الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : القناع .. لا يباع  !!

الكاتب الصحفي عصام عمران

قبل ١٤ عاما وتحديدا فى يوم أطلقوا عليه حينها ” جمعة الغضب ” إبان أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ تعرض المتحف المصري بالتحرير لعملية سطو مسلح من قبل بعض البلطجية واللصوص وتم سرقة بعض محتوياته ، الأمر الذي آثار حفيظة وقلق الجميع لاسيما المنظمات الدولية ووسائل الإعلام العالمية خوفا على هذا الصرح الثقافي والحضاري المهم.
ومع بزوغ الشمس كنت هناك ضمن عشرات وربما المئات من الصحفيين والاعلاميين المصريين والعالميين لمتابعة الحدث الأهم فى ذلك الوقت وعند وصولنا الى الباب الرئيسي للمتحف وجدنا دكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار آنذاك جالسا حزينا على كرسي أمام المتحف والتف حوله الجميع وأخذوا يسألونه عن واقعة السطو والسرقة وكانت المفاجأة أنه قال المتحف المصري بخير ولم يسرق منه شيء  !! .
وبعد انصراف الزملاء الصحفيين والاعلاميين ذهبت إليه مستفسرا ولن أبالغ إن قلت مستنكرا ما ذكره خاصة أن الجميع يعلم تعرض المتحف للسرقة فيما اتذكر شملت ٢٤ قطعة أثرية، ولكنه فاجأني للمرة الثانية بعبارات لن أنساها حيث قال إنه عند وصوله إلى المتحف ذهب مسرعا الى قاعة العرض المتحفى الخاصة بمجموعة آثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون وعندما شاهد “القناع ” القطعة الأثرية الأجمل والاشهر فى العالم اطمأن وتيقن أن أى قطعة أخرى سرقت ستعود لا محالة ، مشيرا إلى أنه قال المتحف بخير حتى لا تأتى الهيئات والمنظمات المعنية بالتراث وفي القلب منها اليونسكو وتطالب بفرض الحماية الدولية على المتحف الذى كان يحوى أكثر من ٥٠ الف قطعة أثرية منها مجموعة آثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون وتشمل ٥٥٠٠ قطعة أثرية مهمة .

تذكرت تلك الواقعة وأنا اتابع ما أثير حول التصريحات الصحفية والإعلامية التى أدلى بها مؤخرا دكتور زاهي حواس

وتحديدا لبرنامج ” على مسؤوليتي ” للاعلامى احمد موسى ، وذكر خلالها أن قناع توت عنخ آمون يمكن أن يحل

مشاكل مصر من العملات الأجنبية إذا خرج للعرض فى جولة تشمل شتى المتاحف العالمية خاصة فى أوروبا وأمريكا،

ولكن القانون لايسمح بخروج القطع الأثرية الفريدة وفي مقدمتها قناع الملك توت وهو ما ذكره حواس نفسه في

البرنامج  .

وقال حواس نصا :” قناع توت عنخ آمون لو سافر للعرض بالخارج سيأتي بملايين الدولارات سنويا ..  قناع توت عنخ

آمون قطعة أثرية لا تضاهيها أي آثار أخرى بالعالم” وهو ما يجعله “يبهر العالم بجماله ،و أجمل  ملكات جمال العالم

متجيش فيه حاجة” !! .

وكشف حواس أنه حينما كان امينا عاما للآثار أخرج  معرضا ضم ٨٠ قطعة أثرية من مجموعة توت عنخ آمون ليس من

بينها القناع فى جولات عالمية فى أوروبا وأمريكا وآسيا ومع ذلك حققت عائدا بلغ أكثر من 120 مليون دولار .

تصريحات حواس آثارت حفيظة ، بل  وتخوف البعض خاصة المهتمين بالتراث والآثار المصرية من إمكانية تعرض القناع

لخطر مثل الكسر أو حتى السرقة فى حال خروجه للعرض بالخارج،

رغم أن قانون الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ كما ذكرت في البداية يحظر خروج القطع الأثرية الفريدة أو الهشة التى

يخشى عليها من التلف أو الكسر أثناء عملية الشحن أو العرض، والمؤكد أن قناع الملك الذهبي أهم وأجمل قطعة

أثرية نادرة فى العالم لن يباع ولن يخرج حتى للعرض مهما كانت المغريات المادية سواء بالعملات الصعبة أو “السهلة

” إن جاز التعبير  ومعه عشرات وربما مئات القطع الأخرى الفريدة ،

وكفانا ما تعرضت له القطع النادرة للخروج سواء خلسة أو تدليسا قبل صدور القانون ١١٧ وفي القلب منها حجر رشيد

وتمثال الكاتب المصري والقبة السماوية ، علاوة على التمثال الرائع للملكة الجميلة نفرتيتى الموجود بمتحف برلين

بالمانيا ولم نستطع إعادته إلى مصر حتى ولو على سبيل الإعارة للعرض فى افتتاح المتحف المصري الكبير  ، الأمر

الذى جعل دكتور زاهي حواس يطلق حملة توقيع دولية من أجل عودة هذه التحفة الفنية والاثرية إلى موطنها الاصلى

مصر .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.