نستكمل الحديث عن أبرز مستجدات المسرح السياسي بإقليم الشرق الأوسط.
– اعتبارا من صباح يوم 19 يناير الجاري دخل اتفاق وقف اطلاق النار بغزة الموقع بين اسرائيل وحماس حيز التنفيذ، أعقبه تبادل جزئي للأسري بين طرفي النزاع، فأطلقت حماس سراح ثلاث أسيرات في مقابل عدد 90 من الأسري الفلسطينيين المحتجزين بالسجون الإسرائيلية، تزامناً مع دخول عدة مئات من الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية، وسط حالة من الهدوء الحذر تسود القطاع لأول مرة منذ ما يقرب من 15 شهراً من بدء الحرب، والتي علي أثرها استشهد 46913 من الفلسطينيين، وأصيب 110750 أخرون، وتم تدمير 90 % من منازل القطاع، وبلغت تكلفة إعادة إعمار غزة ما يقرب من 51.5 مليار دولار في زمن يقدر بـ 15 عاماً.
– خسرت اسرائيل الحرب على قطاع غزة، حيث فشلت في تحقيق ما وعد به رئيس وزرائها من القضاء على قدرات
حماس نهائياً، وتحرير الرهائن الذين أسرتهم الحركة والفصائل الفلسطينية الأخرى، وتعزيز الردع الإسرائيلي
باستخدام القوة العسكرية المفرطة بهدف تحذير أعداء إسرائيل الإقليميين، وضمان أمن تل أبيب على المدى البعيد،
ولم تنجح اسرائيل في تحقيق أهدافها، حيث مازالت حركة حماس موجودة، ولم يُقضي على محاور المقاومة
الفلسطينية، ولم يحرر الرهائن بالقوة، ومازال العمق الاسرائيلي فى متناول الصواريخ والمسيرات.
– أعلن هيرتسى هاليفى رئيس هيئة أركان جيش الدفاع الإسرائيلي التقدم باستقالته، مؤكداً مسئوليته عن فشل
الجيش الإسرائيلي في مهمته لحماية مواطني إسرائيل، على أن يبدأ سريان الاستقالة من شهر مارس المقبل، بعد
أن أمر بتنفيذ جيش الدفاع الإسرائيلي لعملية السور الحديدي على عدد من أحياء مدينة جنين ومخيمها بالصفة
الغربية في محاولة لتحقيق انتصار معنوى، وحفظ ماء الوجه، بل ربما في مسعي جديد نحو تنفيذ ما فشلت اسرائيل
في تحقيقه بقطاع غزة من تهجير الفلسطينيين، وتصفية القضية برمتها على حساب الأردن هذه المرة.
– نجحت السياسة المصرية فى انجاز اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بالاشتراك مع دولة قطر والولايات المتحدة
الأمريكية، وذلك فى اقرار وتأكيد وإنفاذ للإرادة السياسية المصرية، بعد أن رفضت الرضوخ للمطالب والإغراءات الدولية
بقبول نزوح سكان قطاع غزة إلى سيناء، وإعادة توطينهم بمصر، فيما صمد الفلسطينيون فى معركة غير متكافئة مع
الآلة العسكرية الإسرائيلية المتفوقة، التي دعمتها أمريكا بأكثر من 22 مليار دولار، وساندتها بكل السبل الممكنة.
– على الرغم من الإخفاق الإسرائيلي فى غزة إلا أنها أحرزت نجاحاً غير مسبوق على الجبهة السورية، حيث
تمركزت وحدات من جيش الدفاع الإسرائيلي علي بعد 28 كم من مركز دمشق، بل وعمدت إلي تجهيز طرق مرور
ومحاور اقتراب من الجولان إلي أماكن تمركز قواتها فى قرية المعلقة بريف القنيطرة الجنوبي في اشارة واضحة لنية
البقاء، وخلق حزام أمني داخل العمق السوري، وسط صمت الإدارة السورية الجديدة، وعدة تصريحات سياسية من
أغلب دول الإقليم والعالم تنادي بضرورة وحدة الاراضي السورية، المرشحة بقوة للتقسيم بين القوي المختلفة في
ظل تباين الأهداف السياسية للأطراف الفاعلة إقليمياً وعالمياً (وللحديث بقية).