الاعلامي محمود عبد السلام يكتب : مقابلة خاصة مع بابا نويل !

الإعلامي محمود عبد السلام

امس بعد منتصف الليل ، شعرت بحركة غير طبيعية ، مضيت استطلع ما يحدث فى شرفة حجرتى ، وجدت عربة تجرها الغزلان تطير فى الهواء وتحاول الهبوط فى الشرفة ، تبينت بعد قليل الرجل العجوز الذى يقود العربة ، لحيته المميزة وملابسه حمراء اللون بطاقة عبوره للحدود ، ودعوة مفتوحة لزيارة البيوت التى تفوح منها رائحة الأمنيات ، ربط مقدمة العربة ب سور الشرفة وهبط بسلام ، دعوته للدخول سريعاً الى الدفئ ، الطقس بالخارج صقيع ، رحب بالدعوة ، وطلب كوباً من الشاى الأخضر الساخن ، وألقى بنفسه على اول مقعد فى حجرتى ، كانت ملامحه تشى بالإرهاق ، وضعت امامه صينية الشاى وبعضاً من الحلوى ، شكر واثنى على حُسنْ الضيافة ، لم اضيع الفرصة ، فكرت سريعاً فى الامنيات التى سوف أطلبها منه لتحقيقها ، لكنى تراجعت ، أخجلني ان أطلب منه ذلك وهو فى هذه الحالة من الإعياء ، سألته ، هل انت بخير ياعم نويل ؟ تنهد طويلاً ثم التفت الى وقال ، أثقلتني الهموم هذا العام ، وبعض البلاد كنت انوى زيارتها لكن السلطات لم تمنحني تأشيرة دخول ، اضطررت ان القى الهدايا من بعيد ، ولم أتأكد من وصولها لمستحقيها ، لم ارد مقاطعته وتركته يسترسل ، أردف قائلاً .. وهناك بلاد أخرى لم أستطع الدخول اليها بسبب الحروب والقتل والدمار ، وهناك بلد بالتحديد ابكتنى وجعلتني لا أتفائل كثيراً بالإنسانية فى العام الجديد ، وقبل أن أسأله قال .. أنها فلسطين ياعزيزى ، لقد رأيت بغزة الجحيم بعينه ، أمهات ثكلى ، أطفال قتلى ، رجال موتى ونساء تهيم على وجوهها تبحث عن مأوى ، أى أمنيات أستطيع ان أحققها لهؤلاء ، تعجز كل أمنيات العالم أن تحقق لهم الأمان ، مذبحة انسانية كبيرة اشترك العالم كله فيها بصمته ، وأعانت الظالم على المظلوم ، بكيت بكاءاً مريراً ، وهربت ، نعم هربت من هذا الجحيم لم أستطع ان اصمد امام هذه المناظر التعيسة ، احسست بروحى تنسحب منى وعجز شديد ، اخذت العربه وطرت الى اقرب بلد ، الى هنا لعلى اجد ما يغير من نظرتى المتشائمة لعام ٢٠٢٥ ، ترقرق الدمع بعينى وتملكنى الخجل ، و داريت امنياتى التافهه ، وشاركته حزنه ، ومدت يدى واخذت ورقة وقلم ، ومضيت أكتب ، يارب انك تعلم وغيرك لا يعلم ، هؤلاء احق منا فى تحقيق دعائهم وامنياتهم البسيطة ، يارب اسقهم واطعمهم وامنهم من خوف ، اما نحن فلا تلتفت الى دعاءنا فنحن شبعى وهم جوعى وعطشى وخائفون ومشردون ، يارب .. يارب انزل عليهم امنك وحمايتك .. يارب ، وضعت الورقة بداخل ظرف ، ودسستها فى يد بابا نويل وقلت له ، أترك هذا الظرف بين السحاب والسماء لعله يستجاب .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.