محمد نبيل محمد يكتب : شامبليون وابن وحشية وذا النون المصرى ايهم اسبق فى ترجمة الهيروغليفية

الكاتب محمد نبيل محمد

يؤكد ما سردناه آنفاً ما جاء فى كتاب فهمي خشيم “العرب والهيروغليفية”، نقلاً عن محمد رشدي المصري (1338 هجرية): “سبق العرب علماء أوروبا في حل رموز الخطوط القديمة وترجمة كتبها إلى العربية،

ولا أخال أن أوروبا توصلت إلى حل رموز الآثار والوقوف على علوم من سبق من الأمم إلا بواسطة كتب العرب وترجمتها إلى لغتهم”.

ويستطرد:” … فمن ذلك ما رأيته بعيني وطالعت فيه بنفسي، وهو كتاب “شوق المستهام إلى معرفة رموز الأقلام”

لأحمد بن وحشية النبطي… وهنيئاً لعلماء أوروبا الذين ترجموا هذا الكتاب إلى لغتهم، فقد ترجمه الإنجليز منذ مائة

وعشرين سنة، ووقفوا بواسطته على آثار الأمم الماضية…

فأعمال المستشرقين ووقوفهم على حل رموز الآثار ما هي إلا نتيجة بحثهم في هذا الكتاب ووقفهم عليه وإخفائه

عنا حتى لا نسبقهم”.

وقد أدلل فضلا عما سردته من أسانيد، بحجة أخرى وهى أن جون شامبليون لم يكن منفردا فى بحثه على اللغة

المصرية القديمة وإنما كان قبله محاولات عدة عند اكتشاف حجر رشيد عام 1799 الذى يحمل نصًا متوازيًا

بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية،

وكان مفترضا أن تدعم الترجمة اليونانية للنص المصرى القديم المصاحب لها، وسلك فى هذا المسار العالمين

“أنطوان إيزاك سلفستر دي ساسي” و”يوهان ديفيد اوكرلاد” لكن دون جدوى حقيقية،

وأكمل “يانغ” جهدهما فى ملاحظة أن الأحرف الديموطيقية كانت مشتقة من الهيروغليفية وهى اللغة الأم، وحدد

العديد من العلامات الصوتية في الديموطيقية، حدد أيضًا معنى العديد من الكتابات الهيروغليفية، من خلال مقارنة

اسم ملك مصري من أصل أجنبي وهو “بطليموس الخامس” .

ومع وائل عشرينيات القرن التاسع عشر قارن شامبوليون خرطوش بطليموس مع الخراطيش الأخرى وأدرك أن الكتابة

الهيروغليفية هي خليط من العناصر الصوتية والإيديوغرامية،

وتم اتهامه فى الاوساط العلمية باقتباس أفكار “يانغ” دون الاشارة الى فضله العلمى فى تقريب الحلول له، وتدريجيا

أقنع شامبليون الأوساط العلمية بأنه صاحب الحق الأوحد فى ترجمة حجر رشيد.

حتى جاء “كارل ريتشارد ليبسيوس” وصحح أهم العيوب الأساسية في عمل شامبوليون، وجاء بعده “إيمانويل دي

روجيه” الذى قدم فهما واضحا عن اللغة المصرية بشكل تام يمكن من ترجمة حقيقية وعلمية للنصوص المصرية

القديمة..

ونعود لترجمة كتاب “شوق المستهام” لابن وحشية النبطى الذى قدمه المستشرق النمساوي جوزف همر عام

1809 أي قبل 16 عاما قبل اكتشاف شامبليون.

ويبقى السؤال البديهى هل أطلع شامبوليون على الكتاب المترجم “شوق المستهام” مع العلم بانه درس لزمن

طويل لغات الشرق واطلع على ما ترجمه المستشرقون عن اللغات القديمة ومنها بلا أدنى شك “اللغة المصرية

القديمة”؟!.

وهنا نقول بطرف المعادلة الثانى وهى الفرضية التى تتساءل: ما يمنع تزوير الماكينات الاعلامية الدعائية الجبارة

للغرب من حقيقة ان ترجمة النص المصرى القديم كان الفضل فى تحقيقه لابن وحشية النبطى، الذى ترجم كتابه

الى اللغتين الانجليزية والفرنسية وهى لغة جون شامبليون، وخاصة بعد التعرف على فلسفة السياسة الثقافية

الاستعمارية (الاستنزافية) للغرب والتى اعلنها صراحة جورج هاردى،

وبعد أن علمنا أن تمثال الحرية لم ينحت لصالح الثورة الامريكية بل كان على هيئة فلاحة مصرية، ومخطط أن يوضع

فى مدخل قناة السويس، وكل ما هنالك أن تغيرت لافتته من “مصر تنير الطريق لاسيا” إلى “الثورة الامريكية”، كما ان

المثال الفرنسى لم يلق قبولا لاعماله عند مصر فقنط وحقد، وصمم تمثالا لشامبليون وهو يضع قدمه على رأس ملك

مصرى.

ومن هنا نكتشف أن التزويرهو بمثابة ثقافة وفلسفة تقودها الاحقاد والأطماع الغربية لتزييف الوعى وتحريف التاريخ،

بهدف تغير ملامح الشخصية المصرية وخارطتها الجيوسياسية… من يعى، ويتحرك من مربع المفعول به إلى موقف

الفاعل؟!

… ويبقى السؤال لنا جميع: بين ثقافة الاستشراق والترجمة العكسية، كانا شامبليون وابن وحشية، أيهما اسبق

فى ترجمة الهيروغليفية؟ وهل سنستمر فى دس ما أملاه علينا الغرب فى برامجنا التعليمية ؟ أم ستتم تنقيتها من

المخادع والباطل!.

ويأتى الحديث القادم ان شاء الله عن ذا النون المصرى ابن سوهاج الذى ترجم عن المصرية القديمة إلى العربية كما

دلل على ذلك كتابه (حل الرموز وبراء الأقلام فى كشف رموز اللغات والأقلام) الذى صدر قبل كتاب ابن وحشية بأكثر

من مئة عام(!).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.