محمد يوسف العزيزي يكتب : القوة الشاملة مفتاح مصر لمواجهة اضطرابات المنطقة

في ظل حالة الاضطراب والتوتر التي تعصف بالمنطقة العربية والشرق الأوسط تبرز أهمية الحديث عن مفهوم القوة الشاملة ودورها المحوري في حماية الدول وتحقيق استقرارها
والقوة الشاملة للدولة هي مزيج من القدرات الاقتصادية والسياسية، والعسكرية، والثقافية، والاجتماعية، التي تمكنها من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية وتحقيق أهدافها الوطنية لذلك وفي هذا السياق تلعب القوات المسلحة دورًا جوهريًا باعتبارها الركيزة الأهم لضمان سيادة الدولة واستقلالها.
ومصر كقوة إقليمية ذات تاريخ طويل ومكانة استراتيجية – ولطالما كانت هدفًا لأطماع خارجية نتيجة لموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية – تجد نفسها في مواجهة تحديات غير مسبوقة لذلك تدرك أن الحفاظ على أمنها القومي يتطلب جيشًا قويًا وحديثًا وهذا يتطلب استثمارًا واعيًا ومتكاملًا في بناء عناصر قوتها الشاملة وعلى رأسها القدرات العسكرية
وحيث تشهد المنطقة اليوم تصاعدًا غير مسبوق في التوترات والصراعات المسلحة ، بدءًا من الأزمات في فلسطين وسوريا وليبيا واليمن ، ومرورًا بالمخاطر الناتجة عن الإرهاب وصولًا إلى التهديدات المتعلقة بالأمن المائي مثل أزمة سد النهضة.
فإن هذه التحديات تستدعي استجابة فعالة ومتعددة الأبعاد من مصر، وهوما يعكسه اهتمام الدولة بتطوير قواتها المسلحة على مستوى التسليح وتنوع مصادر السلاح ، والتدريب الراقي والمشترك مع كثير من جيوش المنطقة والإقليم والعالم ، واستخدام أحدث التكنولوجيا مما أتاح للجيش المصري أن يحتل مكانة متقدمة بين أقوى جيوش العالم، ويُعتبر درع الوطن وسيفه في مواجهة التحديات.
ومع ذلك فإنه لا يمكن إغفال أهمية التكامل بين العناصر المختلفة للقوة الشاملة.. فالتنمية الاقتصادية تمثل أساسًا
لدعم الجهود العسكرية حيث يوفر الاقتصاد القوي الموارد اللازمة لتحديث الجيش وتطوير الصناعات الدفاعية الوطنية.
وفي السياق ذاته تلعب القوة الدبلوماسية دورًا في تعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية حيث تمثل الجهود المبذولة
لحل النزاعات الإقليمية وبناء التحالفات السياسية عنصرًا مكملًا للقدرات العسكرية.
أما على المستوى الثقافي والاجتماعي، فإن نشر الوعي الوطني وتعزيز الهوية المصرية يمثلان خط دفاع أول ضد
محاولات زعزعة الاستقرار الداخلي في ظل التحديات الإقليمية الحالية وهذه مسئولية مشتركة بين الثقافة والتعليم
والإعلام ومصر تحتاج إلى مجتمع واعٍ يدرك أهمية تماسكه في مواجهة التهديدات الخارجية.
ولعل إلقاء نظرة أوسع على المشهد الإقليمي يؤكد ما نشير إليه حيث تشهد المنطقة صراعًا على النفوذ بين قوى
إقليمية ودولية، في وقت تتزايد فيه المنافسة على الموارد الطبيعية والممرات الاستراتيجية، الأمر الذي يؤدي إلي
خلق تغيرات جيوسياسية تجعل من تعزيز عناصر القوة الشاملة لمصر ضرورة حتمية وليس خيارًا.. فالقوة الشاملة
ليست مجرد وسيلة لحماية الدولة، بل أداة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وضمان مستقبل آمن ومستقر وتدرك
القيادة السياسية أن بناء القوة الشاملة لمصر استثمارًا طويل الأمد في أمنها القومي واستقرارها لذا تواصل العمل
على تعزيز قدراتها العسكرية، وتنمية اقتصادها، وتفعيل أدواتها الدبلوماسية، بما يضمن استمرارها كركيزة للاستقرار
في المنطقة وقوة مؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي