عبد الناصر البنا يكتب : الجزر .. المنعزلة !!
منذ أن وعيت على الدنيا ولسنوات كثيرة مضت ، حضرت مئات بل آلاف من الندوات والمؤتمرات التى إنعقدت فى مصر وخارجها ، فى مختلف المجالات ” علمية ـ فنية ـ ثقافية ـ رياضية ـ إقتصادية ـ أمن قومى ـ علاقات خارجية ـ تجارة ـ إستثمار .. وإن شئت قل ” وكل المحصلة أو الإنطباع السائد لدىً فى كل مرة ، أننا بنتكلم كلام كتير ، لكن فعل مفيش ، كله مجرد كلام ولا فى حد بياخد بيه أو يطبقه ، وكأننا نؤذن فى مالطه ، وسبق أن ذكرت فى أكثر من موضع ، وقلت : ليه التوصيات دى ماتتحطش فى يد المسئولين وتكون فى موضع التنفيذ ، ليه تتحط فى الأدراج ويتقفل عليها ومفيش حد يستفيد منها . ليه دايما المحصلة النهائية فى أغلب الندوات والمؤتمرات “صفر” وينفض المولد وخالتى وخالتك وإتفرقوا الخالات ، وكأنك يابوزيد ماغزيت .
بخلاف الندوات والإجتماعات إحنا عندنا كنوز مش بنعرف نستغلها أو نستفيد منها ، زى مشاريع تخرج طلبة الكليات العملية زى ” هندسة ــ Computer Science .. وغيرها ” لو حضرتك شفت مشاريع هؤلاء الطلبة فى السنة النهائية ، والله حاجه تفوق الخيال ، وللأسف بتترمى فى الأدراج ، مفيش حد بيستفيد منها ، ليه المشاريع دى مانستفادش منها فى قطاع الصناعة أو الزراعة .. وغيرها من القطاعات ، إحنا مش بنصنع العجلة ، بلدنا محتاجة لكل فكرة بناءة ، كل فكرة تدفعها للأمام ، إحنا ليه نحب نشتغل فى جزر منعزلة ، نجيب أجنبى علشان يشغل لنا جراج ، أو يدير مشروع ، هى مصر بجلالة قدرها عقمت ، وولاد مصر فى كل دول العالم يشار إليهم بالبنان ، أمور تحير .. بجد !!
الأيام القليلة الماضية حصل أكثر من حاجة كانت محل جدال ونقاش ، وأخص منها إجتماع م. مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ببعض رجال الأعمال من بقايا النظام السابق على غير العادة ، حضر الإجتماع مجموعة من رجال الأعمال وغاب ” نجيب وسميح ” ساويرس . رجال الأعمال حملوا م. مصطفى مدبولى وحكومته مسئولية تردى الأوضاع الاقتصادية فى البلاد ، نجيب الغائب الحاضر علق على الإجتماع وقال : الكلام كله كان إيجابى ومكنتش هزود حاجة غير إزاى أزود إيرادات السياحة ومشكلة مصر للطيران ” المحكمة إتنورت ياعم نجيب ” !!
عموما الكلام كتر وقل عن هذا الاجتماع ، ولكن إجمالا أنا شايفه كان إجتماع حلو ، وكان مطلوب فى هذا التوقيت ، وإعتبرته حجر فى الماء الراكد أو محاولة للخروج من الأزمة والاطلاع على مقترحات جدبدة قد تفيد ، أو أفكار يمكن أن تأتى من خارج الصندوق ، م. مدبولى فى إجتماعه الأسبوعى الأخير قال : 2024 كانت سنة صعبة أوى علينا ، سددنا فيها ديون كتيرة ، وقال : 2025 هتكون أقل حدة إن شاء الله ، وأنا شايفها أخبار مطمئنه مع قدوم عام جديد .
عموما رغم كل الإنتقادات التى وجهت للإجتماع ، الشىء إللى أنا عاوز أقوله أن كل واحد من رجال الأعمال الحاضرين كان بيدور على مصلحته فين ، يعنى كُل تغنى بليلاه ، أنا بس عاوز أرد على قطاع السياحة إللى إتكلم عنه م.نجيب ساويرس ، مشكله قطاع السياحة من وجهه نظرى ” اللوبى ” المسيطر على هذا القطاع وهو عبارة عن مجموعة من أصحاب الشركات لهم ” قراهم وفنادقهم وباصاتهم وبازارتهم .. إلخ ” هذه المجموعة هى إللى بتقوم بالترويج للسياحة المصرية فى الدول إللى ليها مصالح فيها أى الدول إللى بتجيب لهم العملاء بتوعهم ، بصرف النظر عن العائد على الدولة .
وأعتقد اننا لو إعتبرنا الترويج للسياحة المصرية مشروع قومى وعملنا حملات محترمة الهدف منها إستقطاب سائح ذو طبيعه خاصة ، سائح عاوز يصرف ويستمتع ، لأن العملية مش عدد ، وأننا حققنا 12 مليون سائح هذا العام ، وتلاقى أتوبيس فيه 8 سياح ” قفطانين” و12 عربيه شرطه بتحرسهم ، العائد منهم لايكفى بنزين عربيات الحراسة ، والمخجل لما تكون دولة بحجم مصر ويكون دا العائد من قطاع السياحة ، رغم كل ما انفق عليه ، ورغم أن مصر فيها من المميزات النسبية للسياحة من تنوع فى المنتج السياحى وموقع جغرافى وقرى سياحية وفنادق ، وأنواع من السياحة قل أن تجد مثيل لها فى أى دولة فى العالم ، وأكيد مفيش مقارنه بين عائد مصر من السياحة ودولة زى الامارات أو السعودية إللى دخلت على الخط مؤخرا .
دا بخلاف الهرى حول ضريبة المحمول الجديدة وأعقد أن لاداعى للخوض فيها ، خاصة بعد ما إكتوينا بتعريفة الاتصالات الجديدة التى لاداعى ولا مبرر لها ، ولكن وحتى لا أطيل عاوزين نقعد مع بعض ، نتكلم ، نفكر ، نعمل بنك للأفكار والمعلومات ، نفكر إزاى نستفيد من مواردنا المتاحة ، إزاى نستفيد من وجودنا فى قارة أفريقيا القارة البكر المليئة بالخيرات والمواد الخام الطبيعية . نفكر إزاى يكون بينا تعاون وتبادل تجارى حقيقى مش كلام ، أفريقيا لوحدها كنز إحنا للأسف مش عارفين نستفيد منه ، لازم يكون عندنا وزارة مستقلة تهتم بالشأن الأفريقى ، لابد أن يكون لدينا مجالس إستشارية فيها خلاصة عقول مصر فى مختلف المجالات ، لأن أى قرار غير مدروس بيكون له عواقب وخيمة يصعب تلافى سلبياتها على المدى القصير ، واكيد شفنا الكثير من هذه القرارات العشوائية ، ولعل مصيبة إرتفاع أسعار الدواجن كانت بسبب قرار غير مدروس .
قصدت أن أقول مصر فيها عقول ، وعقول جبارة ، بس للأسف محدش بيستمع إليها ، وحتى لو حد إستمع بيرمى الكلام عرض الحائط ، مؤخرا نشر الحساب الرسمي لشركة بيراميدز المصرية لإطارات السيارات على “فيس بوك” خبرا أعلنت فيه الشركة عن إعتذارها لعملائها الكرام عن إنتاج إطارات السيارات لأسباب خارجه عن إرادة المصنع “. علامات إستفهام كبيرة دارت حول هذا الخبر وأقوال تناثرت هنا وهناك عينة إفساح الطريق لمستثمر أجنبى يعمل فى نفس المجال .. إلخ . الشركة المصرية ” بيراميدز ” كانت أعلنت من كام شهر عن مواصفات إطارها الجديد “أحمس” بوصفه أول إطار مخصص للسيارات الملاكي بقياس FG75 195/65R15 . والاعلان وجد قبول وإرتياح ، خاصة أن القاهرة وحدها فيها أكثر من 12 مليون سيارة ، ونسبه إستيرادنا للإطارات والبطاريات تفوق الخيال ،
والمفترض أنه حتى لو كان الكلام عن المستثمر الأجنبى حقيقى ليه مايبقاش السوق مفتوح لانه يستوعب بدل المصنع عشرة ، على الأقل نكسر حدة إحتكار بعض الشركات للمستورد ، وتبقى المنافسة شريفة والمستفيد فى الأول والآخر المستهلك وبالتبعية إنعاش إقتصاد البلد ، طبعا خبر توقف الإنتاج وعلامة الإستفهام الكبيرة فى الخبر ” لأسباب خارجه عن إرادة المصنع ” كان صدمة كبيرة ، لكن أكيد إحنا مش هنعرف أكتر م الحكومة !!
دا كل إللى قدرت أقولة ، علشان إحنا عاوزين مصر أحسن بلد فى الدنيا ، وهى إن شاء الله بأهلها وجيشها وشرطتها وقيادتها أحسن بلد .. حفظ الله مصر !!