الدكتور علاء رزق يكتب : ثمرات قرارات مارس الإصلاحية

بدأ الاقتصاد المصرى العام الجديد 2025، بالعديد من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التى دعمتها قرارات 6 مارس الماضى الإصلاحية،والتى كان من أهمها رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية،ومنح علاوات دورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية،ولغير المخاطبين، وإقرار حافز إضافى يبدأ من 500 جنيه للدرجة السادسة، ويزيد بقيمة 50 جنيها بتكلفة 37.5 مليار جنيه.مع تخصيص 15 مليار جنيه زيادات إضافية للأطباء والتمريض،والمعلمين، وتخصيص 6 مليارات جنية لتعيين 120 ألفا من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى. أيضاً إقرار 15% زيادة في المعاشات لـ13 مليون مواطن بتكلفة إجمالية 74 مليار جنيه، وزيادة في معاشات “تكافل وكرامة” بتكلفة 5.5 مليار جنيه لتصبح الزيادة خلال عام 55% من قيمة المعاش.وكان الشيء الملموس هو توحيد سعر الصرف، ومنظومة من التسهيلات الضريبية والجمركية، والتى ساهمت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 46 مليار دولار وأرصدة احتياطى أجنبى قياسية وتاريخية بلغت 47 مليار دولار، ورفع وكالة فيتش التصنيف الائتمانى لمصر، للمرة الأولى منذ عام 2019.هذا الأمر محور اهتمام القيادة السياسية الآن التى تنفذ رؤية شاملة للإصلاحات الاقتصادية والمالية للعمل على جذب 100 مليار دولار إستثمارات أجنبية مباشرة خلال 6 سنوات بمعدل سنوى 15 مليار دولار عبر حوافز ضريبية، والتوسع فى منح الرخص الذهبية لتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره التنموى.ونعلم أن برنامج الإصلاح الإقتصادي الثاني الذي وضعته الدولة المصرية في نوفمبر 2021 يقوم على ثلاثة محاور رئيسية ، هى الزراعة،الصناعة والسياحة،وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، لتكون هى قمة أولويات العمل لدعم تدفقات الإستثمار الأجنبى المباشر وزيادة فرص العمل عبر الشراكات ودعم القطاع الخاص،بهدف الوصول بمعدل النمو إلى 4.5% وزيادة الرقعة الزراعية إلى 17 مليون فدان والتكامل بين الزراعة والصناعة فى تصدير المنتجات فى صورة كاملة ودعم تنافسية المنتج المصرى عالمياً. يتسق هذا مع ما تقوم به مصر لتنفيذ سياسات رئيسية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى، على الرغم من التوترات الإقليمية المستمرة التي تتسبب فى انخفاض حاد فى إيرادات قناة السويس بنحو 7 مليارات دولار في 2024، ولكن ما يدعو للتفاؤل ان أدوات الإصلاح الاقتصادى ودعم البنية التحتية، تعد عناصر مهمة لتعزيز قدرة الإقتصاد المصرى فى مواجهة التحديات الدولية والإقليمية.ما نؤكد عليه أن ثمرة النجاح الإصلاحى الحقيقية هى إستقبال 46 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال عام 2024 نتيجة إجراءات 6 مارس وتوحيد سعر الصرف وحوافز الاستثمار الضريبية والتوسع فى منح الرخص الذهبية. ارتبط بذلك إرتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتصل لنحو 30 مليار دولار خلال عام 2024 ، مما يعد أحد أهم المؤشرات الرئيسية للثقة فى الإقتصاد الوطنى وتزايد معدلات نمو النقد الأجنبى. والذي دائماً ما نربطه في بإحتياجاتنا من العملة الأجنبية لتغطية عمليه الإستيراد، فنحن نحتاج شهرياً لنحو 7 مليار دولار لتغطية إجمالي الواردات المصرية،اى حوالى 80 مليار دولار سنويا، مع العلم بأن المتوسط الحالى لـلاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 7 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهى الأعلى لمصر خلال عقود طويلة،بما يؤمن إحتياجات مصر من السلع الأساسية والإستراتيجية.
ولنكن على يقين بأن الإستثمارات الأجنبية المباشرة تساهم فى زيادة فرص العمل والنمو، فعندما ترتفع معدلات النشاط الاقتصادى والنمو تدريجياً من 4% إلى 7% ترتفع الإنتاجية والإيرادات العامة والتى يتم إعادة توظيفها مرة أخرى فى دعم قطاعى الصحة والتعليم حيث تم توفير موارد بنحو 1.5 تريليون جنيه لهما فى الموازنة العامة الحالية. وهو ما يبرر الإهتمام غير العادي من قبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو الإهتمام بملف التعليم خاصة التعليم الجامعى، فكان حرص الرئيس السيسى على تدويل وتصدير التعليم المصري،وفتح أفرع لجامعات مصرية في الخارج، وذلك بالإشتراك مع القطاع الخاص،الان أصبح إجمالي عدد الجامعات الأهلية في مصر ٣٠ جامعة، وإجمالي عدد الجامعات ١١٦ جامعة (حكومية/ خاصة/ أهلية/ تكنولوجية/ أجنبية)، وتشمل ١٠٧٩ كلية. ولكن جاء التأكيد على ضرورة إقامة الجامعات الأهلية وفقاً للمعايير العالمية،لجذب الطلاب الأجانب،وعلى أن تشمل الكليات التابعة لها التخصصات العلمية والعملية المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والرقمنة والهندسة.وبالتالى فإن التأكيد على أهمية تركيز الجهود على تحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية سوف يساهم في دعم الاقتصاد الوطني،وتعزيز ثقافة الإبتكار وريادة الأعمال، وربط الأبحاث العلمية بخطط التنمية واحتياجات المجتمع، ويبقى التأكيد على أن قيام مصر خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2024 بسداد نحو 7 مليارات دولار من الديون المستحقة عليها، ليصل إجمالى ما تم سداده خلال عام 2024 إلى 38.7 مليار دولار، يمثل أحد المؤشرات المهمة على قدرة مصر على سداد ما عليها من التزامات، وتشير التقديرات إلى أن المبلغ المستحق خلال العام المقبل 2025 سيكون أقل مما تم سداده هذا العام.ليكون ذلك مبعثا نحو الإهتمام بالتعليم كأحد أولويات تحقيق الأمن القومى،وأحد ثمرات قرارات مارس الإصلاحية،لأن مستقبل طلاب مصر يعكس بالضرورة مستقبل هذا الوطن صاحب اقدم حضارة عرفتها البشرية والتى إرتبطت بالعلم والمعرفة.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام