محمد نبيل يكتب : المدارس والمصانع العسكرية فى عهد محمد على (1/3)

الجيش المصرى تاريخ مجيد وحاضر يصون المستقبل

الكاتب محمد نبيل محمد

لما زار المارشال ( مارمون ) هذه الترسانة عام 1834 اعجب بنظامها واعمالها وقال عنها : “ان معامل القلعة تضارع احسن معامل الاسلحة فى فرنسا من حيث الاحكام والجودة والتدبير ”

الواقع الآن فى عوز لإعادة استدعاء قيم وأخلاق من أجل الحق والعدل للحفاظ على ما تبقى للإنسان من انسانيته .
ستنتقل عبر جولات جيشنا تاريخاً ومكاناً نخلق من تلك الحلقات المتوالية جسراً موصولاً بين فرساننا على مدار التاريخ وشبابنا الحالى ساعد هذه الأمه وعقلها وصانع مستقبلها.

ملخص ماسبق..

كان الأسلوب العلمى هو الطريق الأوحد الذى اتبعه محمد على فى تأسيس جيش حديث وعصرى فتوالت المدارس الطبية مثل المدرسة الطبية العسكرية والمدرسة الطبية البيطرية ولتسليح الجيش كانت مدرسة الهندسة العسكرية والاهم قطعا كانت المدرسة الحربية بأسوان وغيرها من المدارس التخصصية كالفروسية والطوبجية والموسيقى العسكرية وغيرها.

أعطى محمد على مثلا عاليا اذ الحق ابنه ابراهيم بهذه المدرسة ليتعلم كواحد من طلبتها ، وكان هذا من اكبر عوامل نجاح المشروع ، ولايفوتنا ان نذكر ان هناك حادثة صغيرة كان فيها ابراهيم مثلا للطاعة والنظام ، فقد اتفق ان ( سيف ) كان يمر ذات يوم هو ومن معه من الضباط فأتخذ ابراهيم موقفه فى اول الصف مع انه كان اقصرهم قامة ، فأمسك سيف يده وارجعه الى اخر الصف الذى يتفق مع قامته ، فأمتثل ابراهيم ولم يعترض ، فضرب بذلك مثلا فى تقبل الروح العسكرية الحديثة .

وقد نقلت هذه المدرسة من اسوان الى اسنا ثم الى اخميم ثم الى بنى عدى ثم الى اثر النبى ، واستدعى محمد على باشا نخبة من الضباط الفرنسيين ، منهم الجنرال بواييه والكولونيل جودان ، وكان لهم اثر واضح فى التدريب الحديث على نمط الجيش الفرنسى فى اداء الحركات والسير والمناورات فيما عدا النداء فكان يصدر باللغة التركية ، وطبقت على الجيش المصرى قوانين الجيش الفرنسى بعد ترجمة القوانين العسكرية الى التركية للعمل بموادها .

كما رأى محمد على ان انشاء جيش مصرى حديث لايقام الا بأن يجد كفايته من السلاح والذخيرة والمعدات فى داخل

البلاد ، لأن الاعتماد على جلب العتاد من الخارج يعرض قوة الدفاع الوطنى للخطر ، ويجعل الجيش والبلاد بأسرها

تحت رحمة الدول الاجنبية التى تتحكم فى تموينه بهذه المستلزمات الضرورية لكيانه .

لذا هدفت سياسته الى انشاء مصانع الاسلحة فى مصر كى تكون مطالب الجيش منها متوفرة دواما ومناسبه لما

يتطلبه التسليح .

وكان اول ما اتجه اليه التفكير هو انشاء ترسانة القلعة لصناعة الاسلحة وصب المدافع ، وقد اتسمت ارجاؤها ولاسيما

بعد عام 1827 ، وكان اهم مصانع الترسانه واكثرها عملا هو معمل صب المدافع الذى كان يصنع كل شهر ثلاثة مدافع

ميدان او اربعة من عيار ثمانية ارطال ، وصنعت فيه مدافع الهاون عيار 8 بوصة وعيار 24 بوصة ، وكان يشرف على ادارة

هذه الترسانة العظيمه احد ضباط المدفعية الاكفاء وهو اللواء ابراهيم باشا ادهم ، وقد اشتغل 900 عامل فى معامل

الاسلحة وكانت تنتج فى الشهر الواحد من 600 الى 650 بندقية ، وكانت البندقية الواحدة تتكلف 12 قرشا .

وفى مصنع اخر كانت تصنع زنادات البنادق وسيوف الفرسان ورماحهم وحمائل السيوف واللجم والسروج وملحقاتها

من صناديق المفرقعات ، ومواسير البنادق ، ولما زار المارشال ( مارمون ) هذه الترسانة عام 1834 اعجب بنظامها

واعمالها وقال عنها ( ان معامل القلعة تضارع احسن معامل الاسلحة فى فرنسا من حيث الاحكام والجودة والتدبير ) .

ولم يكتف محمد على بمصانع القلعة بل انشأ فى الحوض المرصود عام 1831 معملا لصنع البنادق بلغ عدد عماله

1200 ، وكان ينتج 900 بندقية فى الشهر الواحد على الطراز الفرنسى ، وقد انشىء مصنع ثالث للاسلحة فى

ضواحى القاهرة ، وكانت المصانع الثلاثة تصنع فى السنة 36.000 بندقية عدا الطبنجات والسيوف .

ولم يغفل عاهل مصر عن ضرورة انشاء ترسانة لصنع السفن الحربية ومعدات الاسطول ، فأنشأ ترسانة بولاق لصنع

السفن الكبيرة ، ثم اعقبها دار الصناعة الكبرى للسفن الحربية بالاسكندرية .

واقام محمد على معملا للبارود بطرف جزيرة الروضة بعيدا عن العمران ، وقد تعددت معامل البارود فى مصر بعد ذلك

فى القاهرة و الاشموتين و اهناس والبدرشين الفيوم و الطرانة عام 1833 وقد اعد محمد على باشا مكانا لخزن

البارود والقنابل فى سفح المقطم .

ولكى يمد محمد على باشا الجيش بكل حاجياته ، انشأ مصانع الغزل والنسيج بالخرنفش عام 1819 وبولاق وورش

الحدادة المختلفة ومصانع الجوخ فى بولاق للملابس ومصانع الحبال اللازمة للسفن الحربية والتجارية ، ومصنع

الطرابيش بفوه ، ومعمل سبك الحديد ببولاق ، ومصنع الواح النحاس والصابون ودبغ الجلود برشيد

وهكذا كان الجيش الحديث يسير على طريقين متوازيين احدهما العلم والاخر التصنيع ليضمن استمرار قوته وارتقاء

كفائته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.