الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : عام ” الست ” !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
يعجبني كثيرا الإنسان أو بمعنى أدق القائد الذي يمتلك رؤية مستقبلية ثاقبة الأمر الذى يؤهله لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، ودائما تكون أفكاره خارج الصندوق كما يقولون .
ومن هذا المنطلق أود أن أحيى المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام على ما ذكره عبر حسابه الشخصى على الفيسبوك بشأن تخصيص ٢٠٢٥ للاحتفاء بذكري مرور ٥٠ عاما على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم التى غادرت دنيانا فى الثالث من شهر فبراير عام ١٩٧٥ ، مؤكدا أنه حدث لو تعلمون عظيم يستحق الوقوف عنده والاحتفاء به ، وهو ما أكده أيضا دكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة ، ولم لا وصاحبة الذكرى كانت ولاتزال صوت مصر الأصيل بلا منازع رغم مرور كل هذه السنوات على رحيلها .
أتمنى أن يكون الاحتفاء والاحتفال على قدر الحدث ويعبر عن قيمة وقامة ” الست ” الفنية والابداعية ، بل والوطنية، فمن ينسى دورها الوطني المهم في دعم المجهود الحربى في أعقاب نكسة ٦٧ وجولاتها المكوكية في معظم بلدان العالم لتوفير الدعم المادى والمعنوى لجيشنا العظيم حتى تحقق نصر أكتوبر المجيد ، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود العديد من الوزرات والهيئات المعنية وفي القلب منها الثقافة والإعلام لانجاح الاحتفالية وخروجها بالشكل اللائق بسيدة الشرق وكوكبه .
نعم رحلت أم كلثوم بجسدها، ولكن بقيت روحها وابداعاتها خالدة فى نفوس و قلوب كل محبيها في مختلف دول العالم ، واسمها الحقيقي فاطمة بنت الشيخ المؤذن إبراهيم السيد، واشتهرت بعدة ألقاب منها “الست” و”سيدة الغناء العربي” و”كوكب الشرق”، وولدت في 31 ديسمبر عام 1898 في قرية طماي الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين في محافظة الدقهلية.
بدأت كوكب الشرق الغناء وهي طفلة صغيرة مع والدها الشيخ إبراهيم في الموالد والأفراح وفي عام 1922 انتقلت إلى القاهرة، وكانت نقطة انطلاقة أم كلثوم القوية عندما تعرفت على الشاعر الكبير أحمد رامي والملحن الراحل محمد القصبجي.
وفي عام 1928 أصدرت مونولوج «إن كنت أسامح وأنسى الأسية» الذي حقق لها شهرة كبيرة لتشارك بصوتها في فيلم أولاد الذوات ثم التحقت بالإذاعة المصرية عند إنشائها عام 1934، وهى أول فنانة دخلت الإذاعة، وشاركت فى عدة أفلام ثم تفرغت بعدها للغناء فقط، ومن أهم الأغانى “أنت عمرى، الأطلال، حب إيه، ألف ليلة وليلة، وللصبر حدود” ، علاوة على تقديم العديد من الأغنيات الوطنية.
و نالت أم كلثوم العديد من الأوسمة والنياشين وان كان أهمها حب وعشق الملايين لها في مشارق الأرض ومغاربها
حتى يومنا هذا ، وأطلق عليها العديد من الألقاب لعل أشهرها وأهمها لقب «كوكب الشرق» الذى أطلقه عليها كروان
الإذاعة محمد فتحي ، أما لقب «قيثارة السماء»، فقد أطلقه عليها طاهر الطناحي في كتابه «حديقة الأدباء»، أما
«ثومة» وهو اللقب الشعبي أطلقه الوسط الفني عليها وكذلك عائلتها، إضافة إلى اللقب الاعز «الست».
و بعد موت جسدها كتب رامى قصيدة رثاء عام 1975، قال فيها «ما جال في خاطرى أنى سأرثيها.. بعد الذي صغت
من أشجى أغانيها.. قد كنت أسمعها تشدو فتطربنى.. واليوم أسمعنى أبكى وأبكيها».
أما الشاعر العراقى “معروف الرصافى ” فكان له شأن آخر في وصفها، فقال في قصيدته «أم كلثوم في فنون
الأغانى.. أمة وحدها بهذا الزمان.. هي في الشرق ربة الفن.. فما أن للفن رب ثان» كما أورد كتاب «أم كلثوم في
الشعر العربى» للباحث المصرى إبراهيم عبدالعزيز أبوزيد حول قصائد قيلت في سيدة الغناء.
هنا، بين أعضاء فرقتها الموسيقية، ستلاحقنا بكائيات عازف الناى الشهير «سيد سالم»، القابع خلفها مباشرة،
يحفظ الكلمات عن ظهر قلب، حتى إذا ما فاتها كلمة أو بيت شعرى أعاده على سمعها «همسًا»، بعد إشارة «متفق
عليها» بينهما، أو حينما يفاجئها الجمهور بخطأ ما، فتبصر بـ«سالم» ما غاب عن عينها ولسانها.
وها هو «القصبجى»، العاشق، الذي انتهت مسيرته معها ملحنًا، بعد فيلم «عايدة»، 1942، ليصبح كما قال عن
نفسه «بقايا ملحن، بل بقايا شخص»، عمل ما بوسعه وخرج بأم كلثوم في أكثر من 10 ألحان .
«القصبجى»، ذاك المجدد الموسيقى العظيم، ظل لأكثر من 20 عامًا، عازفًا للعود فقط، خلف أم كلثوم، لم يستنكر أن
يعزف لحن أحد تلاميذه كالموسيقار محمد عبدالوهاب، أو الملحن بليغ حمدى وغيرهما، فهو العاشق المتيم بحب
الموسيقى، وبصوت كوكب الشرق !! .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.