الدكتور هيثم الطواجني يكتب : قراءات في المشهد الإقليمي (4)

نستكمل الحديث عن تبني الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية تقسيم دول الإقليم وبدء تنفيذ مشروع الشرق
الأوسط الجديد، وتسليط الضوء على مستجدات المسرح السياسي بإقليم الشرق الأوسط.
– عادت حالة عدم الاستقرار السياسي، وتصفية الحسابات للمشهد السوري مجدداً، وتنوعت مظاهرها بين مشاهد
العنف في الشوارع، واعتصام العديد من المواطنين بالشوارع احتجاجاً على طردهم من أعمالهم، واستمرار
التراشقات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين الفرقاء السوريين، بالتزامن مع ما قاله أحمد الشرع أو الجولاني من أن
إعداد وكتابة دستور جديد في البلاد قد يستغرق نحو 3 سنوات، وتنظيم انتخابات قد يتطلب أيضا 4 سنوات.
– تسارع التقارب الدبلوماسي التركي والأوروبي والخليجي مع قاطني القصر الرئاسي السوري الجدد، وربما يمكن
تفهم الاقتراب التركي والأوروبي، بينما يحتاج التآزف الخليجي لمزيد من التوضيح، فلا يمكن فهمه إلا من خلال إرادة
الخليج لخلق نظام سياسي سني في دمشق لتحقيق التوازن الإستراتيجي، وضمان أمن الخليج أمام إيران
الشيعية، وهذا ما قد ظهر جلياً مع استضافة العاصمة السعودية الرياض مؤتمرا لمناقشة مستقبل سوريا، وسبل
استقرارها بعد سقوط نظام الأسد، وذلك بمشاركة وزير خارجية الإدارة السورية إلى جانب عدد من وزراء خارجية دول
عربية وغربية وممثلين عن الأمم المتحدة، مع تأكيد المملكة علي ضرورة رفع العقوبات الأحادية والأممية عن سوريا،
بالإضافة إلى تسيير جسر جوي لإغاثة سوريا وشعبها، ارتباطاً مع ما صرح به الشرع عن أن تحرير سوريا يضمن أمن
المنطقة والخليج لخمسين سنة قادمة.
– تعاظم قدرة بيروت السياسية حيث تم انتخاب رئيس للجمهورية بعد شعور المنصب الرفيع لمدة تزيد عن السنتين،
ثم تسمية نواف سلام رئيساً للوزراء بعد حصده 85 صوتاً من أصل 128 صوتاً في البرلمان، وامتناع الكتلة الشيعية عن
التصويت، في دلالة واضحة على تحول ميزان القوى، وتحسن الأوضاع السياسية بلبنان عقب تعرض جماعة حزب الله
لضربات قوية في الحرب مع إسرائيل، ثم الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف الجماعة، ومازال أمام النظام
الجديد فى لبنان العديد من المخاطر والتهديدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
– فقدت طهران نفوذها السياسي بكل من دمشق وبيروت خلال عدة أسابيع، ولم يتبق للإيرانيين سوى بغداد
وصنعاء، وفى التقدير أن هذه السيطرة السياسية في طريقها إلى الزوال، وبالتالي تحييد قدرات نظام الملالي في
طهران مما يعد إشارة جلية لإنحسار النفوذ الإيراني في الإقليم.
– تصعيد الحوثيين باليمن للصراع من خلال توجيه ضربات متكررة بالصواريخ والمسيرات لحاملات الطائرات والسفن
الأمريكية، وأهداف السيطرة القومية الإسرائيلية “مطارات – محطات كهرباء -..”، والمحاولات المستمرة لاستهداف
الملاحة البحرية فى البحر الأحمر بحجة نصرة مقاتلي حركة حماس، وحرمان إسرائيل من وارداتها، في حين لا تمتلك
إسرائيل منفذاً بحرياً على البحر الأحمر سوى ميناء ايلات، وحجم الحركة الملاحية به لا تزيد عن 25% من إجمالي
حجم التجارة الإسرائيلية، والحقيقة أن هذا التصعيد يؤثر وبشدة على حركة الملاحة بقناة السويس، وتسبب لمصر
في خسائر اقتصادية بلغت 7 مليارات دولار.
– محاولات نقل العناصر الإرهابية من سوريا إلى ليبيا، فى محاولة للضغط على مصر وجذبها إلى دائرة الصراع
المشتعل بالإقليم من جهة، وتفريغ الساحة من جهة أخري لتهيئة المسرح السياسي السوري للإدارة الوليدة، ومن
المرجح أن تقوم تركيا بلعب دوراً هاماً فى دعم وتجهيز هذه العناصر، وذلك نظراً للتواجد التركي في غرب ليبيا، فضلاً
عن تقاربه مع حكومة طرابلس. (وللحديث بقية)