الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : وعد ” ترامب ”  ووعيده  !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
شاهدتُ مثل الملايين غيرى حول العالم حفل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وما صاحبه من فقرات ، وقد آثار هذا الحفل في نفسي بعض المشاعر وتبادرت إلى ذهنى   العديد من الأفكار التي أود طرحها على حضراتكم من خلال هذه الكلمات.
لعل فى مقدمتها أن الحفل تميز بالبساطة والابتعاد عن مظاهر البذخ والإسراف في إنفاق المال العام على أمور غير ضرورية.
فقد أُقيم في قاعة عادية، بكراسي عادية، وبفرقة موسيقية بسيطة إن لم تكن متواضعة، مما يعكس حرصاً على التركيز على الجوهر بدلاً من المظاهر ، وكذلك التبادل السلمي للسلطة كان مشهداً رائعاً؛ رئيس منتخب يتسلم مهامه من رئيس سابق، بحضور جميع الرؤساء السابقين الأحياء، في مشهد يجسد عظمة الديمقراطية ، وان كان ترامب لم يلتزم بذلك عندما فاز بايدن في انتخابات ٢٠٢٠ بعدم اعترافه بالهزيمة ، بل و تأكيده أن النتائج زورت لصالح بايدن !! .
الشىء الآخر المهم الذى دار فى خاطري وأنا أتابع الاحتفالية أن الديمقراطية الليبرالية لا تعني بالضرورة معاداة الدين أو اعتباره مصدراً للتخلف. فقد تخللت الحفل طقوس دينية في بدايته ونهايته، كما تضمنت كلمة الرئيس المنتخب تأكيدات على تركيزه على القيم والأخلاق. وأكد أنه لن يصدر أي قرارات تنفيذية تتعارض مع القيم الدينية، ومنها قراره بإعادة العمل بالتصنيف التقليدي للنوع البشري كما كان منذ الخلق، ذكوراً وإناثاً فقط.
خطاب الرئيس المنتخب لم يكن مجرد شعارات جوفاء أو وعود غير قابلة للتنفيذ، بل كان عبارة عن خطة عمل واضحة وقرارات تنفيذية يبدأ العمل بها فور انتهاء الحفل  متعهدا بالوفاء بوعوده الانتخابية وكذلك وعيده خاصة فيما يتعلق بملفات مثل الهجرة، والرعاية الصحية، والسيطرة على التضخم، لاسيما فيما يخص أسعار البنزين، إضافة إلى إعادة الاعتبار للصناعات الأمريكية، وعلى رأسها صناعة السيارات. كما شدد على ضرورة تحسين استجابة الإدارة الفيدرالية للكوارث الطبيعية، مثل حرائق كاليفورنيا والأعاصير السابقة. وأكد عزمه على إصلاح منظومة العدالة، بحيث لا تُستغل قوة الدولة لتصفية الحسابات مع المعارضين.
كذلك أكد الرئيس الامريكى العائد إلى البيت الأبيض من جديد على أن سياسته الخارجية تهدف إلى إنهاء الحروب
الحالية وعدم التورط في نزاعات جديدة، حفاظاً على موارد البلاد وقدراتها ، وإن كان تراجع بعض الشىء فيما يتعلق
بوقف النار في غزة، مؤكدا عزمه على إعادة النظر في السياسات الاقتصادية، متوعدا  الدول المستفيدة من السوق
الأمريكية باجبارها على دفع المزيد من الرسوم والضرائب بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني ، علاوة علي إعادة
الملايين من المهاجرين غير الشرعيين إلى حيث أتوا ، مع  إعلان حالة طوارئ وطنية – على حد تعبيره –  لمواجهة
ظاهرة الهجرة غير الشرعية لاسيما فى الحدود الجنوبية، إضافة إلى إعلانه الإنسحاب من اتفاقية ومعاهدة باريس
للمناخ وكذلك الإنسحاب من منظمة الصحة   العالمية ، وإلغاء  ٨٠ قرارا كان قد أخذها سلفه ” بايدن ” وكذلك إعلان
حالة الطوارىء فيما يتعلق بالطاقه فى بلاده ، واخيرا تأجيل حظر تطبيق ” تيك توك ” ٧٥ يوما ، إضافة إلى تصريحه
المثير بضرورة ضم قناة بنما إلى أمريكا ، و الاغرب مطالبته بأن تكون كندا الولايه الأمريكية الحادية والخمسين .
الملفت أن إسرائيل كانت حاضرة بقوة في حفل التنصيب، وكذلك الديانة اليهودية، من خلال اختيار آيات من العهد
القديم تتعلق بالنبيين موسى و سليمان، إلى جانب كلمة الحاخام آري بيرمان، رئيس جامعة يشيفا. وهذا يؤكد أن
دعم إسرائيل من قبل الإدارات الأمريكية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، لا ينبع فقط من اعتبارات استراتيجية،
بل يرتبط بقناعات دينية مترسخة. وهذا ما يجب أن يكون حاضراً في أذهاننا عند التعامل مع هذه الدولة، لأنها تحظى
بدعم غير مشروط من أكبر قوة في العالم، وهو الأمر الذي ينطبق أيضاً على العديد من القوى الكبرى الأخرى.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.