محمد يوسف العزيزي يكتب : قراءة في مستقبل منطقة الشرق الأوسط
مع تصاعد الأحداث السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط تتجدد التساؤلات حول مستقبل التحالفات والتوازنات الإقليمية في المنطقة وما حولها لا سيما في ضوء التصريحات غير المسئولة للرئيس ترامب حول المنطقة، وتوقيع شراكة استراتيجية بين روسيا وإيران .
هذه التحركات تحمل تداعيات عميقة علي مستقبل التحالفات السياسية والعسكرية في المنطقة، وقد تؤدي إلى إعادة رسم ملامحها بما يعيد ترتيب الأولويات والمصالح!
تصريحات ترامب حول الشرق الأوسط لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل جاءت محملة برسائل سياسية تهدف إلى إعادة صياغة المشهد الإقليمي ومن أبرز هذه التصريحات كان طلبه من دول الجوار لإسرائيل استضافة الفلسطينيين كحل بديل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي
هذا الطلب أثار جدلًا واسعًا وأعاد للأذهان مخاوف تتعلق بمحاولات تهجير الفلسطينيين وإعادة توزيعهم خارج أرضهم
التاريخية لتنتعي إلي الأبد القضية الفلسطينية وحق العودة وإقامة دولة فلسطينية علي حدود الرابع من يونيو 1967
وفي هذا السياق جاء موقف مصر واضحًا وحاسمًا، برفضها القاطع لأي مقترحات تتضمن توطين الفلسطينيين في
سيناء ولا حتي استضافة مؤقتة لحين إعمار القطاع وإعلان مصر أن سيناء خط أحمر للأمن القومي يعكس مدى
حساسية القضية وارتباطها بمفهوم السيادة الوطنية، وهو ما يؤكد التزام مصر بدورها التاريخي في دعم الحقوق
الفلسطينية.
في المقابل، أعلنت روسيا وإيران عن شراكة استراتيجية تعكس رغبة الطرفين في تعزيز حضورهما الإقليمي هذه
الشراكة – التي تتجاوز التعاون التقليدي في مجالات الطاقة لتشمل التعاون العسكري والتقني – تسعى إلى مواجهة
الضغوط الغربية وإعادة التوازن للقوى في المنطقة
هذه الشراكة تمثل لإيران طوق نجاة لتعزيز مكانتها الإقليمية في ظل العقوبات الاقتصادية الخانقة ، بينما تجد روسيا
في هذا التعاون فرصة لتعزيز نفوذها الجيوسياسي في منطقة لا تزال تمثل مسرحًا لصراعات القوى الكبرى خصوصا
بعد تحول الموقف داخل سوريا
هذه التحركات تعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، حيث تجد الدول العربية نفسها أمام تحديات
معقدة تستدعي إعادة صياغة تحالفاتها الاستراتيجية ، فمن جهة تسعى بعض الدول لتعزيز تعاونها مع قوى صاعدة
مثل الصين وروسيا لضمان توازن أكبر في علاقاتها الدولية، ومن جهة أخرى يثير التقارب الروسي – الإيراني مخاوف
أمنية لدى دول الخليج التي تواجه تهديدات متزايدة في ظل تصاعد القدرات العسكرية الإيرانية لا سيما النووية منها
على الجانب الآخر يظل الموقف المصري ثابتًا في مواجهة أي محاولات لتغيير المعادلة الإقليمية على حساب أمنها
القومي فرفض مصر التام لسيناريو تهجير الفلسطينيين أو المساس بسيادة سيناء يعكس إدراكها لحساسية المرحلة
وخطورة التهاون في مواجهة الضغوط الدولية
هذا الموقف الحازم قد يدفع نحو مزيد من التعاون العربي لتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المشتركة ، وربما
يكون اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات بجانب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية وأمين عام جامعة الدول العربية خطوة يجب البناء عليها باجتماع قمة عربية علي المستوي الرئاسي
تتفق علي بناء رأي عربي موحد تجاه تطور الأحداث المتسارعة والأخطار التي تواجه المنطقة
إن مستقبل الشرق الأوسط يبدو مفتوحًا على سيناريوهات متعددة تتراوح بين فرص إعادة بناء تحالفات جديدة
وتحديات متزايدة قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات إذا ما جاءت مباحثات ترامب ونتنياهو مخيبة للآمال ، ومع استمرار
التحولات الكبرى يبقى السؤال :
هل ستتمكن دول المنطقة من مواجهة هذه التحديات بما يضمن استقرارها وأمنها أم أن المنطقة ستكون على موعد
مع مزيد من التوترات التي تعيد تشكيل ملامحها من جديد وتتحقق مزاعم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بشرق أوسط
جديد ؟!!