الدكتور هيثم الطواجني يكتب : لغتنا العربية .. ومحاولات طمس هويتنا وثقافتنا 

الدكتور هيثم الطواجني

استوقفنى فيلم تسجيلي عن القاهرة في أربعينات القرن المنصرم تظهر فيه شوارع العاصمة المصرية الجميلة في ذلك الوقت البعيد،

وكانت ملاحظتي الأولى أثناء المشاهدة أن اللافتات الموجودة مكتوبة أما باللغة العربية وهذه يمتلكها المصريون، أو بلغات أخرى كالإنجليزية و الفرنسية والإيطالية وغيرها من اللغات تعود لملاكها من الاجانب،

مما يدلل على تمسك أجدادنا بهويتهم وتشبثهم بلغتهم ولهجاتها المختلفة، وعدم استخدام لغة المحتل تحت أي ظروف،

ولن أغالي اذا ما قلت أننا مازلنا حتي هذه اللحظة نعاني من عدم تمكنا من اللغة الانجليزية بشكل جيد عدا المتخصصين منا، بينما باقى الدول التي رزحت تحت نير الاستعمار الانجليزي تتحدث بالإنجليزية أو علي أقل تقدير تستخدم المفردات والالفاظ الإنجليزية ممزوجة بلغتها الأصلية،

بينما لم نتقنها أو نمزج كلماتها مع لهجتنا المصرية، واذا ما دققنا في ماضي أجدادنا في تلك الفترة سنجد أن أبناء بعض الطبقات (الأرستقراطية) من الشعب المصري تقدم علي استخدام اللغة الفرنسية عوضاً عن لغة المحتل وفشلت كل محاولات الإنجليز فى تغيير هوية المصريين ولغتهم علي مدار 74 سنة جثمت فيهم بريطانيا بسياسيها وجيوشها علي وادى النيل،

ولكنني اصطدمت بالأجيال الجديدة من الشعب المصري التي تتنازل طواعية عن لغتنا الأم، وتمزج المفردات العربية بالإنجليزية في أحاديثهم اليومية مبتكرين لأنفسهم لغة مختلطة يتفاهمون بواسطتها فيما بينهم، وكأن اللغة العربية فقيرة أو ليس بها ما يكفي من مفردات وكلمات، بل راعني أن أغلب أسماء شركاتنا ومحلاتنا التجارية أصبحت تسمى بلغات أجنبية أغلبها إنجليزية وقليلاً ما تجد أسم شركة باللغة العربية في وقتنا الحالي،

والأغرب من وجهة نظري أن شعوباً عديدة تدين بالإسلام ولا تتحدث اللغة العربية وتحاول تعلمها علي الرغم من

صعوبتها والبعض منا يهجرها طواعية.

– واسمحوا لي بأن أعقد مقارنة بسيطة بين لغتنا العربية التي تتكون من 16 ألف جذر لغوي مشكلة

12,302,912 كلمة أو أكثر وبين اللغة الإنجليزية التي بها 3000 جذر لغوي وحوالي 600,000 كلمة ومن هذه المقارنة

البسيطة الواضحة نجد أننا اللغة العربية غنية بالكلمات والمرادفات بما يقارب 20 ضعفا   مقارنة بأكبر اللغات الأوروبية

من حيث عدد الناطقين بها وأكثرها كلمات.

– وحقيقة أنا لا أستطيع أن أحدد سبباً واضحاً لما أسلفته، ولكني أراه خطراً داهماً علي هويتنا الثقافية، وانتمائنا

الحضاري، وتقاليدنا العريقة، وهو ما تمسك به شعبنا العظيم على مدار تاريخنا الطويل الممتد عبر الاف السنين،

وليس هذا الخطر الداهم بأيادي أعدائنا بل قادم من أفكار البعض منا، فواجب علينا أن نتشبث بلغتنا وهويتنا وتقاليدنا

وثقافتنا ولا نسمح بممارسة الأخرين لأي وسيلة من وسائل الغزو الثقافي علينا، ففي تمسكنا بلغتنا العزيزة ولهجتنا

المميزة خلال استخداماتنا الحياتية واليومية لأبلغ رد على من يحاولون طمس تلك الهوية المتفردة.

  كاتب المقال خبير الشئون الاستراتيجية والسياسية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.