كتاب ” سلاطين ورعايا زنجبار فى القرن 19 ” 

(قراءة جديدة فى عصر البوسعيد فى شرق إفريقيا ووسطها)

كتب مصطفى ياسين :
صدر كتاب مهم للدكتور أحمد عبدالدايم حسين، استاذ التاريخ الحديث والمعاصر كلية الدراسات الأفريقية جامعة القاهرة، بعنوان “سلاطين ورعايا زنجبار فى القرن 19.. قراءة جديدة فى عصر البوسعيد فى شرق إفريقيا ووسطها”، عن دار المكتب العربى للمعارف، يتجاوز الـ700 صفحة، فى اربعة عشر فصلا، وتقديم وخاتمة.
أوضح د. أحمد عبدالدايم، أن فكرة الكتاب تدور حول انه إذا كانت عمان لها علاقات قديمة وممتدة بساحل شرق افريقيا، إلا أنها فى القرن التاسع عشر تخطت هذا الوجود الساحلى لتؤسس لإمبراطورية عابرة الحدود فى شرق افريقيا والدواخل ومنطقة البحيرات الكبرى وأعالي الكونغو.
وفى هذا السياق لعبت أسرة البوسعيد دورا تاريخيا فى تطوير هذه العلاقة، بفضل سلاطينها المبرزين، سعيد وماجد وبرغش، ووعيهم بقيمة تلك المناطق، وبقدرات رعاياهم وامكانياتهم. فراح السلطان سعيد بن سلطان، على سبيل المثال، يفتح ما له ان يفتح من مناطق، ويتوسع ما له أن يوسع من نفوذ، فيحكم ويسود وتخضع له الرعايا فى الدواخل بقدر خضوعهم على الساحل والجزر.
وربما كانت أسرة البوسعيد محظوظة بإمكانيات رعاياها من العرب والهنود، فاستفادت منهم فى مرحلة تجارة القوافل والمسافات الطويلة فى الداخل، ثم أحسنت توظيفهم فى المرحلة الثانية نحو التوسع والنفوذ.
وربما كان سلاطين البوسعيد محظوظين أيضا بتوجهات الأفريقيين نحو الإنتاج والرغبة فى الاستفادة من عرب الساحل، فقبلوا الدخول فى رعاية السلاطين والخضوع لهم طوعا دون إكراه.
وكل هذه الاحتمالات وغيرها تقربنا من سلاطين هذه الأسرة ورعاياها، فتحت نافذة جديدة نحو تقصى هذه العلاقة بين سلاطين البوسعيد ورعاياهم فى القرن 19. وذلك فى محاولة لبلورة المعطيات التى استغلتها أسرة البوسعيد فى توسعاتها الافريقية، وقراءة نتائج هذا التوسع وانعكاساته على العلاقات العربية الافريقية.
أضاف د. عبدالدايم: جاء الكتاب ليسد ثغرة اتسع رتقها، وليقدم قراءة جديدة تضيف لمعلوماتنا ما يغير من التاريخ السائد عن هذه الدولة فى بعدها الأفريقى، ويستفيد من النظريات والمدارس التاريخية الجديدة، ليقدم تاريخا نوعيا لعلاقة السلطة بالمهمشين والنخب من كافة الرعايا والاتباع.
حيث جاء الكتاب مختلفًا فى اهتماماته، وعارضًا لكثير من مفرداته وموضوعاته دون حمولات أيديولوجية أو فكرية أو
قومية. ومدققا فى سيرة السلاطين العمانيين ورعاياهم، ومحاولا تفسير هذه العلاقة، وحاشدا لجزئيات غائبة
وحقائق مطموسة.
وسيجد فيه القارئ العربى الفخر بتاريخ حكام عمانيين وطريقتهم فى صناعة التواؤم والانسجام بين رعاياهم
المختلفين فى الأعراق والملل، دون لى لعنق الحقائق او تدليس للأخبار.
حيث اعتمد كاتبه على عدد كبير من المصادر والأرشيفات المختلفة. سواء من الأرشيف البريطاني بمختلف إداراته،
ممثلة فى وزارة الخارجية ووزارة المستعمرات وإدارة المحميات وتقارير الحكام، أو فى أوراق الرحالة والقناصل
والمبشرين الأوروبيين، أو من خلال الأرشيفات العربية سواء كانت عمانية او مصرية، فضلا عن الجرائد والمجلات
والكتابات المصدرية الأخرى.
يستطرد د. عبدالدايم: يهدف الكتاب لاستقصاء أربعة أمور: أولها، تقصى جهود سلاطين البوسعيد وتوسعاتهم فى
شرق أفريقيا طيلة القرن 19، واستبيان فترة التوسع من فترة التراجع.
ثانيها، التعرف على علاقة السلاطين بالرعايا العرب والهنود والأفريقيين.
ثالثها، رصد علاقة السلاطين بالأجانب، وكيف كانت ندا لند فى فترة الازدهار؟ ولماذا تحولت لدور التابع فى فترة الحماية؟
رابعها، قراءة تاريخ العرب والسلاطين العمانيين فى الداخل الأفريقى، ودور العرب العمانيين فى تحديث وسط أفريقيا
وتعريبها.
مشيرا إلي أنه استخدم عددا من النظريات التاريخية لفهم ودراسة موضوعه، منها ما يتناسب مع السلاطين
كمدرسة الرجل العظيم ودور الفرد فى حركة التاريخ والتفسير السياسى ومدرسة الذهنيات ودراسات النوع
الاجتماعى والتاريخ الجهوى. ومنها ما يتناسب مع الرعايا، كمدرسة التابع والناس العاديين والمهمشين والتفسير
الاجتماعى والمدرسة المادية. فضلا عن مدرسة تاريخ الأفكار والتفسير الثقافى لحركة التاريخ.
متسائلا عدة اسئلة مركزية: ما الذى جعل سلاطين زنجبار يقبلون على تطوير آلياتهم فى السلطة ويغيرون من
طريقة الحكم المباشر فى شرق أفريقيا ودواخلها؟ وما الذى جعل السلطة تقترب من رعاياها رغم اختلاف أعراقهم
وأجناسهم؟ وما طبيعة هؤلاء الرعايا الخاضعين لسلطان زنجبار فى القرن 19؟ وهل تغيروا بتغير السلاطين؟ وكيف
لعبت الأطراف الخارجية بأصابعها فى ضرب علاقة السلاطين برعاياهم؟ ولماذا صنفنا الرعايا العرب بأنهم رعايا فى
هيئة سلاطين؟ وكيف كانت علاقة السلطة بالشيرازيين والهنود والأفريقيين؟
وللإجابة على تلك الأسئلة قام مؤلف الكتاب بتقسيم فصول كتابه إلى أربعة عشر فصلا أجاب فيهم علي ما طرحه
من أسئلة
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.