محمد نبيل محمد يكتب : ثقافة الدعاية ودعاية الثقافة (٥/٥)
نستكمل الحديث عن دعاية الثقافة التى إذا تمت بغرض المظهرية وفقط دون الاهتمام بمضمون الرسالة الثقافية وهنا فى هذه الحال قد تستخدم الثقافة الدعاية بهدف الترويج غير الحقيقى عن مجرياتها وظواهرها الثقافية، وهذ مرض يستوجب سرعة مداوته، فلا أدل على ذلك من مثال ـ آنيا ـ وهو عقد مؤتمر الادباء العام، وله من الملاحظات التى تندرج تحت معنى “الدعاية الثقافية” ونشرع فى الحصر الذى يبدأ من بداية إعلان المؤتمر السابق فى 2022 بالوادى الجديد أن المحافظة المضيفة هى “عاصمة الثقافة المصرية” وهنا بالقياس الارسطى إذا كان هذا هو حال عاصمة الثقافة خلال عاما كاملا خالى من الفعاليات الثقافية على المستوى التعبوى للهيئة المُعلنة عن ذلك الاعلان الدعائى أو على المستوى الاستراتيجى من الثقافة وقطاعاتها التى لم تقدم فعلا ثقافيا واحدا على مدار اثنى عشر شهرا كاملين(!).
ولم يتم تصويب الاتجاه الدعائى لهذ الفعل بل ما تم ثانيا هو تجاهل أو فشل اقامة مؤتمر الادباء فى العام التالى وهو 2023 وبالتالى ظلت الفرصة سانحة أمام الثقافة الدعائية لتصيح أخطائها فى فرصة العام التالى وباجمالى اثنى عشر شهرا أضافيين بمجموع اربعة وعشرين شهرا ولم تحرك الدعاية الثقافية ساكن يصوب الاتجاه نحو ما اعلنته عن ان الوادى الجديد هى عاصمة الثقافة المصرية.
وثالثا: تم الدعاية عن تنظيم مؤتمر الادباء فى محافظة شمال سيناء للتوافق مع العيد الخمسين لنصر اكتوبر المجيد، وفشلت هذه الدعاية ولم ينفذ المؤتمر احتفالا بالذكرى الخمسين لنصر اكتوبر فى شمال سيناء.
رابعا: اذاعت الدعاية الثقافية بتنظيم مؤتمر الادباء فى محافظة الاسماعيلية أحدى مدن القتال خلال معارك أكتوبر المجيد، وفشلت الثقافة فى تحقيق اقامة مؤتمر الادباء فى أحدى مدن المواجهة مع العدو الصهيونى.
خامسا: ما بين الدعاية باعلان المؤتمر فى شمال سيناء والتغنى بانتصار الثقافة للشهداء الذين سالت دماهم الطاهرة على أرض سيناء “وخذلت الدعاية الثقافية” دماء الشهداء ولم تنتصر لهم.
وما بين الدعاية لاعطاء الحق لاهالى مدن المواجهة ومنهم الاسماعيلية وتشدق الدعاية الثقافية بامجاد اهالى القناة ورد الثقافة الاعتبار لهم لما ضحوا به من ارواح ابائهم ودمائهم، ومرة ثانية “تخذل الدعاية الثقافية” تضحيات أهالى مدن المواجهة.
سادسا: تتباطىء الدعاية الثقافية فى الاحتفال بالذكرى الخمسين لنصر اكتوبر ويمر عاما كاملا لم تحرك فيه الدعاية الثقافية ساكنا ويستوى الامر أو الفعل الثقافى لدى الدعاية الثقافية بالاحتفاء “الصامت” بذكرى النصر مع مرثية “الصمت” لذكرى النكسة.
سابعا: تختار الدعاية الثقافية “عروس الصعيد” المنيا لتكون مضيفة لمؤتمر الادباء دون مبرر دعائى مما استخدمته الدعاية الثقافية آنفا فى اقامة المؤتمر فى شمال سيناء ثم فى مدن القناة “مكانا” وخلال العام الخمسين من ذكرى النصر “زمانا”.
لكن الدعاية الثقافية غيرت المكان لاقصى جنوب مصر بعيدا عن الجبهة ومدن المواجهة وغيرت الزمان بعام كامل تأخرت فى الاحتفال عاما كاملا غير عابئة بالمبررات الدعائية التى استهلكتها مصاغة بقيم الولاء والانتماء والتغنى بطهر دماء الشهداء والثرى المقدس، إلى غير ذلك من المضامين الثقافية التى خرجت علينا من خلال البوق الدعائى للثقافة.
ثامنا: لم تستضف الثقافة بطلا واحدا من “العسكريين” ابطال أكتوبر المُحتفى به وبهم، ولانجد فى هذا التقصير والتجاهل مبررا واحدا منطقيا.
تاسعا: لم تتضمن تكريمات المؤتمر محررا عسكريا باق او راحل كان ممثلا للثقافة على خط النار أمثال اسم الاذاعى “حمدى الكنيسى” أو الاديب “يوسف القعيد” أو الكاتب “عبده مباشر” واكتفت باسم الاديب “جمال الغيطانى” الذى لم تدعوا احدا من ذوى قرابته.
عاشرا: لم تناقش القفافة اعمالا من بين هؤلاء الكتاب الذين كانوا عسكريين ضباطا أو ضباط صف أو مدندين خلال النصر المُحتفى به وبهم.
نهاية اختتمت الثقافة افتتاحها للمؤتمر بالدعاية لان تكون “المنيا” كما “الوادى الجديد” هى “عاصمة الثقافة المصرية”، فى دعاية حقيقية لسان حالها يصرخ “ما اشبه الليلة بالبارحة”.
والان الاسئلة الحائرة للدعاية الثقافية : ـ
اولا: ما دلالة عاصمة الثقافة المصرية؟
ثانيا: لماذا الاعلان عبر وسائل الاعلام عن تنظيم المؤتمر بسيناء ثم الاسماعيلية ثم المنيا؟
ثالثا: لماذا التأخير عاما كاملا عن الاحتفال بالذكرى الخمسين لتكون فى العام الواحد والخمسين؟
رابعا: لماذا تم تجاهل تكريم الابطال العسكريين من جيل اكتوبر؟
خامسا: لماذا لم يتم الاحتفاء بادباء اكتوبر العسكريين (وهم كثر)؟
سادسا: لماذا لم تتدارك الثقافة احداث فعلا ثقافيا ولو واحدا وحيدا فى عاصمة الثقافة السابقة قبل الاعلان عن العاصمة الجديدة؟
سابعا: ما حال العلاقات الثقافية الخارجية عندما تقوم جالية مصرية أو كيانات رسمية أو غير رسمية فى دولة شقيقة أو صديقة أو غيرهما فى الاحتفاء بذكرى العيد الخمسين للنصر مع نهاية العام الواحد والخمسين؟!!
هذا نموذج من نماذج الدعاية الثقافية التى تغرد خارج السرب والواجب تصويب اتجاهها وتصحيح مساراتها كما حدث فى 2013 حتى لا تتكرر 2011