الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : دعوة ترامب .. واللاءات الخمس !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
يبدو أن القادم مع ترامب أسوأ ، ففي ولايته الأولى نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس ، وها هو وبعد أقل من أسبوع  من عودته لرئاسة أمريكا مرة أخرى يطل علينا بتصريحات أقل ما توصف أنها  ” مجنونة ” حول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن ليستكمل مخططه الشيطاني لخطة القرن أو صفقة القرن كي يحقق بني صهيون قبضتهم من الفرات إلى النيل، حلم وإن شئت  قل وهم دولة إسرائيل العظمى !! .
ولكن يبقى السؤال: هل تقبل مصر والأردن خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية التي دمرتها آلة الحرب “الصهيوأمريكية” منذ أحداث السابع من أكتوبر، في حرب غير عادلة استمرت لأكثر من ١٦ شهرا، بكافة الأسلحة المحظورة والمحرمة دوليا  في جرائم حرب ضد الإنسانية قتلت فيها الأبرياء والأطفال والنساء، ٦٠ ألف شهيد وأكثر من ١١٠ آلاف مصاب؟! .
الإجابة: بالقطع لا ، فالدولة المصرية، ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ قمة القاهرة للسلام التي عقدت في نوفمبر ٢٠٢٣ في أعقاب طوفان الأقصى، أعلنت الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية، متمثلة فيما أطلق عليه  حينها ” لاءات مصر الثلاث “، لا تصفية القضية الفلسطينية ، لا لتهجير الفلسطينيين ، لا لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء ، وهو ما أكده العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين خلال نفس المؤتمر ، ومؤخرا أضافت مصر على لسان قائدها المخلص لاءين آخريين أولهما لا تفريط فى شبر من أرضنا وقبل ذلك كله لا يمكن لأى مصرى وطنى أن يخون دماء الشهداء والمصابين التي سالت طوال السنوات الماضية من أجل تحرير الأرض وصون العرض، لاسيما فى سيناء الغالية .
ولكن من الواضح أن حرب ترامب الخبيثة، قد بدأت، وأصبح اللعب على المكشوف ، الأمر الذي يدعونا إلى  الاصطفاف الوطني والتوحد خلف قواتنا المسلحة وأجهزة الدولة، والقيادة السياسية، التي نثق في حكمتها ورشدها ووطنيتها، التي تؤثر انتهاج دبلوماسية الصبر الاستراتيجي في مواجهة التحديات ، فمنذ اللحظات الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعلنت مصر والأردن رفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين، من غزة أو الضفة الغربية واعتبرتا هذه الخطوة “خطا أحمر” أو “إعلان حرب” ، وهذا الموقف لم يتغير حتى اللحظة ومن المؤكد أنه لن يتغير تحت أى ظرف ومهما كانت التحديات سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي في كلا البلدين .
ومن هذا المنطلق فإن آخر تعليق للرئيس السيسي ، حول “التهجير” كان قبل أيام قليلة ، وتحديدا خلال كلمته في عيد الشرطة الأسبوع الماضي ، حيث أكد أن مصر “ترفض بشكل قاطع” تهجير الفلسطينيين، حفاظا على وجود القضية الفلسطينية ذاتها وأن مصر “ستدفع بمنتهى القوة في اتجاه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، سعيا لحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين وإعادة الخدمات إلى القطاع ليصبح قابلا للحياة، ومنع أي محاولات للتهجير، بسبب هذه الظروف الصعبة”، مشددا على “أنه الأمر الذي ترفضه مصر بشكل قاطع”.
وكان الرئيس السيسي كما ذكرت في البداية قد
قال في كلمة مرتجلة خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في 18 أكتوبر 2023 بالقاهرة: “أتحدث بمنتهى الصراحة لكل من يهمه السلام في المنطقة ..نحن دولة ذات سيادة حرصت خلال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل على أن يكون هذا المسار خيار استراتيجي وننميه وأن يكون مسارا تنضم إليه دول أخرى”.
وأكد الرئيس “رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أية محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريا
من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب دول المنطقة”، مؤكدا أن “مصر ستظل على موقفها الداعم للحق
الفلسطيني المشروع في أرضه”.
وأن تهجير الفلسطينيين من غزة سيتبعه تهجير آخر من الضفة الغربية إلى الأردن، وبالتالي ستكون فكرة الدولة
الفلسطينية غير قابلة للتنفيذ، لأن الأرض بلا شعب و هذا أمر شديدالخطورة ، خاصة  أن هذه الخطوة سيتبعها نقل
الصراع إلى سيناء، التي ستكون في هذه الحالة موطنا للمقاومة الفلسطينية، وقاعدة انطلاق لهجماتها على
إسرائيل، وبالتالي ستوجه الأخيرة ضربات للأراضي المصرية من باب الدفاع عن نفسها، و في نفس الوقت لن تقبل
مصر الاعتداء على أرضها وبالتالي ستكون المنطقة على موعد مع صراع جديد ربما يقودنا إلى حرب عالمية.
يأتى ذلك في الوقت الذي انتفض فيه ممثلو الشعب في البرلمان المصري بغرفتيه النواب والشيوخ معلنين رفضهم
القاطع لأى محاولات للتهجير القسرى لابناء غزة مؤكدين ثقتهم في القيادة السياسية لاتخاذ القرار المناسب في
هذا الشأن بما يحمى الدولة المصرية وطنا ومواطنا ، وأن أرض مصر وفي القلب منها سيناء خط أحمر ولن يتم التفريط
في ذرة رمل واحدة.
وقبل أيام جددت وزارة الخارجية فى بيانها رفض مصر لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال
الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع
الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل.
وحذّرت مصر من أن ذلك “يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرض السلام والتعايش
بين شعوبها”.
وشدد البيان على “استمرار دعم مصر صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة في أرضه
ووطنه، وبمبادىء القانون الدولي الإنساني” ، مع “تمسكها بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية
الفلسطينية، وأنها ستظل القضية المحورية بالشرق الأوسط، وأن التأخير في تسويتها، وفي إنهاء الاحتلال وعودة
الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة .
أخيرا وليس آخرا لعل مشهد طوفان البشر من أبناء فلسطين خلال عودتهم إلى سمال غزة خير دليل على عدم
جدوى دعوات التهجير تحت أى ظرف أو بأى مسمى ونتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت لترامب والذين معه .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.