عبد الناصر البنا يكتب : وهل مصر فى حاجة إلى المزيد من الأحزاب السياسة ؟

بعد أنتم الإعلان عن تدشين حزب جديد فى مصر يحمل إسم ” أتحاد مصر الوطنى ” ويضم كما قال البيان شخصيات كبيرة ووزراء سابقين ومشايخ وناس ” كُباره ” كتير تمهيدا للإنتخابات البرلمانية القادمة ، السؤال الذى دار فى خاطرى هو : وهل مصر فى حاجة إلى المزيد من الأحزاب السياسية ؟
على أرض الواقع مصر اليوم فيها 87 حزب سياسى ، فى عام 2013 برز على الساحة ” حزب حماة الوطن ” الذى تأسس على يد الفريق جلال هريدي مؤسس قوات الصاعقة المصرية ومجموعة من الضباط المتقاعدين ، وفى عام 2014 برز أيضا على الساحة ” حزب مستقبل وطن ” الذى تأسس على يد أعضاء في إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع المصرية ، أما بقية الأحزاب الساسية فى مصر ظلت على أرض الواقع أحزابا كرتونية كما كان يطلق عليها فى العهد البائد .
وبمناسبة الحديث عن العهد البائد تظل صورة ” الحزب الوطنى الديمقراطى ” ماثلة أمام الأذهان بوصفه أشهر حزب سياسى مصرى منذ تأسيسة رسميا عام 1978 بعد حل الاتحاد الاشتراكى ، وحتى سقوطه وحله عقب أحداث ثورة يناير 2011 ، والحقيقة أنه بقدر ما أفسد الحزب الوطنى الديمقراطى الحياة السياسية فى مصر ، بقدر ماكان به من قامات يمكن أن نطلق عليهم معلمين فراودة فى السياسة والإقتصاد والحياة النيابية وترزية قوانين لايشق لهم غبار ، كانوا ناس فهلوية بجد !!
فى إنتخابات 2020 حصد حزب ” مستقبل وطن ” على الأغلبية داخل البرلمان المصرى وحصل على 315 مقعدا ، ولكن على مستوى رجل الشارع هناك العديد من الملاحظات على آداء هذا الحزب وغيره من الأحزاب بالطبع ، وأعتقد هنا مربط الفرس ، قد يكون تدشين الحزب الجديد وهذه ” وجهه نظر ” مجرد بارقة أمل جديدة كونه بديلا عن أحزاب كانت الآمال معقودة عليها فى القيام بدورها الذى سيأتى لاحقا ، لكنها خيبت ظن القيادة السياسية وظن المواطن المصرى فيها ، ولا أريد أن أسهب عما حدث منها فى الانتخابات الأخيرة .. وغيرها !! .
درسنا فى كليات الحقوق فى مادة القانون الدستورى عن أهداف الأحزاب ودورها ، وجاءت أهدافها فى ” إرساء النظم الديمقراطية ــ المشاركة السياسية في الحكومة بناء على برنامج الحزب ــ المشاركة في صنع القرارات السياسية الداخلية والخارجية ــ تفعيل دور المعارضة ــ دفع الإقتصاد وتقليل الفقر ورفع مستوى دخل الفرد والأسرة من أجل تحقيق حياة كريمة للمواطن .. إلخ .
أما مهامها ووظائفها فهى ” تفعيل الحياة السياسية ــ وتشكيل الرأى العام ــ ونشر الاستقرار السياسى ـ والأهم هو إعداد كوادر قادرة على العمل السياسى وتأهيلهم لشغل الوظائف العامة . ” والحقيقة أننى بحثت فى كل الأحزاب الموجودة على الساحة فى مصر ، ولم أجد دورا واحدا لـ حزب من الأحزاب الموجودة ، وحتى بالبحث فى النظام الحزبى لم أجد لا نظام ” الحزب الواحد ” كما كان يفعل ” فوريجية ” الحزب الوطنى الديمقراطى ، أو ” ثنائية الأحزاب ” كما شاهدناها فى الإنتخابات الأمريكية ، وأعود لـ أذكر أنه فى هذا النظام يتنافس على السلطة السياسية حزبين سياسيين ” الجمهورى / الديمقراطى ” ويقوم كل حزب بترشيح الرئيس ، وبعد إجراء الانتخابات يحصل أحد الحزبين على السلطة ، وفي المقابل يشكل الحزب الآخر المعارضة للنظام .
ولو نظرنا إلى أى نظام ديمقراطى فى العالم نجد أنه لايستقيم إلا بوجود ” المعارضة السياسية ” ، ودعونى أتوقف
عند هذا المصطلح قليلا . فالمعارضة السياسية هى شكل من أشكال الديمقراطية ، وهى تعتبر حقا من حقوق
الانسان الأساسية فى معظم البلدان الديمقراطية ، وأحيانا تتخذ المعارضة شكل عدم الرضا عن سياسة الهيئة
الحاكمة ومعارضتها ، ومعارضة الحكومة ، أو فضح الفساد وعدم الكفاءة .. إلخ .
وقد تتخذ المعارضة شكل ” اليمين ـ الوسط ـ اليسار ” وأقصى اليمين وأقصى اليسار ، وقد يتشكل منها البرلمان
والحكومة ، وهى التى تراقب آداء السلطات فى الدولة ، وتقوم بدورها الرقابى على الوجه الأكمل على المؤسسات
دون تضييق . وهذه هى الحياة الحزبية التى يستقيم بها النظام الديمقراطى ، وهى الحياة التى يبحث عنها المواطن
فى دول العالم الثالث ، لا عن حزب تصل ” فيزيتا ” حصول العضو من أعضاءه على مقعد فى البرلمان بالملايين ، أو
حزب ترفع لافتاته على سيارات الأغذية ، وخطوط المينى باصات فى الشوارع والميادين ، او المؤتمرات الجماهيرية
التى لاتقدم ولا تؤخر وكل الهدف منها المظاهر الكدابة !!
إن من الخطأ الجسيم أن يكون هذا هو حال الأحزاب السياسية فى دولة بحجم جمهورية مصر العربية الدولة المحورية
فى منطقة الشرق الأوسط صاحبة التاريخ العريق فى الحياة الحزبية والنيابية ، التى يشهد لها القاصى والدانى ،
وما يقال عن الأحزاب السياسية فى مصر ، يقال عن ” البرلمان” وقد شارف دور الانعقاد الـ 5 والأخير من الفصل
التشريعي الثاني على الانتهاء لـ تجري بعده فى العام 2025 إنتخابات جديدة لمجلس النواب فى مصر . والسؤال
الذى يطرح نفسه أيضا أين البرلمان ؟ ولعلنا جميعا نتذكر برلمانات مصرية كان لها صولات وجولات مثل برلمان ”
م.سيد مرعى ـ د.صوفى أبوطالب ـ د.رفعت المحجوب إنتهاءا بالدكتور أحمد فتحى سرور ” وأين نواب المعارضة فى
البرلمان الحالى أمثال المستشار ممتاز نصار على سبيل المثال ، أين نواب الوفد بكل صولاته وجولاته ؟
لعل فى تدشين الحزب الجديد بارقة أمل فى إصلاح الحياة السياسية فى مصر بعد الترهل الذى أصابها وأصاب معه
العامة والخاصة بنوبة من الـ إحباط الشديد ، وتظل حالة من القلق والترقب الشديد تسود الأوساط السياسية فى
المجتمع المصرى إنتظارا لما يسفر عنه التشكيل الجديد للحزب الذى يحمل إسم ” أتحاد مصر الوطنى ” خاصة بعد
الإنتقادات الشديدة التى وجهت لما يسمى ” إتحاد القبائل العربية ” الذى جاء كما قيل تلبية لـ متطلبات المرحلة
الراهنة ، وأنا أعتقد أن إنخراط شخصية مثل إبراهيم العرجانى وغيره من الأسماء التى ذكرت ، هو إرضاءا للرأى العام
الذى رفض فكرة إتحاد القبائل العربية ونادى بتأسيس حزب سياسى .. ولعلها بداية خير لمصر والمصريين جميعا ..
حفظ الله مصر .