الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : رسالة من قارئ إلى أمل دنقل
دفن حلمه الأول فى مباراة كرة قدم ، والثانى فى شعر أمرأة لعوب ، والثالث أقبره فى بيت لقصيدة عربية عصماء ، أوسعته الأحلام صفعاً ، ف قتلها وتخلص منها إلى الأبد ، فى السيرك يدنو من المهرج ، يستولى على ملابسه ، يلون وجه بالمساحيق فاقعة اللون ، يرسم أبتسامة بلهاء لفم واسع ، يتقافز بين الجمهور يخفى عاهته التى لازمته طوال تاريخه ، الجمهور لا يضحك ، الجمهور مستاء ، الأطفال تقذفه بحبات الفشار وزجاجات المياه المعدنية الفارغة …. ينسحب ، يخلع ثياب المهرج ، ويذهب للعزاء ، السرادق طويل ، والمعزون كثرُ ، يندهشون عندما يدخل عليهم ، يتساءلون، أليس هذا الذى دفناه صباحاً فى العراء مع أحلامه ، يجلس بينهم ، يحكى عن أيامه الغابرة ، وعن معاركه فى الماضى السحيق ، وعن أبنائه بالملايين ، وعن الكتاب الذى سيأخذه بيمينه ، لا يتحملون هراءه وقتاً طويلاً يتركونه فى مقعده يثرثر ويتوجهون نحو قبلتهم الجديدة ، يسير فى الشارع يلفحه الهواء البارد ، يمزق لوحات الإعلانات البلاستيكية المضاءة بألوان النيون الباهرة ، تحكى الإعلانات عن الطيران ومغادرة الجذور والمكان والسكنى فى مدن الأحلام ، من يبيع الحلم الكاذب يكسب كثيراً ويمد فى عمره بنقود الأخرين ، هذه الأسوار المانعة هى نفسها التى ستحرقهم بين أحضانها إذا أشتعلت النيران ، يشعر بالدفء لحظات ثم يعاوده الأحساس بالصقيع ،
أقمشة الاعلانات الأحلام لا تصنع بهجة ولا تمرر حرارة ، كيف سارت الأيام حتى أصبحت كذلك ، فى كل صباح تعروه
البهجة المستعارة ، يستمع الى احاديث المذياع الزائفة تبشرة بنهارٍ سعيد وعمر مديد فى كنف السلطة التى تدعوه
صباح مساء ان يحتمل الغلاء ، سيارتهم الفارهة وقصورهم الضخمة لزوم ما يلزم اما هو ف عليه الأحتمال والتبرع
بالمال ( يا أيها الشعر المختلس ،.. كل ما كتبته صادره العسس )
يردد شعر صديقه الثائر ، الذى قابل يوماً زرقاء اليمامة وأخبرته عن ما تراه فى المستقبل ، فمات مقهوراً فى الغرفة
رقم ٨ بأحد المستشفيات الفقيرة ، مات او قتل .. قتل او مات لافرق بين الأثنين ، انت مت حياً وهو مات عندما
شاهدك تدفن أحلامك وتودع اشقائك وتحتضن الغرباء