بداية أؤكد اننى لا يعنينى من قريب أو بعيد من سيجلس على كرسي الحكم فى سوريا بعد هروب بشار الأسد وانتهاء حكم حزب البعث الذى ظل قابعا أكثر من ٦٠ عاما، ولكن القلب يعتصر ألما مما آلت إليه الأوضاع فى هذا البلد الشقيق الذى بات يعانى الفوضى والعبث، ففي الوقت الذي انتشرت فيه العناصر التابعة للميليشيات المسلحة أو المعارضة كما يطلقون على أنفسهم فى الشوارع والميادين والقصور يحتلفون بالنصر على الأسد كانت هناك قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل قرابة ١٤ كيلو متر داخل الأراضى السورية وتحتل قرابة ٣٠٠ كيلو متر كانت قد تحررت خلال حرب اكتوبر ٧٣ بالدم والنار !! .
وخلال ساعات قليلة استطاع الجيش الإسرائيلي السيطرة على موقع جبل الشيخ بعد انسحاب الجيش السوري
فى الوقت الذي وصف فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي ” النتن ياهو ” ، سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه
“يوم تاريخي” جاء بعد ضربات وجهتها إسرائيل لإيران وحزب الله في لبنان ، مؤكدا أنه أمر القوات الإسرائيلية بالسيطرة
على مناطق في الجزء العازل لضمان أمن إسرائيل وقال “لن نسمح لأي قوة معادية بترسيخ نفسها على حدودنا”.
وللأسف الأمر لم يتوقف فقط على الكيان الصهيوني فالمشهد فى سوريا الآن متشابك ومعقد فعلى أراضيها “
قاعدتان روسيتان بحرية وجوية + قواعد أمريكية + احتلال صهيونى للجولان + قواعد تركية فى الشمال + مليشيات
إيرانية + جماعات إرهابية مرتزقة ومليشيات مسلحة ” ، تلك هى الحقيقية المؤلمة التي يجب أن نعيها جيدا.
وبعد سقوط الأسد وهروبه إلى روسيا ، تواجه سوريا سؤالًا وجوديًا: كيف يمكنها أن تُعيد بناء نفسها بعد كل هذا
الخراب؟ بالقطع المهمة لن تكون سهلة، في ظل وجود قوى داخلية وخارجية تسعى لاستغلال الوضع لصالحها،
والاحتمالات متعددة ومتشابكة، لكنها تحمل في طيّاتها فرصًا لبناء مستقبل جديد. على ألا يكون لهذه الأطراف
والقوى الخارجية أي حضور في سوريا ما بعد الأسد، والأهم الا تسير البلاد نحو “الأخونة”، او ” الدعوشة ” وهو خطر
يهدد التنوع والتعايش فيها.
في الوقت ذاته صعب أن يتخلى المقاتلون، الذين يعتمد عليهم النظام الدولي جزئيًا، عن قبضة القيادة إلى أجل غير
مسمى، إذا ما كانت التطورات قد تمت بالاعتماد عليهم وحدهم ، ولا يمكن تحقيق انتقال مستقر دون إشراف دولي
يضمن تسيير الأمور بطريقة تمنع حدوث مجازر جديدة، وتفتح المجال للسوريين للتوافق على مستقبلهم.
واهم أولويات المرحلة المقبلة العمل على إنهاء التدخلات الخارجية التي عرقلت تطور البلاد، لعقود طويلة ، ويبقى
الأمل الكبير ولن ابالغ إذا قلت الوحيد في إرادة الشعب السوري لإعادة بناء بلاده، وإبعادها عن جميع أشكال التسلُّط
، وبالطبع لن يحدث هذا إلا فى ظل وجود جيش وطني من نسيج الشعب كما هو الحال والحمد لله في جيش مصر
العظيم وليس من المرتزقه أو الميليشيات والجماعات الإرهابية ذات المذاهب والطوائف المختلفة.
سوريا التي كانت تنبض بالحياة لا تزال تمتلك من الإمكانيات ما يُعيدها إلى مكانها و مكانتها الطبيعية بشرط أن تتجاوز
مرحلة العبث فى أسرع وقت حتى لا تتكرر مأساة البعث مرة أخرى ، وحتى لا تذهب لا قدر الله كما ذهبت إليه ليبيا