الدكتور هيثم الطواجني يكتب : قراءات في المشهد الإقليمي (3)

الدكتور هيثم الطواجني

نستكمل الحديث عن تبني الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية تقسيم دول الإقليم وبدء تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد.

بدراسة ما قاله البروفيسور الأمريكى “ماكس مايورانيك” في تعريفه المختصر لحروب الجيل الرابع قال فيه (الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية)، تجد أن هذا التعريف طُبق على العراق بشكل وعلى سوريا بشكل آخر،

ففى حالة العراق استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها بريطانيا القوة العسكرية المباشرة، وتبعت ذلك بحل مؤسسات الدولة لإفشالها وإعادة بنائها، ثم فرض واقع يكرس للانقسام بين العراقيين “سنة – شيعة – اكراد -..” مع بعض الطوائف الأخرى ووصل الأمر إلى عراق موحد ولكن [بشمال كردى “نفطي” ووسط سني “يعاني من أزمات” وجنوب شيعي “شبه خاضع للنفوذ الإيراني”]، أما سوريا فكانت الحرب بالوكالة، والباقي قيد التنفيذ.

– ومهما كانت خطايا وأخطاء النظام العراقي السابق، وتعددت مناكبه، ولكنه كان صاحب قيمة وقدرات مضافة للدول العربية، حيث كان رقماً صعباً في حفظ التوازن الاستراتيجي بالمنطقة، رغماً عن كل الخلافات والأزمات التي كان طرفاً فيها، والان أصبح القرار العراقي مرهون ولو جزئياً بمصالح صانع ومتخذ القرار الإيراني.

– شهدنا السقوط السريع للنظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد مخلفاً مشهد مضطرب، أصفه بالعبثي، فمن كان بالأمس مطلوباً على قوائم الإرهاب الدولي، وعلى رأسه جائزة مالية تقدر بملايين الدولارات، أصبح اليوم هو رأس السلطة وأجهزتها، ومن أقدم على ارتكاب الجرائم وشارك بالاغتيالات بات مسئولاً مهما بالنظام الجديد،

فضلاً عن الاجتياح الإسرائيلي للأراضي السورية، بل وصل الأمر إلي قيام إسرائيل بتدمير القدرات الإستراتيجية السورية، دون ردة فعل ممن يتصدرون المشهد السوري.

– محاولة تقليص النفوذ التركي بسوريا بعد المساعدات الأمريكية بالرجال والسلاح لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”

[تحالف ميليشيات متعدد الأعراق والأديان، ويغلب عليها الطابع الكردي والعربي ومعظمها من وحدات حماية الشعب

“الميليشيات الكردية”، التي تقودها عسكرياً]،

وهي التي تخوض معارك حالية لاستعادة السيطرة على مدينة منبج الإستراتيجية التي كانت خاضعة لهم طيلة

سنوات قبل أن تخسرها في الأسابيع الأخيرة لصالح الميلشيات الموالية لتركيا.

– ضرورة خلق مناطق تماس غير مستقرة بين الفرقاء السوريون وحلفاؤهم من جهة ودول الجوار من جهة أخري،

والبداية من مدينة مَنْبِج في شمال شرق محافظة حلب في شمال سوريا، التي تقع على بعد 30 كم غرب نهر

الفرات و80 كم من مدينة حلب،

وهي بمثابة الشريان الاقتصادي للأكراد بسبب نشاط الحركة التجارية التي تربط مدينة حلب بمناطق شرق الفرات

وغربها مثل القامشلي والرقة والحسكة وشرق دير الزور، وذات أهمية لوجستية للمقاتلين الأكراد، كما أنها تربط

المدن ذات الأغلبية الكردية من شمال شرقي البلاد إلى شمال غربها، بينما تستخدمها الولايات المتحدة كورقة ضغط

على تركيا بدعمها للأكراد،

في حين تري تركيا التي تنتهج العمل الدبلوماسي عبر وزير خارجيتها، ريثما تعمل على تحقيق أهدافها بقوة السلاح

عبر قواتها المسلحة والفصائل الموالية لها، وذلك بالسيطرة على مدينة منبج، بعد أن سيطرت على مدينة تل رفعت،

وتتبقي مدينة عين العرب “كوباني” لتنهي التواجد الكردي في غرب نهر الفرات، ثم  تتجه إلي السيطرة على مدينة

القامشلي “شرق الفرات” في الحسكة بشمال شرقي سوريا، وحال السيطرة عليها تكون تركيا قد أغلقت حدودها

الجنوبية، وأبعدت وحدات حماية الشعب الكردية حتي عمق 40 كيلومتراً، مشكلة منطقة عازلة آمنة (وللحديث بقية).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.