عبد الناصر البنا يكتب : التليفزيون العربى .. عودا محمودا !!
عندما صدر قرار رئيس الجمهورية الأخير بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث كنت متفائلا جدا بالقدر الذى جعل البعض يتعجب من هذا التفاؤل ولسان حاله يقول : هيفرق إيه التشكيل الجديد عن سابقه ؟ عملا بالقول الدارج ” شالو ألدو .. حطوا شاهين ” والعجيب أنى راهنت على هذا التفاؤل ، علما بأنى لا أعرف رئيس الهيئة الجديد ، ولم ألتقيه فى حياتى بإستثناء معلومات عنه كونه باحثا فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، وبعض كتابات له فى الأهرام ، وحلقات من برنامج ” الطبعة الأولى ” على قنوات دريم ، وكونه مستشار إعلاميا لرئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور .
حالة الارتياح الشديد التى شعرت بها كانت نابعة من إحساس دفين بالمرارة على إهمال الدولة لهذا الكيان الكبير صاحب التاريخ العريق ، وصاحب الأعمال العظيمة التى شكلت وجدان المشاهد العربى من المحيط إلى الخليج ، وصدًرت القوى الناعمة لمصر إلى الخارج ، والسؤال الذى ظل يراودنى دوما : هل الدولة تخلت بالفعل عن ماسبيرو وتركته يأكل نفسه بدون أن تعطيه قبلة الحياة وإكتفت بالبديل المتمثل فى ” الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ” التى سيطرت على سوق الاعلام فى مصر عملا بنظرية ” إنسف حمامك القديم ” حتى فى ظل حاله التخبط الشديد فى إدارتها لمنظومة الإعلام فى مصر والشبهات التى دارت حولها مؤخرا !!
لكن ” أن تأتى متأخرا .. خير من أن لاتأتى ” وللمرة الأولى منذ ثمانى سنوات تقريبا تتناقل وسائل الاعلام أخبارا وقرارات صادرة عن الهيئة الوطنية للأعلام تعكس رؤية واعدة لـ تطوير منظومة الأعلام المصرى وتعمل على تقديم محتوى يليق بالمشاهد المصرى والعربى . قررت الهيئة حظر إستضافة المنجمين والعرافين وضاربى الودع والحنجل والمنجل على شاشات التليفزيون ، وهى البرامج التى تدعو إلى الدجل والخرافة وتهدر قيم العلم والعمل والمعرفة ، قررت وقف الإعلانات على إذاعة القرآن الكريم والقرار وجد قبولا لدى رجل الشارع الذى طالب به كثيرا ، وتطوير خريطة برامج إذاعة القرآن الكريم ، ونقل بعض البرامج إلى محطات إذاعية أخرى إنطلاقا من حرصه على إحترام عقل المستمع ، مسأله تطوير الرعاية الطبية للعاملين فى ماسبيرو كانت أيضا موضع إهتمام وتقدير ،
وإنطلاقا من الدعم الإنسانى للعاملين تعكف الهيئة على تفكيك بعض الملفات الشائكة مثل مستحقات المحالين إلى التقاعد ، تحسين الأحوال المادية وصرف العلاوات المتأخرة منذ سنوات ، إلى جانب الدرجات الوظيفية المتوقفة منذ أعوام ، والجميل أيضا أن يبدأ مشروع ترجمة عدد من الأعمال الفنية والدرامية مثل مسلسل ” الليث بن سعد ، وأم كلثوم ، وليالي الحلمية ” وترجمتها إلى اللغة السواحلية ولغة الهاوسا ، وهما أكبر لغتين فى قارة أفريقيا ، وذلك إنطلاق من إستعادة مصر لمكانتها أفريقيا ،
قرار الهيئة بتكليف الاستاذ أسامة راضي الذى يعد واحدا من أبرز أبناء التليفزيون المصرى وهو صاحب تجارب إعلامية
كبيرة فى وكالة أسوشيتدبرس وغيرها ليكون رئيساً لقناة النيل للأخبار . قرار تعيين الاعلامى الكبير الأستاذ مجدي
لاشين ، الرئيس السابق للتليفزيون المصري ، في منصب الأمين العام للهيئة والإستفادة من خبراته الاعلامية
الكبيرة . وحتى لا أتهم بالمداهنه وأنا والله لا أود أن أطيل ، ولكنى قصدت أقول أن مثل هذه القرارات وغيرها هى
التى تدعو إلى التفاؤل ، كونها كما ذكرت سابقا ” أحجارا ألقيت فى الماء الراكد ” .
قرار دمج قناة النيل كوميدي مع قناة النيل دراما في قناة واحدة باسم ” موليوود دراما ” ، و قناة الأسرة والطفل في
قناة النيل لايف من القرارلت التى قوبلت بعاصفة من النقد ، الذى وصل إلى حد التطاول على شخص رئيس الهيئة ،
وأعتقد أن الخلاف فى الرأى لايفسد للود قضية ، وكلها آراء نابعة من حس وطنى وغيره على إسم ” نيل مصر الخالد
” وهنا أشير إلى رأى الأستاذ حسن حامد أطال الله فى عمره الذى يحمل فلسفة خاصة وذكر فيه أن ” هوليوود
والأمريكية وبوليوود الهندية ” هى مدن للإنتاج الأعلامى وليست قنوات فضائية .. وبها وكفى !!
الأسبوع الماضى تسابق العاملون فى ماسبيرو إلى قاعة الإحتفالات بالدور التاسع للتقديم لعدد من العمرات
المجانية التى أعلنت عنها الهيئة ، وسوف تقوم الهيئة فى وقت لاحق بعمل قرعة علنية لإختيار أصحاب الحظ السعيد
سواء ” للعاملين بالخدمة ـ والمحالين إلى المعاش ـ وذوى الاعافة ” ، وفى الأروقة أحاديث جانبية تقول أين كانت
دعوات الحج والعمرة سابقا ؟ هل كانت تأتى وتوزع على أصحاب الحظوة والجاة والمحسوبية والعصافير وماسحى
الجوخ ؟ .. الله أعلم !!
قرار الهيئة بث قناة النيل للأخبار علي الراديو ، علي مدار الساعة على موجات fm في إطار توسيع نطاق تواجدها
قرار له أهميتة ، خاصة وأن هناك إذاعات تبحث عن حل مثل ” إذاعة الكبار ” إذاعة ليست لها موجه تبث عليها
برامجها ، وعلمت مؤخرا من أحد الأصدقاء أن العاملين فى إذاعة جنوب الوادى فى أسوان أنهم بدون موجه بعد أن
ضعفت الموجة القصيرة التى تبث برامجهم عليها . أيضا قرار إذاعة نسخة نادرة من ختمة كاملة للقرآن الكريم برواية
ورش عن نافع ، مهداه بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد تدعو إلى التفاؤل فى إطار خطة تطوير إذاعة القرآن
الكريم التى تعد من أكثر الإذاعات سماعا .
ومنذ أن أعلنت الهيئة الوطنية للأعلام إقامة حفل تكريم لـ أسرة مسلسل ام كلثوم بمناسبة مرور 50 عاما على
رحيل كوكب الشرق . والإستعدات تجرى على قدم وساق ، أمس كنت على موعد مع أحد قيادات التليفزيون ورأيت
بعينى ” خلية نحل ” من كوادر قطاع الإنتاج الفنية فى سباق مع الزمن لـ تجهيز وتوسيع خشبة مسرح الدور السابع
وبناء ديكور حفل أم كلثوم ، وكذلك تجديد قاعة كبار الزوار لاستقبال ضيوف الحفل المزمع إقامته يوم غد الاحد بحضور
السادة الوزراء والدبلوماسيين والصحفيين والاعلاميين وكبار رجال الدولة وأعضاء المجالس النيابية ليشهدوا عودة
ماسبيرو من جديد .
السؤال الذى دار فى ذهنى عند رؤية التجديدات وأعمال الديكور وأجهزة البث الإذاعى والتليفزيونى من تراث
التليفزيون الخالد الحمد لله أن هذه الأجهزة مازالت موجودة حتى اليوم رغم تكهينها وأنها لم تتسرب إلى باعة
الروبابيكيا ، ومازادنى حيرة : إذا كنا نملك من الإمكانيات التى تجعلنا نقوم بإنجاز تلك المهام فى وقت قياسى كما
يحدث الآن ، وكما حدث عقب تشكيل الهيئة الجديد من أعمال تجديد فى طرقات إستوديو واحد وإثنين بالدور الأرضى
التى ظلت مكسرة لسنوات وأصابتنا بالخدوش والجروح .. لماذا لم يتحرك ساكنا فى الهيئة طوال السنوات الـ ” ثمانية
” الماضية حتى على الأقل ” إلقاء حجر ” يشعرنا أننا على قيد الحياة .. فهل كان هذا مقصودا ؟
وهل مانراه اليوم ينبىء عن أن هناك إرادة سياسية لبث روح الحياة من جديد فى مبنى ماسبيرو .. أنا متأكد إن شاء
الله أن القادم أفضل ، وأنا على قناعة تامة أنه طالما دبت الحياة من جديد فى مبنى ماسبيرو وعاد إلينا الوزراء
والمسؤولين وكبار رجال الدولة فإستبشروا خيرا فالقادم أفضل .. حفظ الله مصر !!