المستشار عبدالعزيز مكي يكتب : ضلالات التربية ، والإنهيار المعرفي ، والإنحدار الأخلاقي
الصورة كانت لا تكذب قديما وكانت معبرة على مقتضى الحال لا لبس فيها ولا سقوط ، وباتت كاذبة لأكثر من داعي لئيما إلى أن يثبت العكس وكذلك الصوت الذي يتكلم بلسانٍ عربي كان أو أعجم ، لرئيسٍ تعيس قد ولىَ إلى غير ذي رجعة يندم على ما قد فعل من الفجعة ،
أو لزعيمٍ مُقرَب ينعي النائبة وقسوة الظروف ،
أو لمخربٍ مفسد في الأرض يتوهم بأنه ينشر في الأرض السلام وعلى الناس المحبة ولا يدرك مغبة ما يفعل ،
أو لأناسٍ همج يهللون ويصفقون يستعجلون العوج ،
أو صورة مأثورة لمن يحرق إنسان حي أو يذبح الصغار ، أو فيديو مُسرَب بفضيحة صريحة وخيانة ، أو فِرية قبيحة على وطن قد صان الحرمات ، أو تصاوير خليعة لبعض مشاهير الفن وحُمر الرايات خضارىَ الدمن والشم والسم ، أم لشيوخ الكوخ والكهوف والدم قِفارىَ العلم والحِلم والأدب والنسب ، أم هي مُلفقة لكل هؤلاء بحسب المأرب والمُكتسَب …….
فلا المُرسِل الكذاب أقرَ بالكذب ولا المُتلقي التواق للإستهواء أصرَ فراغ إلى أن يُعمِل العقل ليتحرى الصواب ، وكأن إعمال العقل عمل شاق ، ليتعاظم الخواء ويتراكم الجهل ويُقفل المرء الهش على فراغ على طوله وعرضه ، وتروج الشائعات ، والثمن عرضه وأرضه …..
التكنولوجيا الحديثة والذكاء الإصطناعي والتربص والتخفي والتجسس والأقمار الصناعية والسموات المفتوحة والأجهزة المزعجة والعالم الذي أمسى كقرية صغيرة ، واللجان الإلكترونية والخلايا السرطانية ومواقع الهم والغم والفضيحة والنميمة والضغينة والتشفي أقسى ، ومن يتفكر ويتفقه ويحفظ الدرس المستقيم يجد له مُلِيم ينهر ويسفه ويلفظ التكريم بالعقل من الخلاق العظيم التواب ويصر على أن يكون من شر الدواب …..
والصبي والصبية منذ البدء على طريق الهلاك معا في الحظوة وإدمان المخدرات في سنٍ مبكرة .. والرجل السبي للدنيا والمرأة السبية الغبية في القاع الدنيا في سبات في سكة الضياع بالغلظة وبالرقة وبالكهن بغير مبالاة للأمانة الغالية والأمان ، أما تربية الصغير الحق المستحق والواجب المحبب للفطرة السوية فلا وألف لا وما خفي كان أعظم ، إلا ما رحم الكريم ، وهن وهم بلا أي شك كثير وشباب كثير إنسان غاية في الإلتزام بالأدب والعلم ، وهما تؤامان والخير لا يزال كثير ..
والمهم في إعتقاد صنف من الأب المنفق وصنف من الأم الحنون في الدور الأهم نحو الأولاد ، في تزغيط البطون ولو بالسحت وتشحيط البنطلون والثياب الرث الركيك غير الأنيق والمساحيق وأحدث أجهزة التليفون ولو بالصرعة دون أدنى حاجة لذلك أو شبهة منفعة منه ولو بالتقسيط الذي يعقبه الحبس على غير ذي سعة ، والسيارة المستعارة وإدعاء الجاه والثراء والتحضر والمدنية ، والدراجة النارية النفاثة في موسم الدراسة وفي غيره والسرعة المفرطة سهلة عكس الإتجاه والوثوب لأعلى والمقت للغير والتحقير للنصيحة والإستهزاء وإنعدام الحياء ونباح الأصوات المُنكرة بالغناء فى التسجيل بأعلى الصوت والإسفاف وتبادل الشتائم مع من يخاف سوء السلوك والمحاذير ، وترويع النائم في عز الليل إن ينام ، وربما تصل المغامرة ، لا قدر الله ، لقتل أنفسهم بأنفسهم ، أو لقتل الأبرياء ، لنقول مُقدَر ومكتوب .. !! ..
والرسوب بجدارة نهاية العام للمبروك عريض القفا أو النجاح بالباطل المعكوك بالطريقة الوكيسة المُذرية ، والإسراف على غير المعتاد وإنفاق الآلاف زحافا صوب الغش وشراء الذمم الرخيصة لمن يطيقوا الملامة ويستحقوا الإستهجان بل والإزدراء ..
وفي النهاية إزاء كل ذلك خريج فاشل على شاكلتهم في كل شيئ إلا في أن يكيل التهم بالزور جزافا للوطن والناجبين من أهله ..
كل هذا نذير بأنهم على شفا الهاوية دقيقة من بعد دقيقة .. وإن لم يفيقوا من يعولوا ويروا الحقيقة بكل إستقامة والدروس والسيرة في كل كتاب مأثور ولا يميلوا فلا حاجة لأن يهيلوا التراب فوق الرءوس عند حدوث المحظور …..
ولا نتمنىَ إلا كل الخير للجميع ولا لأعز عزيز أن يضيع ويتركنا في كدر الهموم ، وإن ألوم فمن شدة الحرص والغيرة على البراعم وعلى الشباب الكرام ، فنحن نؤمن بالكتاب وبالرسل وبالقضاء وبالقدر .. ولابد من الحرص والإهتمام والتعقل والتوكل .. فالحساب على كل صغيرة وكبيرة والثواب والعقاب .. حقيقة ثابتة لا مراء فيها ولا جدال .. وارد لا محالة في كل الأحوال .. والسلام