسجلات الاطلاع بعدم اقتراب الأطفال أو الشباب منها إلا فيما ندر لأنها عناوين قديمة وباتت لا تلبى الاحتياجات المعرفية لدى جمهور الأطفال والكبار وأمناء المكتبات يعانون من كثرة مكاتباتهم بغرض التحديث والتزويد بعناوين كتب جديدة.
سابعا: حال إذا عدنا إلى الافتراضية الكابوس هل يكون هذا الإعلان معنى بالتلاعب على الرأى العام ومحاولة للتضليل وهو ما يتعارض وقسم الوزير (حلف اليمين الدستورية) ؟!
ثامنا: ماسبق من سرد لحلم وأمل حقيقى أو كابوس افتراضي، لم يكن ليتم الحديث عنه إلا فى اطار الشفافية التى نعيشها الان فى عصر الجمهورية الجديدة التى تصون الراى وتحمى الفكر وتحترم العقل الجمعى للجماهير وتقدم وتعلى مصلحة الوطن قبل اى مكاسب دعائية او منافع شخصية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.