الدكتور هيثم الطواجني يكتب : آليات مواجهة العدو (2 )

الدكتور هيثم الطواجني

ومن هنا ظهرت أنواع القوة المختلفة التي تمكن الدول من مواجهة أعدائها، أو التأثير عليهم، والحد من قدراتهم ونوجزها هنا بالآتي:

القوة الصلبة: وتتميز بالعائد المرتفع، ولكنها مصحوبة بخطورة عالية، وتكلفة مرتفعة، بل باهظة الثمن، ولا يتم استخدامها إلا عند الضرورة، وبعد استنفاذ أغلب الوسائل المتاحة وتتسم بالعنف والقوة، كما أنها موجهة إلى العدو مباشرة.

القدرة على الإرغام: قابلة للإنتاج، ولها مردود مرتفع وخطورتها وتكلفتها أقل، وتستخدم في أي وقت، ولا تتسم بالعنف.

القوة الناعمة: ذات تكلفة وخطورة منخفضة، ولها عائد متدن، وتستخدم باستمرار، ولا تتسم بالعنف كما أن تأثيرها غير مركز.

ولنستعرض معاً هذه القوة والقدرات ولأنه من الجلي أن القوة الصلبة تعنى القوة المسلحة “الخشنة”، وبمعنى أخر

هي قدرات الدولة ممثلة في قواتها المسلحة بمختلف قدراتها العسكرية (قوة بشرية – أسلحة – معدات – إنفاق

عسكري – ……..)، وتتمحور القدرة على الإرغام في استخدام أحد أو كل القدرات التالية بعد، وإن يصعب استخدامها

مجمعة وهي [العقوبات الاقتصادية – الحظر على الأسلحة والتكنولوجيا – استغلال موارد الطاقة – الاعتراض البحري –

مساندة خصوم العدو – العمليات الهجومية الإلكترونية] ولكي تمتلك دولة ما هذه القدرات فلابد لها من العمل الجاد

المستمر لعقود طويلة، فالقدرة على فرض العقوبات الاقتصادية تعنى وبشكل مبسط امتلاك القدرة الاقتصادية الهائلة

التي تمكن الدولة التي تفرض العقوبات من فرض سيطرتها على العدو المحتمل، والتي تحاول التأثير على قراراته،

وتحييد قدراته، بينما حظر الأسلحة والتكنولوجيا يكمن في امتلاك اسباب العلم والاختراع والابتكار، مع القدرة على

حجبها عن الدول الأخرى بشكل عام، والدول المنتظر مجابهتها بشكل خاص، في حين أن استغلال موارد الطاقة

الداخلية والخارجية تتكامل إلى حد ما مع امتلاك العلم والمعرفة ومحاولة قصرها عليها فقط دون الأخرين، أما

الاعتراض البحري فيعنى امتلاك القوة البحرية القوية القادرة على فرض السيطرة البحرية، وهناك من يقول والتاريخ

خير شاهد على هذا القول ان من يمتلك السيطرة على البحار له اليد العليا في السيطرة علي العالم “امتلاك

بريطانيا العظمي لقوات بحرية قوية مكنتها من بناء امبراطوريتها التي كانت لا تغيب عنها الشمس، ومن قبلها اسبانيا

والبرتغال”، بيد أن مساندة خصوم العدو يحمل في ظاهره فكرة بناء التحالفات وجوهره القدرة على المؤازرة،

والمساندة المرتكزة على امتلاك اسباب القوة، “وقديما كانت انجلترا تساند كل قوة أوروبية تنهض لمواجهة القوة

القائمة، فساندت هولندا ضد البرتغال، واسبانيا ضد فرنسا، وحالياً تساند الولايات المتحدة الامريكية واوروبا اوكرانيا

في صراعها مع روسيا”، اما العمليات الهجومية الإلكترونية فهي النموذج الواضح لامتلاك المعرفة والتكنولوجيا،

وتطويعها لتستخدم كأداة من أدوات القدرة على الإرغام .

واذا نظرنا في تلك القدرات نجدها وقد انطبقت على المحور الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، التي

استطاعت وعلى مدار سنين من العمل الدؤوب تجميع تلك القدرات وبدأت في استخدامها وبشكل واضح بعد الحرب

العالمية الثانية حيث استخدمت الحصار البحري ثم العقوبات الاقتصادية على كوبا خلال وبعد أزمة الصواريخ الكوبية

الشهيرة في 8 – 14 أكتوبر 1962 والواقع أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم قدراتها على الارغام في أغلب

صراعاتها مع الدول، أو تلك التي من المحتمل أن تتحول إلى عدو في المدي القريب أو البعيد، وذلك لضمان فاعلية

التأثير والحد من قدرات هذه الدول مع استخدام قوتها الصلبة في المواجهات الأخرى مع الكيانات المعادية الحالية

كالإرهاب، أو عند الحاجة.

(وللحديث بقية)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.